هي أرض الفيروز، الأرض المباركة.. بوابة مصر الشرقية التي ارتوت بدماء المصريين عبر حروب عدة في العصور القديمة وأيضاً حديثاً، كان آخرها حرب 73 المجيدة، التي أعادت لمصر الأرض والكرامة.
ومع أن سيناء تمثل أهمية إستراتيجية لمصر من أوجه عدة أولها المجرى الملاحي لقناة السويس، إضافة إلى موقعها وكنوزها الطبيعية الهائلة، استمرت عملية التنمية بها منذ تحريرها مجرد قرارات فوقية وشعارات لا وجود لها على أرض الواقع.. الأمر الذي جعلها مطمعا لكل المتربصين، ومرتعا للإرهابيين والمهربين، ورأينا في السنوات الأخيرة، كم التضحيات التي يبذلها الجيش المصري العظيم وشرطتها الباسلة لمجابهة كل أشكال الإرهاب والقضاء عليه في هذه البقعة الغالية.
المؤكد أن المشروعات الجديدة التي افتتحها الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ أيام في سيناء، تمثل عبوراً جديداً لمصر ليس فقط إلى أرض الفيروز، وإنما إلى المستقبل بعد أن أصبحت سيناء جزءا لا يتجزأ من الوطن من خلال الأنفاق الجديدة وشبكة الطرق والكباري وإنشاء مدينة الإسماعيلية الجديدة، ومدها بكل الخدمات ومصادر الطاقة، وتستوعب نحو ربع مليون أسرة مصرية، وإذا أضفنا إلى ذلك مدينة بورسعيد الجديدة ومشروعات شرق التفريعة والمشروعات الصناعية والزراعية المتعددة التي يمكن أن تجذب أكثر من مليون مواطن مصري خلال الشهور القادمة، مما يجعل من سيناء قاطرة النهضة والتنمية في مصر.
من هنا تأتى أهمية الدور الحيوي للإعلام المصري وقدرته على ملاحقة انجازات التنمية في سيناء وشحذ همم المصريين وتوجيه الرأي العام نحو سيناء بالاستثمار والعمل والإعلان عن الفرص الواعدة أمام شباب مصر، واكتشاف كنوز سيناء التي أصبحت تتمتع بكل مقومات الحياة الحديثة.. وهنا أتوقف أمام حديث الرئيس عبدالفتاح السيسى عن القوات المسلحة ودورها في بعض المشروعات، بعد أن كثر الحديث إلى حد اللغط دون أن ينتبه أحد.. وكأن الجميع كان منتظراً أن يقولها الرئيس حتى يكفوا أيديهم عن إقحام القوات المسلحة في كل مناحي الحياة في مصر، بعد أن أصبح الشارع المصري ممتعضاً من تناول الإعلام لدور الجيش في مختلف المجالات الحياتية من زراعة وصناعة وتجارة وغيرها لدرجة أضرت بسمعة هذا البلد العريق الذي تتنوع فيه الخبرات والكفاءات إذ صور هؤلاء ـ على طريقة المثل الشعبي الدبة التي قتلت صاحبها ـ مصر بدون مؤسسات أو خبرات. وهو أمر يضر المؤسسة العسكرية التي كثيراً ما نبهت بعدم إقحامها في أمور ليست من اختصاصها، وذكرها في كل كبيرة وصغيرة ولكن يبدو أن حملة المباخر يصرون على السير قدما في طريقهم الذي يضر أكثر مما ينفع.
كلام الرئيس كان واضحاً وصريحاً في توقير واحترام كل مؤسسات مصر وإعطاء كل ذي حق حقه، والاعتراف بأننا نملك قدرات بشرية وخبرات ومؤسسات قادرة على النهوض بمصر.. كما أن الزج باسم القوات المسلحة في كل كبيرة وصغيرة وفى جميع مناحي الحياة يمكن أن يحملها أخطاء تتم من مؤسسات فاشلة لم تبدأ الدولة بعد في إصلاحها، إذ إن رجل الشارع لن يستطيع التفريق بين هذا أو ذاك فيرجع بالمسئولية كاملة على المؤسسة العسكرية المحترمة بعدما رسخ الإعلام في ذهنه بأن مصر هي الجيش الذي يدير كل كبيرة وصغيرة.
صحيح أن الإعلام المصري يعانى الكثير منذ بضع سنوات بعد أن تولى مسئوليته أنصاف الكفاءات والهواة وغلبت عليه الشللية، فاستمرأ الفاسد في فساده وراح الضعيف يعبث في مؤسسات الدولة دون رقيب لأنه يعلم أنه قادر على طي الإعلاميين والصحفيين تحت جناحه بشراء الذمم، ولأن الإعلام كان إحدى أهم قوى مصر الناعمة، فإن إضعافه مؤخراً سواء عن قصد أو عدم خبرة كان أن جعل باقي قوى مصر الناعمة في حالة وهن لا تحسد عليها، فيكفى مثلاً ما شهدته الدراما هذا العام، فبعدما كنا ننتج قرابة المائة عمل ما بين إذاعي ودرامي، وصل بنا الحال أن تكون مشاركة مصر هذا العام لا تصل إلى 30 عملا أغلبها ضعيف المحتوى مقابل دول عربية كانت تنتظر أعمالنا ووصل إنتاجها إلى 50 مسلسلا وحتى سوريا الجريحة أنتجت أكثر من 30 عملا.. والواضح أمامنا من كل ما سبق أن الدولة تحتاج إلى إعادة النظر في تعاملها مع الإعلام قبل أن ينهى على باقي قوانا الناعمة التي عشنا وعاش عليها جميع الشعوب العربية.
نائب رئيس الوفد