يبدوا أنّ تقارير البنك المركزي المنشورة علي موقعه الرسمي خرجت من مسؤول خارج نطاق الخدمة، دون أن يطّلع علي شهادات المراكز الدولية المتخصصة في متابعة حالة الاقتصاد المصري.
فبيان البنك يؤكد ارتفاع حجم الدين الخارجي المصري إلي 96.6 مليار دولار بنهاية العام الماضي، مقارنةً مع 82.8 مليار دولار في نهاية2017، بزيادة قدرها 13.7 مليار دولار خلال عام 2018 بنسبة 16.5%عن العام قبل الماضي، والغريب في الأمر أنّ البنك لم يفسّر أسباب الفرق في الزيادة بين العامين المنصرمين، هذا وقد بلغ حجم القروض الأجنبية المطلوب سدادها كما أكد بيان البنك في العام المالي القادم 2019/2020 نحو51.1 مليار جنيه ما بين أقساط الدين العام الخارجي بقيمة 50.1 مليار جنيه، وأقساط خارجية تبلغ 967 مليون جنيه.
والحقيقة تؤكد أنّ الاقتصاد المصري يسير نحو معدلات جيدة بالرغم من هذه الأقساط التي تسدد في مواعيدها، وهذا يعني نجاح خطة الدولة في التنمية، وهذا ما يؤكده بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء التي أظهرت تراجعاً كبيراُ في معدلات البطالة بنهاية عام 2018، ليصل إلي 8.9% ، ولولا أنّ اقتصاد البلاد يمر بظروف تبشر بالخير، ما كانت مجموعة «اللولو» الهندية تعقد اتفاقا مع الحكومة المصرية لإنشاء 4 مراكز تجارية عملاقة في مدن 6 إكتوبر والعبور والقاهرة الجديدة، توفر هذه المشاريع آلاف فرص العمل، وبالرغم من تصريحات «كريستين لاغارد» المدير العام لصندوق النقد الدولي بأنّ برامج الإصلاح الاقتصادي الذي تنفذه الحكومة بالتعاون مع البنك قد ترك آثاراً علي الطبقات المتوسطة،إلاّ أن هؤلاء المطحونين تحمّلوا فاتورة القروض الخارجية وبرامج الإصلاح التي تأخرت عقوداً طويلة.
ومن بيانات البنوك الدولية التي تؤكد سلامة الخطط الإصلاحية لاقتصاد البلاد، ما أكده بنكي «غولدمان ساكس ومورغان إستانلي » حول ارتفاع قيمة الجنيه المصري خلال الفترات الماضية، مما يدلل علي مزيد من انخفاض العملة الأمريكية أمام المصرية في الشهور القليلة القادمة، ومن النجاحات التي نزفها للمهتمين بشأن الاقتصاد المحلي، ما صرح به «تيم كوك» رئس شركة «آبل» حول اعتزام الشركة ضخ استثمارات مباشرة في مصر قريباً، وللمغرضين، وإذا كان اقتصاد مصر يمر بمرحلة خطيرة كما يشيع المغرضون من كتائب إخوان الشياطين، فلماذا قامت المملكة الأردنية بتوقيع اتفاقية مع مصر يوم الأحد الماضي لتزويدها بالغاز الطبيعي المصري بنحو 50% لتغطية احتياج النظام الكهربائي للمملكة الشقيقة في العام الجاري، والأجمل في أمر الاقتصاد المصري أنّ هناك تراجعاً في معدلات التضخم خلال شهر ديسمبر من عام 2018 بلغت 4.1% .
وفي تقرير لـ«سي إن إن» يقول فيه أنّ هناك تحسناً ملحوظاً في مؤشرات الاقتصاد المصري بالتزامن مع برنامج الإصلاح بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، بالرغم من قيام الشعب بدفع ثمن هذا الإصلاح من جيوبهم، وهو ما حيّاهم عليه الرئيس السيسي واعتبرهم بطل عام 2018، وهنا نتوقف قليلاً عند تقرير مؤسسة «فيتش» العالمية للتصنيفات الائتمانية حيت أعلنت صباح الخميس 9 مايو الجاري عن رفع التصنيف الائتماني لمصر من «B » إلي « B+ » وأكدت المؤسسة في بيان لها أنّ مصر أحرزت مزيداً من التقدم في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية والتي تقود إلي تحسّن استقرار حالة الاقتصاد الكلي، والشمول المالي، والتمويل الخارجي، ومن المعروف أن احتياطي النقد الأجنبي لدي البنك المركزي المصري بلغ في نهاية شهر فبراير الماضي 44.06 مليار دولار.
وقالت «فيتش» إنّ نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي مستمرة في التراجع، بدعم من التحسينات الهيكلية للميزانية وظهور فوائض بالميزانية، وهذا مؤشر إيجابي يبشر بالخير في ظل قيادة سياسية واعية، وترى المؤسسة أنّ مصر ستخفض عجز الموازنة إلى 8.6%، من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنة المالية 2018/2019، بدعم من زيادة الإيرادات بنسبة 28% وخفض النفقات بـ17% على أساس سنوي، وتوقعت وكالة التصنيف العالمية أن يتراجع إنفاق الدولة على الأجور والإعانات والفوائد بنسبة تقارب 5٪ من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة من يونيو 2016 إلى يونيو 2020، كما تستهدف السياسة النقدية للدولة خفض التضخم إلى أقل من 10%، وزيادة الاحتياطيات من العملات الأجنبية لتغطي 6 أشهر من المدفوعات الخارجية الحالية، ومن وجهة نظر «فيتش»، ستستطيع الحكومة المصرية خفض العجز إلى 4.5% من الناتج المحلي في عام 2020، كما سينخفض معدل الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 83٪ في 2020، بدلا من 93٪ عام 2018، والذي بلغ ذروته في 2017 بـ103٪،
وعلي الجانب الآخر الذي يؤكد قوة اقتصاد البلاد ما قامت به السعودية من ضخ 60مليار دولار علي هيئة استثمارات بشتى المجالات المختلفة، ولكن يبقي لنا هنا كلمة قد تزعج البعض، وهي أنّ خطر البيروقراطية التي تنتشر كالسرطان في جسد البلاد قد يهدد كل هذه النجاحات التي شهدت به المؤسسات الدولية حال تجاهل الدولة الوقف ضده والقضاء عليه!!
فمازالت مصر تحتاج لإصلاحات هيكلية وقطاعية للقضاء علي البيروقراطية، فكثير من القوانين الجديدة مثل التراخيص الصناعية لا يتم تنفيذها علي أرض الواقع نتيجة تعقيدات يقوم بها بعض الموظفين من أعداء الوطن!! فهل يتحرك الرئيس السيسي للقضاء علي هؤلاء واستبدالهم بالشرفاء من أبناء مصر المخلصين؟ أم سنترك الفشل يعاود اتصاله من جديد عبر خطوط البيروقراطية؟ .