يفصلنا عن الاحتفال بعيد العمال سويعات قليلة ، ولم يتطرق أحد لمناقشة المشاكل التي تتعرض لها المرأة المصرية العاملة، وغض الجميع الطرف عن حق أصيل من حقوقها للحفاظ علي مكانتها وصون عرِضها وشرفها.
فالغالبية العظمي من العاملات في أماكن العمل يتعرضنّ لشكل من أشكال «التّحرش» سواء بنظرة عين أو بلمسة كنوع من الابتزاز والضغط عليهنّ للقيام بسلوك مٌعين علي غير رضاهٌنّ، مما يجعلهنّ في حالة مزاجية ونفسية سيئة قد تؤثر علي الإنتاج والعمل، وهذه الآفة تسبب لهنّ شعوراً بعدم الأمان، خاصةً عندما لا تستطيع وقف محاولات التحرّش من صاحب العمل أو زميل لها خوفاً من البطش بها أو حرصاً علي الحفاظ علي ما يسمي «بلقمة العيش» واستمرارها في العمل، فقطع «عيشها» في يد المتحرّش.
وبمناسبة احتفال مصر بعيد العمال في الأول من مايو كل عام، لابد هنا من قيام الاتحادات العمالية بتقديم تشريع جديد أو بتعديل قانون الجنايات الذي يحكم بالسجن لمدة عامين فقط لمرتكب جريمة التحرِش ضد العاملات المصريات، هنا لابد من تغليظ هذه العقوبة لردع مرتكبيها، ووقف الأساليب الرخيصة التي ترتكب ضد المرأة العاملة والتي ضربت أروع الأمثلة في الوطنية من خلال مشاركتها مؤخراً في الاستفتاء علي التعديلات الدستورية، وكانت في صدارة المشهد كعادتها، كما لابد من تطبيق القوانين التي تحدد ساعات العمل للمرأة، فكثيراً من أصحاب الأعمال يستغلون حاجتها للعمل ويزيدون ساعات العمل المقررة ضاربين بكل القوانين عرض الحائط لمزيد من الكسب تارةً، أو لجلسة أٌنس( بضم الألف) تجمعهٌ بالمغلوبات علي أمرهنّ !.
ورغم أنّ هناك الكثير من الدراسات بالمراكز البحثية وجمعيات المجتمع المدني التي تؤكد علي ضرورة حماية المرأة خلال تواجدها في العمل من أخطار ذئاب الليل أو النهار، فلا فرق في مواعيد اللقاء أو التحرّش عندهم، فالكل عندهم «صابون» فإلي متى تستمر النظرة الدونية للمرأة في المجتمع؟ وهل يمكن تنظيم دورات لرفع وعي المرأة بأساليب التدخل والحماية القانونية مع وضع ضمانات لعقاب المتحرش؟ وهل يمكن مطالبة المجلس القومي للمرأة بتفعيل الإستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة ، علي أن يتم تطبيق سياسات محددة وملزمة داخل أماكن العمل، منها تفعيل آليات محددة للشكوى،ودعم دور وحدات تكافؤ الفرص في القطاعين العام والخاص.
يذكر أن 30 % من العاملات في مصر يتعرّضنّ للتحرّش في أماكن العمل، وفق دراسة أجراها الاتحاد العام لعمال مصر منذ أربعة أعوام، أدخلت تعديلات على قانون العقوبات في محاولة للحدّ من هذه الآفة، فشددت عقوبة التحرّش اللفظي أو الفعلي إلى السجن لمدة تتراوح بين ستة أشهر وخمس سنوات وغرامة حدها الأقصى 50 ألف جنيه، إلا أن المٌشرّع عاد وخفف العقوبة في قانون العمل الجديد المقترح، بحيث لا تشمل عقوبة التحرّش في أماكن العمل السجن، وتقتصر على غرامة تتراوح بين ألفين و5 آلاف جنيه.
وهذه كارثة تتجرعها المرأة المصرية التي خرجت بحثاً عن لقمة عيش تسترها أو غطاء يدفئها في برد الشتاء، أو كسوة لفلذة أكبادها الأبرياء!