ويسألونك عن الإرهابي هشام عشماوي، قل إن خير وصف له ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم عليهم (سيقرأ القرآن رجال لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية)، بل ويصرون على جهلهم وبعدهم عن الحق ادعاء منهم أن ذلك باسم الدين ولمصلحته، وهم بالأصح يحاربون الدين وأهله؛ أنه سلسال الخوارج في أيامنا عاشقي تكفير المسلمين، محبي سفك الدماء، وانتهاك الحرمات، أنه نسخة جديدة من عبدالرحمن بن ملجم؛ أتعس الناس قاتل النفس المعصومة، نفس علي بن أبي طالب، المجمعة الأمة على فضله، وللأسف كان يظن أنه بعمله هذا يتقرب إلى الله!..
وما أشبه الاثنين فعشماوي ربى في مدرسة الجندية المصرية وكان أحد ضباطها؛ وأبن ملجم كان ربيب لعلي بن أبي طالب رضي الله ولكنه قتله!
ولعل القبض على عشماوي تعيدنا إلى التمسك بقضية تجديد الخطاب الدينى فللأسف أن أمهات الكتب التى يستعين بها هؤلاء الخوارج تحتاج الى مراجعة وليس فى هذا عيبا؛ فالأمام على بى طالب بوابة العلم؛ لديه حكمة شهيرة، مفادها أن القرآن الكريم حمال أوجه، وفي فهم هذه الحكمة مفتاح لمعرفة سر التفاوت في فهم القرآن الكريم بين الناس، خصوصاً بين الذين يتبنون موقفاً سياسياً مضاداً.
قد يتعجب البعض أن عشماوى تلطخت يداه بأرواح المصريين وجنودها البواسل بعمليات إرهابية خسيسة كان هو العقل المدبر لها. ونفذ حادث كرم القواديس، واغتيال ضابط الأمن الوطنى الشهيد محمد مبروك، كما ارتبط بخلية عرب شركس، وقام بالتخطيط لحادث استهدف أتوبيس المسيحيين بالمنيا فى عام 2017، وهو العقل المدبر لعدة هجمات فى شمال سيناء والتى استهدفت الجيش المصرى.وخطط ونفذ حادث اشتباكات الواحات البحرية أكتوبر 2017، الذى راح ضحيته 16 شهيداً من ضباط الشرطة. وأبن ملجم قتل الأمام علي بضربة سيف وهو يردد قول الله تعالى :((و من الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد)).
كليهما تلقاهما الخوارج واستغلوا تشددهم ليتم تحويلهما لصالح أهداف الخوارج؛ فعشماوى كانت أفكاره متشددة جعلته صيدا سهلا للجماعات الإرهابية، فهو الداعى إلى تكفير الحاكم وشرعية الخروج عليه، وتغيير نظام الحكم بالقوة والاعتداء على القضاة وأفراد القوات المسلحة والشرطة ومنشآتهما، واستباحة دماء المسيحيين واستحلال أموالهم وممتلكاتهم ودور عباداتهم واستهداف المنشآت العامة والأجنبية.
وابن ملجم غذى فكره الخوارج؛ وقال عمران بن حطان السدوسي يمدح ابن ملجم في قتلـه أمير المؤمنين علياً رضي الله عنه:
يَا ضَرْبَةً مِنْ تَقِيَ مَا أَرَادَ بِهَا * * * إلاَّ لِيَبْلُغَ مِنْ ذِي العَرْشِ رِضْوَانا
إنِّي لأَذْكُرُهُ يَوْماً فَأَحْسَبُهُ * * * أَوْفَى البَرِيَّةِ عِنْدَ الله مِيزَانا
أَكْرِمْ بِقَوْمٍ بُطُونُ الطَّيْرِ أَقْبُرُهُمْ * * * لَمْ يَخْلِطُوا دِينَهُمْ بَغياً وَعُدْوَانا
والمطلوب الأن العمل على معرفة الأفكار التى غزت عقل هشام لتحوله من ضابط بالجيش المصرى إلى الانضمام إلى تنظيم القاعدة فى 2012 بعد إحالته للتقاعد؛ ليصبح بعد ذلك أحد مؤسسى أنصار بيت المقدس وأمير فى تنظيم المرابطين والملقب باسم «أبو عمر المهاجر». وخاصة أننا لم نستطع الوصول الى الحلقة المفقودة التى حولت عبد الرحمن بن ملجم قاتل ومتطرف رغم أنه كان إنسانا تقيا زاهدا صالحا، أرسله عمر بن الخطاب إلى مصر رضي الله عنه تلبية لطلب عمرو بن العاص رضي الله عنه، حيث قال: يا أمير المؤمنين أرسل لي رجلا قارئا للقرآن يقرئ أهل مصر القرآن. فقال عمر بن الخطاب: أرسلت إليك رجلا هو عبد الرحمن بن ملجم من أهل القرآن آثرتك به على نفسي -يعني أنا أريده عندي في المدينة لكن آثرتك به على نفسي- فإذا أتاك فاجعل له دارا يقرئ الناس فيها القرآن وأكرمه.
فنحن بحاجة للتدخل في الجريمة قبل وقوعها، لنستفيد من اطروحات الأبداع ؛ ليعرف الناس منحنى التحول؛ فهناك أسباب عدة تجعل هؤلاء يمضون خلف الخوارج الذين أفسدوا كثيرا من شباب المسلمين؛ ظنا أن ما يفعلونه في سبيل الله. فما اشبه قتل ابن ملجم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قربة لله. مما فعله هشام العشماوى بالمصريين وجنودهم .