ولدَ في مدينة نيسابور،خراسان، إيران ،اختلف المؤرخون في سنةِ مولده ما بين 1038و1048م، والمشهور هو ولادته في الـ 18 من مايو عام 1048م، فاليوم هو عيد ميلاده ال971إن ظلّ بيننا علي قيد الحياة، إلاّ أنّه انتقل إلى رحمة الله في الـ 4 من ديسمبر عام 1131م عن عٌمرِ يناهز الـ 83 عاماً، كان يحمل الجنسية السلجوقية، لدولة العراق ، وهو مٌسلماً فارسياً،بطل هذه السطور الذي نحتفل بيوم مولده اليوم هو غياث الدين أبو الفتوح عٌمر أبن إبراهيم الخيّام المعروف بعٌمر الخيّام،وهو لقب والدهٌ الذي كان يشتغل بصناعة الخيِام، وأبن الخيّام شاعر وفيلسوف فارسي الأصل رغم أن البعض ذهبوا إلي أنّهٌ من أصول عربية ،تخصص أبن صانع الخيام في علوم الرياضيات ،والفلك،واللغة،والفقه،والتاريخ ،ولم تعرف صناعة الخيام طريقاً له ،بل نجد الرجل قد أجتهد ونهج نهجاً غريباً عن والده «الصنايعيٌ» البسيط،وسار في طريقِ بعيداً كل البعد عن لٌغة الصنايعية ، وأصبح يجيد عدة لٌغات في العلوم المختلفة ،وكانت شٌهرته عبر قصيدتٌه المشهورة ،رباعيات الخيام، رغم أنّه هو أول من اخترع طريقة حساب المٌثلثات والمعادلات الجبرية بواسطة القطع المخروطية، وكان الخيّام الصغير يدرس مع أثنين من أصدقاءِه،الذين تعاهدوا علي أنّ من يساعده الحظ وتضحك له الدنيا ويصبح في مكانة عٌليا، أن يمد يد العون لأصدقائهِ،فلمّا اتخذ غياث الدين عٌمر الخيام وزير السلطان ألب أرسلان والمسمي نظام الملك صديقاً له.
وامتدت الصداقة لحفيد نظام المٌلك “مَلَك شاه، الذي خصص للخيام دخلاً سنوياً يقدر ب200ألف مثقال “وهو وحدة قياس وزن تعادل 5 جرامات بالوزن الحالي لوزن الذهب،كان يتقاضاها من بيت المال بخزينة نيسابور ، فكانت حياتِه المعيشية في رفاهية لم يعشها مع حياة أبيه الخيّام،مما كان سبباُ في تفرّغٌه للبحث العلمي والدراسة ،فعاش معظم أيام حياته في مدينتي نيسابور وسمرقند ، ولم يشبع من العلوم فكان ينتقل بين مدن العالم مثل بخاروىوبلخ وأصفهان، في محاولة منه للبحث عن عِلم جديد يتقنٌه،متبادلاً الأفكار مع العٌلماء، ولحياة الرغد والرفاهية التي عاشها الخيّام الصغير صار لعمر الوقت الكافي للتفكير في أمور وأسرار الحياة ، بدلاُ من البحث عن لقمة العيش إلى تشبع جوعه،فالرجل أصبح من كبار الأغنياء بفضل صديقه الوزير، وكان الصديق الثالث له هو الشاعر حسن الصبّاح مؤسس طائفة الحشاشين، وهي طائفة شيعية إسماعيلية ،بحكم كونه شاعراً ،إلاّ أنّ عِلٌم الرياضيات كان شغلٌه الشاغل فأشتهر بالجبر وأشتغل في تحديد التقويم للسلطان ملك شاه ، والذي صار التقويم الفارسي حتى الآن، وهو أول من استخدم الكلمة العربية «شيء»التي رسمت في الكتب العلمية البرتغالية Xay إلي أن تغيرت بالحرف X، الذي أصبح رمزاً عالمياً للعدد المجهول.
وقد وضع الخيام تقويما سنوياً بالغ الدقة، وقد تولى الرصد في المرصد الأصفهاني، كما برع في علم الفلك أيضاً، وقد طلب منه السلطان ملك شاه سنة 467 هـ/1074 م مساعدته في تعديل التقويم الفارسي القديم. فكان تقويم الخيام أدق من التقويم ” الجريجوري ” وهوالميلادي الذي يبدأ من سنة ميلاد المسيح عليه السلام .
ولإبن الخيام شهرة كانت سببها مقطوعة شعرية فارسية مكونة من أربعة أبيات ،وتعرف باسم رباعيات الخيّام، كان في أوقات فراغه يتغنى برباعياته، وقد نشرها عنه من سمعها من أصدقائه، وبعد عدة ترجمات وصلت لنا كما نعرفها الآن. ويرى البعض أنها لا تنادي إلى التمتع بالحياة والدعوة إلى الرضا أكثر من الدعوة إلى التهكم واليأس، وهذه وجهة نظر بعض من الناس، وقد يكون السبب في ذلك كثرة الترجمات التي تعرضت لها الرباعيات، زيادة على الإضافات، بعد أن ضاع أغلبها.
من جهة أخرى هناك اختلاف حول كون الرباعيات تخص عمر الخيام فعلا، فهي قد تدعو بجملتها إلى اللهو واغتنام فرص الحياة الفانية، إلا أن المتتبع لحياة الخيام يرى أنه عالم جليل وذو أخلاق سامية، لذلك يعتبر بعض المؤرخين أن الرباعيات نسبت خطئاً للخيام الأبن ،وقد أثبت المستشرق الروسي “زوكوفسكي،فعمل علي رد 82 رباعية إليس أصحابها من الشعراء ، ولم يبقَ منها إلاّ القليل الذي لم يٌعرف لها صاحب ،وقد إتٌهم عمر الخيام بالإلحاد بعدأن فسّر البعض كون الرباعية تدعوا إلي اللهو والمجون، بينما يرى الفريق الآخر أنه مات مٌسلماً، مستمداً إستنتاجه من سيرة الخيام ومؤلفاته ومن رافقه من العلماء.
يقول عمر الخيام:
أفنيتُ عمري في اكتناه القضـاء
وكشف ما يحجبـه في الخـفاء
فلم أجـد أسـراره وانقضـى
عمري وأحسست دبيب الفـناء
ويقول في رباعياته:
لبستُ ثوب العمر لـم أُسْتَشَـرْ
وحرت فيه بيـن شتّـى الفكـر
وسوف أنضو الثوب عني ولـم
أدركْ لمـاذا جئـتُ أيـن المقـر
لـم يبرح الداء فؤادي العليـل
ولـم أنل قصدي وحان الرحيـل
وفـات عمـري وأنا جاهـل
كتاب هذا العمر حسم الـفصول
وهو يعجب لهذا الفناء السريع للشباب والحياة فيقول:
تناثرت أيّـام هـذا العـمر
تناثـر الأوراق حول الشـجر
فانعم من الدنيـا بلذّاتـهـا
من قبل أن تسقيك كفّ القدر
أطْفِئْ لظى القلب ببرد الشراب
فإنمـا الأيام مثــل السحاب
وفي موضع آخر يتدارك نفسه فيقول:
يا عالم الأسرار علـم اليقين
يا كاشف الضرّ عن البائـسين
يا قابـل الأعذار فئنــا إلى
ظلّك فاقبـل توبـة التائبيـن
ومن هنا يري المؤرخون والعلماء، أن رباعيات الخيام تتراوح بين الإيمان والإلحاد، وبين الدعوة للمجون والدعوة للهو وبين طلب العفو من الله وإعلان التوبة، لذا اختلف العلماء في تصنيف عمر الخيام والأرجح أنه لم يخرج عن المألوف إنما هي صرخة في وجه الظلم والأمور الدخيلة على الدين الإسلامي في عصره!!
المصادر: كتاب المعرفة شخصيات عربية،.
- ترجمة رباعيات الخيام – أحمد رامي-
دكتور/عبد المنعم الحفني، عمر الخيام والرباعيات، دار الراشد، القاهرة، 1992. عمر الخيام – موقع برامج تعليمية
mohammedkhalifakhalifa@yahoo.com
للمزيد من مقالات الكاتب أضغط هنا