إذا أردت تحديد الثوابت التي تتحرك عليها السياسة التركية منذ تولي حزب الحرية و العدالة الحكم في تركيا فستجد أنه لاشيء تقوم به تركيا إلا و قامت بالشيء النقيض له فهي تحاول تصدير صورة العودة للخلافة الإسلامية الرشيدة بقيادتها و هناك الكثير من الناس يصدق هذه السياسة و يصل الأمر بالبعض منهم إلي وصف اردوغان بأمير المؤمنين و تركيا في نفس الوقت هي الحليف الإستراتيجي لعدو الإسلام و المسلمين إسرائيل وبينهما أكثر من عشرين اتفاقية أمنية و عسكرية و مخابراتية لم تتوقف حتى أثناء الأزمة الكبيرة التي عكرت صفو العلاقة بين تركيا و إسرائيل في ٢٠١٠ وهي حادثة الهجوم علي السفينة التركية مرمرة التي أرادت كسر الحظر علي غزة و قتلت القوات الخاصة الإسرائيلية عددا من الناشطين الأتراك و شاهد الملايين علي شاشات الفضائيات تلك الأحداث ثم بعد أن نسي الجميع هذه الواقعة عاد السفير التركي إلى إسرائيل مرة أخري.
و لم تقتصر الاتفاقيات بين تركيا و إسرائيل علي النواحي الأمنية و العسكرية و المخابراتية فقط ولكن هناك اتفاقيات التعاون في مجال الزراعة و الري و بناء السدود والتي تشمل بناء ٢١ سد علي الأنهار في تركيا و بدون أي تنسيق مع سوريا أو العراق و هما دولتا المصب لتلك الأنهار مما تسبب في أضرار فادحة للزراعة في كلتا الدولتين ولا يخفي علي المتابع للسياسة التركية أنها تحتضن حركة حماس في فلسطين رغم أن إسرائيل لا يمر يوما دون أن تقتل أو تعتقل فلسطينيين من غزة أو تدمر منازلهم فلا تسمع صوتا للدولة التركية و إذا راجعت الشعارات التي ترفعها فستجد أنها تزيد عندما يبدأ أي هجوم صهيوني علي غزة ولكن لاشيء أكثر من هذا إلا زيادة الشعارات و إذا تأزمت الأمور فمن الممكن سحب السفير التركي من تل أبيب وهذا كله لا يمنع من تزايد معدلات التصدير و الاستيراد بينها و بين الكيان الصهيوني حتى وصلت إلى أكثر من ٤ مليارات دولار و مازالت اتفاقيات تصدير الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر أوروبا قيد التنفيذ و زيارات وزير الطاقة التركي إلى إسرائيل لا تنقطع من أجل الإسراع باستكمال هذا المشروع .
كثيرة هي تفاصيل العلاقة بين تركيا التي تروج أنها حاملة لواء الأسلاك و حاكمها هو الغيور علي كل المسلمين و تروج أنها المدافع الأول عن الفلسطينيين في غزة و كلما تعمقت في البحث في تفاصيل الاتفاقيات بين تركيا و إسرائيل تتأكد أن السياسة لا أخلاق لها و لكن ليس من حقها أن ترتدي ثوب الدين لتخدعنا.