أنها معركة لا تقل عن معركة، الإرهاب أو حماية الفكر من التطرف وحماية الشباب من الوقوع في براثن جماعات الإرهاب، ولا تقل أيضا عن تعزيز ثقافة احترام العمل وإتقانه،إنها يا سادة معركة فكرية أيضا لكنها تختص بثقافة احترام البيئة والحفاظ عليها. حيث يقاس تقدم الأمم بمدى احترام المواطنين للبيئة والحفاظ عليها.
وفى الحالة المصرية للأسف نحن شعب لا نحترم بيئتنا ولا نحافظ عليها، نحن شعب نجرف ونحرف ما وهبنا الله من نعم بيئية، انظروا إلى شواطئنا تروا كم ما يخلفه المواطنين عليها من أكياس بلاستيك تضر بالبيئة البحرية ومخلفات أخري، انظروا إلى شوارعنا وللأسف يتساوى من يرمى بالمخالفات المتعلم وغير المتعلم، الغنى والفقير، راكب السيارة الفارهة وراكب السيارة القديمة الرخيصة، فالموضوع لا يتعلق بالتعليم أو الطبقة، الموضوع يتعلق بماذا أنشئنا عليه الأجيال الحديثة التي لم نهتم بتعليمها الحس الجمالي والحفاظ علي البيئة سواء في مناهجنا التعليمية أو من خلال المؤسسات المسئولة عن الثقافة و الإعلام، والفن ولا حتى الخطاب الديني.
فمن أواخر السبعينيات تم تجريف التعليم والثقافة والفن والإعلام، ودخلنا في مراحل التغييب والاستهلاك والأنانية، وسطوة البلطجة والمال والصفقات المشبوهة ورجال أعمال طفوا علي السطح بفعل الانفتاح غير المرشد وأصبحت الشطارة أن تكون ثروة في وقت قصير وان تتاجر في أي شيء حتى المتاجرة بصحة المصريين، كانت مبعث فخر فانتشرت الأغذية الفاسدة وزاد معدل مرضى السرطان والفشل الكلوي… وأخذ المجتمع في الانهيار الأخلاقي والانحدار السلوكي وكان النصيب الأكبر للبيئة، فمناظر شوارعنا لا تسر العين ولا القلب وأبنية خراسانية تشوه المنظر وثروة نباتية تتآكل فلم نعد نهتم إلا بالمأكل والمشرب صرنا شعب أكول استهلاكي، والغريب أننا نسلك سوكا حسنا عندما نغترب في بلاد أخري وبمجرد أن تطأ قدمنا أرض الوطن نتغير، والسؤال ما هو الحل بعد هذا الكم من سنوات الإهمال؟
الحل يا سادة يكمن في تضافر المؤسسات في صناعة إستراتيجية قابلة للتنفيذ تتضمن مناهج التعليم، الثقافة، الإعلام، الفن، الخطاب الديني، أليس إماطة الأذى عن الطريق من أوامر الدين، وعلينا سن القوانين الملزمة باحترام البيئة والحفاظ عليها، ولنعلم أبنائنا أنه ليس المجرم من يقتل أو يسرق فقط إنما المجرم أيضا هو من يساهم في حرماننا من نظافة بيئتنا وطرقنا وشوارعنا ومن استنشاق هواء نقى، ومن يشوه مبنى هو ملك للأجيال، أنها معركة لا تقل عن أي معركة أخري من أجل مصر الحديثة ومكانة تليق بنا، وهذا نداء منى لوزيرة البيئة التي أعلم أنها تريد أن تفعل الكثير وأنا علي استعداد للمساعدة التي تليق بالمعركة وغيري كثر.
أستاذ مناهج علم الاجتماع جامعة عين شمس