بعد أن آمن الإنسان بالله تعالى أصبح ملزمًا وبحسب هذا الإيمان أن يطبق الأحكام والشرائع التي فرضت عليه من قبل رب العزة لأن تلك الأحكام والشرائع هي التي تنظم حياته بينه وبين الله من جهة وبينه وبين الآخرين من جهة أخرى؛ وبما إننا في زمن بعيد جدًا عن مصادر التشريع من أنبياء ورسل وأئمة الأمر الذي أدى إلى اكتناف كل الموروث الإسلامي بالغموض والدس والتحريف من قبل أئمة الضلالة وسلاطين الجور وحكام الفسق والفجور ومن يعمل لهم من روزخونية وإعلام ضال مضل؛ صار من الضرورة العقلية أن يتصدى لقيادة الأمة رجل دين يؤدي دور الأئمة أو الأنبياء والرسل في توضيح وكشف الأحكام الشرعية للناس وتبيانها لهم حتى يكون عملهم مبرئ للذمة أمام الله تعالى …
لكن رجل الدين هذا يحتاج إلى علم يستطيع من خلاله دفع الغموض والدس والتحريف في الموروث الإسلامي من جهة ومن جهة أخرى يقدم الموقف العلمي تجاه الحكم الشرعي الذي يكتنفه الغموض أو لم يقم عليه دليل محرز من القرآن والسنة؛ فكان علم الأصول الذي يختص بهذا الأمر والذي هو العلم بالعناصر المشتركة لاستنباط الأحكام الشرعية بإقامة الدليل عليها؛ فهذا العلم وبصورة عامة كمعالج للموروث الشرعي والفقهي الذي بين يدينا وهو ما يحتاجه الفقيه في استنباط الأحكام فلولا هذا العلم لواجهنا الكم الهائل والكبير من الروايات التي فيها ما هو متعارض وما هو متناقض والكثير من الأمور التي تجعل ما يصل إلينا من أحكام هي مغلوطة وغير صحيحة وهذا ما يؤدي بالتالي إلى أن تنظيم العلاقة بين العبد وربه وبينه وبين الآخرين أمر معقد وغير صحيح في الكثير من المواقف ؛ فعلم الأصول هو العلم الذي حفظ لنا الأحكام الشرعية من الدس والتلاعب والتحريف فدفع ما هو غث وقدم لنا ما هو سمين؛ فهو حبل نجاة للمسلمين بصورة عامة لما له دور كبير وواضح في صيانة الأحكام من التلاعب…
ولهذا يجب أن يكون المتصدي أو رجل الدين الذي يتصدى لقيادة الأمة هو الأعلم في هذا العلم بحيث يتملك من النظريات التي تمكنه من إخراج الحكم من مصادره بصورة سليمة ويطبقها تطبيقًا صحيحًا؛ وبما إن الأصول علم كباقي العلوم الأخرى فهو في حالة من التطور والتقدم في نظرياته ولهذا أصبحت آخر مدرسة أصولية وهي مدرسة السيد الشهيد محمد باقر الصدر – قدس سره الشريف – هي المدرسة المتسيدة على الساحة العلمية الحوزوية فهي قد أفنت وأذابت ما سبقها من مدارس أصولية كونها جاءت بنظريات ومطالب رصينة جدًا بحيث تمكن الفقيه – رجل الدين – من أن يكشف عن الموقف العلمي تجاه الحكم الشرعي بصورة عالية من الدقة؛ ولهذا أصبح الأعلم هو من يفهم مطالب ومباني هذه المدرسة الأصولية الحديثة والرصينة التي أزاحت علميًا المدارس القديمة…
فالأعلم بالأصول هو الأعلم على الإطلاق؛ والآن لو أردنا أن نفحص ونبحث عن الأعلم في هذا العلم وفي هذه المدرسة الأصولية لوجدنا إن المرجع الديني السيد الصرخي الحسني هو الأعلم وذلك لأنه الوحيد الذي فهم مطالب ومباني مدرسة الشهيد أبو جعفر – قدس سره – وبدليل إنه دفع كل ما سجل على هذه المدرسة من إشكالات وأثبت مباني السيد محمد باقر الصدر وذلك في كتاب الفكر المتين والذي اثبت من خلاله أعلميته على جميع المتصدين من جهة ومن جهة أخرى اثبت إنه الوحيد الذي فهم مطالب ومباني علم الأصول وهذا بطبيعة الحال يؤدي إلى أن يكون المرجع الصرخي الحسني هو المرجع الأعلم الذي يمكنه أن يقدم لنا الموقف العلمي تجاه الأحكام الشرعية بدرجة عالية من الدقة بحيث تصبح علاقتنا مع الله ومع الآخرين علاقة منتظمة بصورة تضمن لنا رضا الله تعالى ورضا الناس؛ فعلم الأصول هو حبل النجاة وإتباع المرجع الصرخي هو المنجي كونه الأعلم في الأصول .