- أهم الأخبارنون والقلم

سامي أبو العز يكتب: توسلات طالبة..وجبروت استاذ جامعي

التعليم في مصر منظومة مأساوية تحتاج ليس لـ «التفوير» فقط وإعادة الهيكلة وإنما تحتاج للنسف والبدء من جديد وفق منظومات علمية متطورة من القاع وليس من القمة.. نحن بحاجة إلى معجزة وعمل دءوب لنعيد للتعليم هيبته ولكن هذه المرة مطلوب ألا يكون التركيز على الطالب المتلقي فقط ولكن على المُلقن نفسه كان مدرساً أو أستاذاً في الجامعة.

ما حدث في جامعة المنصورة كارثة إنسانية تكشف عن قلب أستاذ تحجر وماتت بداخله النخوة والأبوة والمروءة والشهامة..الأستاذ المبجل مربي الأجيال ومعلم فرسان المستقبل وملقن تلاميذه القيم والأخلاق، رفض دخول طالبه الحمام أثناء تأديتها الامتحان، وفشلت كل توسلاتها البريئة المغلفة بالخجل أمام زملائها أن تشفع لها، وزادت دموعها أستاذها المبجل عنداً وجبروتاً فاق الحدود، فكلما ازدادت ضعفاً أزداد شماتة وترقباً.

غلف الصمت المكان وسيطر الذهول على الموقف وتوقف نبض قلوب الطلاب خوفاً على زميلتهم غير مصدقين للمشهد المأساوي الذي باتت فيه زميلتهم وباءت كل التوسلات بالفشل وتجمدت الأبوة في قلب المربي المثل والقدوة..ثلاث ساعات كاملة، وكانت النتيجة صادمة للجميع..الطالبة الجامعية تبولت لا إرادياً على نفسها في مشهد مأساوي لا يحدث في أعنف القصص الدرامية..إنها الدراما المأساوية التي تجعلنا جميعا ندفن رؤوسنا في الرمال خزياً وعاراً.

يا سادة.. ما حل بالطالبة ليس موقفاً عابرا نتوقف عنده بمصمصة الشفاه وقليل من الحزن العابر..ما حدث إنذار خطر لحال التعليم في مصر وجبروت المهيمنين على العملية التعليمية الذين يتولون هذه المناصب بالشهادة والواسطة والاختيارات غير الموفقة دون عرضهم على معالجين نفسيين من فترة لأخرى لإبعاد الجانحين منهم عن تلك الأماكن المقدسة فقد تعلمنا منذ نعومة أظافرنا أن المعلم كاد أن يكون رسولاً!!

مياه الخجل والمرض والخوف التي خرجت من الطالبة لا إرادياً كشفت عورات تعليمية وأخلاقية وأسقطت عن عوار العملية التعليمية ورقة التوت، ووضعتنا أمام مسؤولية أخلاقية وإنسانية تتطلب التدخل الفوري من كافة الجهات المعنية، فالطالبة تحتاج بعدما تعرضت له لعلاج نفسي قد يطول..أما الأستاذ الجامعي ومن على شاكلته فإنهم يحتاجون لعقاب رادع مع ضرورة عرضهم بصفة دورية لاختبارات نفسية تؤكد استمرارهم في التدريس أو تحويلهم لوظائف إدارية.

المدرس الهمام علق على المصيبة التي أرتكبها بأنه كان يخشى أن تذهب الطالبة للحمام في محاولة للغش، علماً أن هناك العديد من الإجراءات التي يمكن اتخاذها لتلافي هذا الأمر إن وجد، إنه عذر أقبح من ذنب ومبرر غير مقبول وتحايل للهروب من المسؤولية.

وزير الدكتور التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور خالد عبد الغفار، انتفض من هول الحادثة، وأصدر قراره  لرئيس جامعة المنصورة الدكتور أشرف عبد الباسط، بإحالة مدرس بكلية الآداب بالجامعة، إلى التحقيق، واستبعاده من كافة أعمال المراقبة والكنترول، على خلفية قيامه بمنع طالبة من دخول الحمام، أثناء أدائها للامتحان، مما تسبب في تبولها على نفسها..التحرك سريع لكن الرأي العام لن تسكنه العقوبات الإدارية ولكنه يحتاج قرارات رادعة بحجم الكارثة.

باختصار..تعنت الأستاذ الجامعي بجامعة المنصورة وعضو هيئة التدريس المبجل ورفضه لتوسلات طالبة بكلية الآداب وصرخاتها ودموعها أثناء تأديتها الامتحان لدخول الحمام ما أضطرها للتبول لا إراديا داخل اللجنة وسط ذهول زملائها، أدمى قلوب الآباء والأمهات وزرع اليأس في قلوب الجميع من إصلاح منظومة تعليمية بائسة أكل منها الزمان وبال معلنا خيبة أمل وإحباط في تجسيد واضح لمأساة ينفطر لها الجبين..لكِ الله يا مصر.

للمزيد من مقالات الكاتب أضغط هنا

 

 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى