تعد الديانات السماوية من الديات المتسلسلة والتي منبعها واحد حتى إنها سميت بالديانات الإبراهيمية نسبة لنبي الله إبراهيم- عليه السلام- الذي تتفق كل الديانات وخصوصًا اليهودية والمسيحية والإسلامية على نبوته وأنه أصل ديانتهم وهذا ثابت شرعًا ونقلًا.
لكن مع اتفاق تلك الديانات على هذا المبدأ الرئيسي لكننا نجد الخلاف الفكري والتشدد والتعصب عند كل دين؛ وذلك لأسباب لعل أبرزها هو الموروث الديني المغلوط والمحرف عند كل تلك الديانات ويضاف له تصدي من هو ليس أهلا بأن يمثل هذا الدين أو ذاك ليكون هو الراعي والأب الروحي والممثل لهذا الدين أو ذاك.
ولهذا نجد أن ما يسمى بحوار الأديان دائمًا ما يكون عبارة عن مؤتمرات فارغة المحتوى ولا تؤدي إلى نتيجة تقود البشرية إلى السلم والسلام وتبقى روح التعصب والتشدد الديني قائمة بين الأديان؛ ودائما ما تسود لغة التكفير بينهم وهذا ما نجده داخل حتى الدين الواحد وذلك بسبب تغييب القيادة الحقيقة لكل دين ومذهب وطائفة وحتى وإن وجدت في إحدى الأديان فإننا لا نجدها في الأديان الأخرى وهذا ما يسبب خللاً وإرباكًا في قضية التعايش السلمي بين الأديان.
ولهذا نجد أن مسألة التعايش السلمي بين الأديان لن يحصل ولم يتم إلا بعدما يتصدى للحوار القادة الحقيقيون الذين يمثلون كل دين هذا من جهة ومن جهة أخرى تصحيح ما موجود من موروث ديني لكل دين ورفع ما فيه من دس وتحريف وإعادة دراسة تاريخ العقائد بطريقة تحليلية موضوعية وسطية معتدلة بعيدة عن أي ميل وهوى نفسي طائفي فئوي مذهبي؛ وهذا ما لا يمكن تحقيقه عند الجميع؛ فمثلًا التاريخ الإسلامي قد خضع للتحليل الموضوعي وبكل وسطية واعتدال على يد المحقق الصرخي الحسني- كونه هو المرجع الأعلم الجامع للشرائط والممثل الحقيقي لقيادة الإسلام بالنيابة العامة – وصحح ما فيه من أفكار وعقائد مدسوسة دخيلة على الإسلام من خلال سلسلة محاضرات ( التحليل الموضوعي في العقائد والتاريخ الإسلامي ) وكان هذا التحليل يشمل عقائد أبرز مذهبين في الإسلام وهما السني والشيعي؛ لكننا في الوقت ذاته لم نجد هناك من لجأ لهذا الطريق من بقية الأديان أو على أقل تقدير لم نسمع بأنه هناك من تصدى لهذا الأمر من بقية الأديان الأخرى؛ ولهذا تبقى مسألة حوار الأديان ناقصة الأركان…
لذلك سوف يكون عيسى- عليه السلام- كونه القائد الحقيقي للمسيح والعارف بشأن اليهود هو الممثل لهم في يوم الظهور المقدس للإمام المهدي- عليه السلام- القائد الحقيقي للإسلام وبتواجد هاتين الشخصيتين العظيمتين وبصلاة عيسى- عليه السلام- خلف المهدي- عجل الله تعالى فرجه الشريف- تنتهي مسألة خلاف الأديان وتذوب ويرجع العالم أجمع إلى دين واحد وهو خاتم الأديان- الإسلام – وبذلك تشمل الرحمة الإلهية كل البشرية بعد أن تنتهي مسألة التعصب والتشدد الديني؛ ويتحقق التعايش السلمي.
لكن ذلك لا يعني أن نسلم لهذا الواقع حتى ظهور الإمام المهدي- عليه السلام- ونزول المسيح- عليه السلام- بل هذا الأمر يجب أن يكون حافزًا ودافعًا للجميع من أجل السعي للتعايش السلمي وإشاعة روح الوسيطة والاعتدال حتى تتهيأ العقول والأذهان لتقبل هذا الأمر هذا من جهة ومن جهة أخرى نكون قد سعينا في تحقيق ما يسعى لتحقيقه عيسى والمهدي-عليهما السلام- ونكون قد سرنا على منهجهما الذي يمثل إرادة السماء .