رسبت وزارة التربية والتعليم بجدارة وتحول «السيستم» العملاق إلى نعامة تدفن رأسها في الرمال خجلا من الطلاب والمدرسين وأولياء الأمور وجميع المراقبين للعملية التعليمية.
التجارب الجديدة يتم الإعداد لها مسبقا وبصورة محكمة، وتأخذ جميع فتراتها التجريبية لتتخطي الصعاب وتحقق النتائج المرجوة بما في ذلك توفير الاعتمادات المادية اللازمة، والتنسيق مع الوزارات المعنية، والأهم أن يكون لها مجلسا خاصا يضم ممثلين لجميع الجهات، ويملك كافة الصلاحيات اللازمة مع وجود إدارة للأزمات تتغلب على الصعاب دون شعور الفئات المستهدفة بوجود كارثة.
ما معني أن يدخل طالب الامتحان بأعصاب متوترة بعد أيام عجاف حصد خلالها الخوف والهلع والفزع عبر تجارب فاشلة لسيستم في غيبوبة لا يفيق منها أبدا.. ومع ذلك كنا نأمل أن يجد الطلاب اليوم ما يثلج صدورهم ويخفف عنهم وعن أولياء أمورهم الضغوط ويأمن الجميع لمستقبل أفضل، إلا أن ما توقعه الطلاب من أسوأ السيناريوهات حدث بالفعل.
تلقي الطلاب التعليمات الصارمة التي أثارت شجونهم وألهب صدورهم وهزت الأرض من تحت أقدامهم« الآن سنبدأ الامتحان.. جربوا التابلت.. إذا السيستم اشتغل سوف نتمم عليه الامتحان، وإذا فشلتم في الوصول إلى السيستم سوف يكون الامتحان ورقيا، وإذا وإذا وإذا…»
توالت المفاجآت تباعا السيستم أشتغل.. السيستم وقع.. اتركوا السيستم إلى الورقي.. عودوا للسيستم من جديد، وقضى الطلاب أوقاتهم خلال اللجنة هرولة وراء السيستم الذي عمل على طريقة «رايح جاي».
يا سادة.. ما حدث كارثة حذرنا منها وحذر غيرنا كثيرا وهدفنا الأول مصلحة الوطن ومصلحة الطلاب، وطالبنا بعدم التسرع وضرورة التخطيط الجيد.. نحن لسنا ضد التطوير ولكننا ضد العشوائية وسياسة الأمر الواقع.
صفر وزارة التربية التعليم الذي حصلت عليه بجدارة اليوم لا يجب أن يمر مرور الكرام، فأبناؤنا الطلاب ليسوا فئران تجارب، ومستقبلهم لا تفاوض عليه ولا تفريط في حقوقهم.
ضحايا التطوير ضاعت منهم سنة دراسية كاملة لم يتدربوا خلالها ولم يستفيدوا منها ومحصلاتهم الدراسية ضعيفة جدا، وملايين الجنيهات التي طارت هنا وهناك تدخل في باب إهدار المال العام.
المتضررون ثلاث فئات.. أولهم الطلاب المهددون بضياع مستقبلهم، أما الفئة الثانية فهم أولياء الأمور الذين تنفطر قلوبهم على مستقبل أبناؤهم، أما الفئة الثالثة فهي الوطن الذي تهدر ثرواته البشرية وعلماء مستقبله بهذه الصورة.
والسؤال الأهم إننا نعلم جيدا أن الوزارة سوف تخرج من هذه الورطة بإنجاح جميع الطلاب في محاولة للتهدئة وتخفيف حدة الثورة المضادة.. لكن كيف ستحسب الوزارة نتيجة الطلاب من خلال النظام التراكمي الجديد؟، وكف ستحسب نسبة النجاح في امتحانات انعدمت فيها المساواة والكفاءة بين الطلاب.
باختصار.. السيستم أعلن الاعتصام وتحدى تعليمات الوزير ورفض الانصياع لأوامر جامدة غير مدروسة، وإذا كان اليوم الأول قد حمل الكثير من المفاجآت، فإننا لا ندري ماذا تخفي لنا الأيام في مغارة «طارق شوقي»؟.. أما آن الأوان لوقف هذه المهزلة التي تهددنا في أعز ما نملك فلذات أكبادنا قبل البكاء على اللبن المسكوب.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا