حصلت الباحثة المصريّة “دينا دياب” الصّحفية بجريدة الوفد على درجة الماجستير بتقدير امتياز من المعهد العالي للنّقد الفنيّ ،في أكاديميّة الفنون، عن رسالتها التي جاءت تحت عنوان «توظيف الكائنات الخارقة في البناء القصصيّ في أدب نجيب محفوظ».
ناقش الرسالة أ.د. أحمد بدوى عميد معهد النقد الأدبي، الأسبق «مشرفاً»، أ. د. حسن عطية عميد المعهد العالي للفنون المسرحية الأسبق مناقشاً من الخارج، أ.د. حسن يوسف أستاذ الفلسفة وعلم الجمال مناقشاً من معهد النّقد الفنيّ. وقد أشاد المناقشون بأهمية الطّرح العلميّ الذي حملته الرسالة، مؤكّدين أنّ الدّراسة تلقي الضّوء على أهمية الجنّ والعفاريت والشّياطين والمردة بوصفها كائنات خارقة، في أدب نجيب محفوظ، وتغلغل وجود هذه الكائنات في ذهنيّة المجتمع المصريّ، واعتقاده بها وبقدراتها في حل مشكلاته وتحقيق أمانيه.
وأكدت الباحثة في دراستها أن الأدب القصصي لدى نجيب محفوظ احتوى على عدد كبـير من الموروث الشعبي، تمثـل في المعتقـدات والمعارف الشعبية، مثـل الاعتقاد بأعمال السحر، والكائنات الخارقة، والطب الشـعبي، والأولياء، والأحلام، والعادات والتقاليد الشعبية، ودورة حيـاة الفـرد، وعلاقـة الفـرد بـالمجتمع، وغــير ذلك.
وقالت: «استخدم محفوظ الكائنات الخارقة للقدرة على توظيف المتخيل الشعبي والخرافي والاستلهام من القصص “القرآني والديني”، إضافة إلى براعة استخدام اللغة والمنجز الصرفي، والدمج المحكم للغة العلوم، والاستفادة من المخترعات التكنولوجية الدقيقة والإنسانية، وإخضاعها لقوة الخيال، والتمرس في وضع الألغاز وحلها، كل ذلك المزيج الفائق التعقيد يوضحه استخدام الكائن الخارق في قالب واحد هجين».
واتخذت الدراسة العديد من الأمثلة للدلالة على ذلك، منها أعمال محفوظ «كفاح طيبة»، و«رادوبيس»، ونموذج الحارة في الثلاثية (بين القصرين، قصر الشوق، والسكرية).
وأشارت الباحثة إلى ندرة الدراسات التي تناولت جانب الأسطورة والخرافات والكائنات الخارقة في أدب محفوظ، ولعل كتاب «الأسطورة في أدب نجيب محفوظ» للكاتبة د.سناء الشعلان من الكتب الرائدة في هذا المجال، وهو يُعنى بدراسة توظيف الأسطورة في بعض روايات نجيب محفوظ، وتحليلها، وتفكيك رموزها، وصولاً إلى الإحالات والتأويلات التي تنفتح عليها.
وكان قد صدر كتاب الشعلان حول نجيب محفوظ في عام 2006 عن نادي الجسرة الاجتماعي الثقافيّ القطري،وهو يقع في 429 صفحة من القطع الكبير،ويتكون من 8 فصول.وقد قدمت سناء الشعلان هذا الكتاب بعد أن نالتْ عليه درجة الدكتوراه بدرجة الامتياز في الجامعة الأردنية في عمان/الأردن .وهذه هي الأطروحة الأخيرة التي قدّمت لنيل درجة علمية عن نجيب محفوظ في حياته قبيل رحيله بفترة وجيزة.
وكتاب« الأسطورة في روايات نجيب محفوظ» يتكوّن من ثمانية فصول، ويُعنى بدراسة توظيف الأسطورة في بعض روايات نجيب محفوظ، وينطلق من أهميّة رصد الأسطورة، و تحليلها، وتفكيك رموزها وصولاً إلى الإحالات والتأويلات التي تنفتح عليها، لا سيما أنّ توظيف الأسطورة هو أحد الأشكال، التي تؤلّف المشهد الروائي عند نجيب محفوظ، الذي يطالعنا بثروة روائية ضخمة، وبحالة إبداعية روائية متفرّدة كمّاً ونوعاً، جعلته قبلة للدراسات، لا سيما أنّ كلّ جانبٍ أو ملمح من ملامح نتاجه الروائي يستحق الوقوف عنده دراسةً وتمحيصاً.
وقد جاء الفصل الخامس منه بعنوان (الكائنات الأسطوريّة) الذي انطلقت الشعلان فيه من أنّ الكائن الأسطوري يضطلع بتمثيل دور وظيفي ثلاثي في الرواية التي تستحضر أو تخلق الكائن الأســطوري، فهو من ناحية أولى يشـكّل ركناً من أركان العالم الأسطوري، ومن ناحية ثانية يعزّز فكرة الإيهام، واختراق قيود العالم المعاش، ومن ناحية ثالثة يحقّق دوراً ترميزياً يكمّل لوحة الترميز التي تستحضرها الرواية عبر استثمار المنجز الأسطوري.
وقالت دياب إنّ «اختيارها لموضوع رسالتها جاء للتعرف على الكائنات الخارقة (المارد، الشيطان، الجن، العفريت) في أدب نجيب محفوظ، ولمس التحرر في الكتابة من خلال توظيفه لهذه الكائنات، على أنها الحرية التي أراد البحث لمسها في ذلك الكيان الفني، فالحرية ليست فقط نتيجة لظلم أو تعسف سياسي، اجتماعي أو غيره، بل أيضاً الرغبة في التحرر من قبضة تلك الأسس التي تسيطر على العمل الأدبي رغم أنفه».
وأضافت الباحثة أنهّا أرادت كذلك التعرف على الأسباب التي دفعت المبدع إلى تغيير البطل، فبعدما كان إنسانا عاديا أصبح في صورة جن، أو شيطان، أو عفريت، أو مارد يمتلك قدرات خارقة لا يملكها البطل الكلاسيكي.