مقابل الانتشار الكبير للصفحات العبرية التي تهدف لتعليم اللغة العربية للجمهور الإسرائيلي بدولة الاحتلال، انطلقت حديثاً مبادرة تحمل رسالة الدين الإسلامي للناطقين بالعبرية عبر صفحات التواصل الاجتماعي، معتمدةً طرقاً بسيطة خلقت تفاعلاً إيجابياً غير متوقع من اليهود الراغبين في التعرّف على الدين الإسلامي بسياق منفصل عن السياسة.
إذا بحثت في فيسبوك على صفحة “حديث في اليوم” بالعبرية، ستجد عدداً من المنشورات باللغة العبرية التي تحمل أحاديث نبوية صحيحة مترجمة بدقّة فائقة من اللغة العربية، مع شرح لها والتعليق عليها وذكر مصدرها، وإرفاق الرابط الأصلي للحديث باللغتين العربية والإنجليزية.
وتتنوع الأحاديث في مضمونها وتنقل الجانب الذي يغفله الإعلام بشكل مقصود؛ لأن نشره يتحدى الصورة النمطية السلبية التي يهدف الإعلام والسياسيون لنشرها عن الإسلام والمسلمين. فمن الأحاديث الواردة في الصفحة على سبيل المثال حديث عن آداب الطعام، وحديث آخر عن أهمية إمساك اللسان عن النميمة والفساد في الأرض، وأحاديث أخرى تبث معاني الرحمة والمحبة وآداب المعاملة بين الناس.
إلى جانب فيسبوك، يدعو القائمون على الصفحة الجديدة المتابعين المهتمين بطرح أسئلة عامة حول سيرة النبي محمد وحياته، إلى الاتصال عبر برنامج سكايب في وقت محدد كل أسبوع، بما يشبه الدرس التعريفي بالسيرة النبوية والدين الإسلامي. كما افتتحت الصفحة حديثاً حساباً على موقع إنستغرام الخاص بالصور، ليشمل جمهور المهتمين هناك أيضاً.
وكما أن موضوع الصفحة ليس مألوفاً ولا عادياً، فكذلك قصة من تقف وراءها أيضاً. فبحسب حديث مع صاحبة المبادرة فهي امرأة ثلاثينية، يهودية النشأة، اعتنقت الدين الإسلامي قبل عقد تقريباً، وسمّت نفسها “آية” ودرست الدين الإسلامي من مصادر باللغة الإنجليزية حتى قررت إعلان إسلامها لاحقاً.
أكدت آية، أن الهدف من الصفحة هو نشر رسالة الدين الإسلامي بين متحدّثي العبرية، وذلك تطبيقاً للآية القرآنية: “ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة”. ونظراً لانعدام المبادرات التي تخاطب اليهود فيما يخص الإسلام، لاقت صفحة آية تفاعلاً كبيراً وكشفت اهتماماً عميقاً للكثير من اليهود بالإسلام، ومطالبات لترجمة الأحاديث والقرآن الكريم، ولإرفاق الأحاديث باللغة العربية إلى جانب الترجمة، مما بيّن الفضول الكبير الذي لا بد من استثماره إيجابياً لنشر الرسالة، بحسب آية.
تقوم آية من خلال الصفحة بترجمة أحاديث نبوية صحيحة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العبرية، ولتحرّي الدقة تطلب المساعدة من بعض الأصدقاء المسلمين العرب ليقوموا بتدقيق الترجمة والتأكد من صحتها. وفيما يخص تساؤلات المتصفحين تهتم آية بنقلها إلى جهات أكثر علماً بالدين في الداخل الفلسطيني، ومن ثم تلقي الإجابة وإرفاقها.
وعن توسيع المبادرة لتصبح عبر برنامج سكايب، قالت آية إنه من المخطط أن تبدأ الدروس التفاعلية والمباشرة عبر سكايب، الخميس، وأن تستمر أسبوعياً لمدة ساعتين. ولاحقاً سوف تقوم باستضافة شخصيات علمية ودينية معروفة في الداخل الفلسطيني؛ لتجيب وتناقش أسئلة المشاركين من اليهود المهتمين بالإسلام.
وعن اعتناقها للإسلام قبل 10 سنوات تقريباً، أكدت آية أن ذلك سبقه اهتمام كبير بالدين الإسلامي، على الرغم من أنها لم تكن يهودية متدينة وسكنت مدينة لا يقطنها العرب إطلاقاً، بل جل سكانها من اليهود المتدينين جداً، إلا أن اهتمامها بدأ عندما رأت بعض الآيات القرآنية التي لم تفهمها؛ لكونها لا تتقن العربية، وبدأت بالبحث لفترة طويلة حتى توصلت لقرار اعتناق الدين، ومن ثم تزوجت بشاب مسلم واختلطت أكثر بالمسلمين والعرب.