نون – أبوظبي
تحت رعاية سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة، وبتنظيم من لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، وبالتعاون مع نادي أبوظبي للرياضات الشراعية واليخوت، يقام «مهرجان الظفرة البحري» بنسخته الحادية عشرة في مدينة المرفأ بمنطقة الظفرة، والذي يستمر حتى 20 أبريل الجاري.
ويمنح «مهرجان لظفرة البحري» في دورته الحالية، زواره من عشاق السباقات البحرية والتسوق ورواد المسرح، تجربة استثنائية للمشاركة في الحفاظ على تراث الإمارات البحري، والتعرف على تراث الشعوب الأخرى، في ظل قيم ومبادئ التسامح والمحبة والإخاء، فهل عززت الفعاليات مكانة التراث لدى جمهور المهرجان؟
في استطلاع لرأي جمهور «مهرجان الظفرة البحري»، كانت النتائج متقاربة، حيث أكدت في مضمونها أهمية فعاليات المهرجان، في تعزيز مكانة التراث في قلوب ونفوس الزوار من مختلف الجنسيات. وإليكم بعض المشاركات:
توجهنا بالسؤال للسيدة فوزية راشد الجابري عارضة من الإمارات في السوق الشعبي، فأكدت أن المهرجانات التراثية على وجه العموم تنقل الموروث الشعبي للجمهور، وتسهم فعالياتها في نشر الوعي الثقافي والتراثي لجميع فئات المجتمع، وبشكل خاص فعاليات «مهرجان الظفرة البحري»، يعكس صورة بهية للأطفال عن أهمية البحر في حياتهم، والحرف القديمة والمأكل والملبس والفنون الشعبية، بما يجعلهم يتمسكون بتراثهم ويحافظون عليه.
فيما أشارت مهلة عبدالله عارضة من الإمارات في السوق الشعبي، إلى البرامج الجديدة والفعاليات المميزة التي تبتكرها إدارة المهرجان، من أجل تحقيق أهدافهم في تعزيز مكانة التراث لدى المجتمع بكافة فئاته. قالت: «من خلال مشاركتنا في فعالية «السوق الشعبي»، نعمل على جذب الناس للأماكن التاريخية، وتعريفهم بموروثنا الشعبي، من أجل الحفاظ على تراث دولتنا، والتعريف به محلياً وعالمياً، من خلال الجنسيات المختلفة التي تزور المهرجان، وتتناقل أخباره».
من جانبها، رأت السيدة حنان الموال مشاركة من الجالية السورية في الفعاليات النسائية، أن المهرجان بفعالياته المتميزة، يجذب اهتمام محبي التراث وخاصة البحري منه. قالت: تمكن «مهرجان الظفرة البحري» خلال السنوات الماضية من غرس التراث الإماراتي في نفوسنا جميعاً، وتعلمنا الكثير عن الحياة البحرية، والفنون الشعبية، وتعرفنا على الكثير من الأكلات التراثية التي يشتهر بها المطبخ الإماراتي.
كذلك، نوهت سوزان عبدالله فلسطينية من زوار المهرجان، إلى السعادة التي ينشرها «مهرجان الظفرة البحري» كل عام في هذه المنطقة التراثية والتاريخية. قالت: «يمكنكم سماع ضحكات الأطفال، ورؤية ابتسامات الكبار طوال تجوالك في «السوق الشعبي»، وحضورك للفعاليات المتنوعة، بما يؤكد حب الناس للتراث الإماراتي والموروث الشعبي، بما يرسخ في قلوبهم ضرورة التعريف به والحفاظ عليه».
خبير التراث الإماراتي
الرميثي: الاهتمام بالتراث وصية زايد لنا
يجلس بين مقتنياته التراثية التي يصنعها بيديه في «بيت التراث» على أرض «مهرجان الظفرة البحري» في منطقة الظفرة، إلى جانبه صبي صغير يحدثه عن البحر وألعاب الصغار القديمة. هو خبير في التراث، ومتخصص في التراث البحري، وتحليل السباقات البحرية، السيد جمعة محمد حبثور الرميثي الذي يبلغ من العمر 85 عاماً.
عرف الرميثي الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، خلال زياراته العديدة إلى مدينة المرفأ، وتعلم منه أهمية التراث الإماراتي وكيفية الحفاظ عليه وتوريثه للأجيال القادمة، قال: «بدأت عملي في جمع المقتنيات التراثية وخاصة البحرية منها، منذ أكثر من 50 عاماً، منها القوارب والشباك والحبال، ولقي البحر من المحار والأصداف، وأدوات صناعة وصيانة المراكب، وألعاب الصغار القديمة، إضافةً إلى مجموعة الفخاريات التي استعملها أهل الإمارات قديماً».
وأضاف: «تعلمت من المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الحرص الشديد على التراث بمختلف مفرداته، وبكلماته التي بقيت راسخة في ذاكرة شعبنا، واظبت على جمع المقتنيات التي يضمها متحفي الخاص، والتي أشارك بها في مختلف المعرجانات والفعاليات التراثية التي ترعاها قيادتنا الرشيدة».
ويستقطب ركن الرميثي على شاطئ المرفأ، إقبالاً جماهيرياً متميزاً، حيث يستقبل فيه زوار المهرجان من مختلف الجنسيات. قال: «تعلمنا من الشيخ زايد وقيادتنا الرشيدة قيمة التسامح وبالتالي المحبة وتقبل الآخر، لنكون بذلك نموذجاً عالمياً يفخر به أبناؤنا».
الإعلامي سعيد المعمري يحيي التراث في قلوب الصغار والكبار في «مهرجان الظفرة البحري»
يتوجه الكبار والصغار يومياً إلى مسرح «مهرجان الظفرة البحري»، حيث بانتظارهم مذيعهم المفضل سعيد المعمري، لتسمع صيحاتهم وتصفيقاتهم وضحكاتهم، وهم يتفاعلون بشكل كبير ومثير للانتباه مع فقرة «أسئلة وأجوبة»، التي تمحورت في مضمونها حول المهرجان والتراث البحري الإماراتي، ومنطقة الظفرة التاريخية.
وعبّر المعمري عن سعادته الغامرة بملاقاة الجمهور هذا العام في المهرجان التراثي، وفرحه الكبير بمشاركة عدد كبير من الأطفال والكبار في فقرة «أسئلة وأجوبة»، قال: «هذه مشاركتي الخامسة في المهرجان الذي يختزل روح التراث في منطقة الظفرة، ويبثها في عقول وقلوب أبنائها، لكي يظل التراث حاضراً في مستقبل الأجيال المتتالية».
وأضاف المعمري: «هدفنا من الأسئلة تثقيف الزوار من مختلف الجنسيات حول تراث آبائنا وأجدادنا، وإرشادهم إلى الفعاليات التي يمكنهم المشاركة فيها والاستفادة منها، والتعريف بالرعاة الذي يقدمون دعماً كبيراً لإحياء المهرجان والحفاظ على التراث».
وأعرب «المعمري» عن إعجابه بتنظيم المهرجان، وجعل قرية الطفل منطقة أكثر أماناً بالنسبة للأطفال، وبالتالي إضفاء مزيد من الخصوصية على فعاليات النساء. قال: «في كل دورة نلمس المزيد من التغيير الإيجابي والتحسين سواءاً من حيث تنظيم السوق، أو قرية الأطفال والمسرح، أو السباقات البحرية التي تضم الهواة والمحترفين، وذلك بفضل الرعاية الكريمة من قيادتنا الحكيمة، والقائمين على هذا الحدث التراثي المهم، مما يزيد من حجم الإقبال الجماهيري والمشاركات العالمية».
وتتنوع فعاليات مسرح «مهرجان الظفرة البحري» اليومية على شاطئ المرفأ، حيث تتضمن الفقرات التالية: الألعاب البهلوانية، وشد الحبل للكبار والصغار، وعرض أزياء شعبية للأطفال، ولعبة الكراسي الموسيقية، ومسابقات ثقافية وتراثية، واستعراضات فلكلورية، وأسئلة وأجوبة توعوية، وغيرها الكثير.
الجاليات العربية والغربية تعرض منتجاتها التراثية
التجوال في «السوق الشعبي» في «مهرجان الظفرة البحري» عنوانه التسامح
تتجول في السوق الشعبي الذي تشيده إدارة «مهرجان الظفرة البحري» في شهر أبريل من كل عام. يعبق المكان برائحة التراث، ليس الإماراتي فحسب، بل الكثير من البلدان المشاركة، فيتعطر المكان بالبخور والعود والأعشاب والصابون، وتزينه الثياب التقليدية الجميلة، ويتجمهر الناس للاستمتاع بالأكلات الشعبية الشهية.
تجلس ليلى عوض عبدالله، في دكانها الذي تفخر بوضع بضاعتها فيه، من تحف، وزينة منزلية، وبراويز ومجسمات خاصة بالحياة البحرية، ومعلقات الحائط من الخوص والتلي، والكثير من قبعات القش الملونة».
وتولي «ليلى» اهتماماً كبيراً بالحضور، تقول: «يشهد المهرجان هذا العام إقبالاً كبيراً، ويسعدني شخصياً أن أشهد ازدياد الأعداد التي ترغب بمعرفة المزيد حول التراث الإماراتي العريق، واقتناء بعض التحف، والهدايا».
من التحف والمعلقات إلى المواد الغذائية «السمانة»، حيث يمكنك الاستمتاع بالمنتجات السورية في دكان والد الطالبة رزان يوسف، التي تتعلم من والدها عملية البيع والشراء، وتقدم لزبائنها من رواد «مهرجان الظفرة البحري»، شرحاً وافياً لتاريخ تلك المنتجات وقيمتها الغذائية العالية، ومنها الزعتر والبهارات وزيت الزيتون، والبقلاوة والمعمول والهريسة والقهوة.
تقول رزان: «نشارك للمرة الأولى في المهرجان، ونحن سعداء جداً بأن نكون جزءاً من هذا الحدث المهم، ونتمنى أن تكون مشاركتنا إضافة للسوق الشعبي الذي يتزين هذا العام بالتراث الإماراتي الأصيل، وتراث شعوب العالم».
انتقلنا إلى دكان السيدات موزة يوسف علي ومعصومة علي وزين إسماعيل أحمد، حيث يجلسن معاً، ويخطن «شيلة النغدة» التي ترتديها العروس صباحاً بعد ليلة الزفاف. تقول موزة: «يتم استخدام الخيوط الفضية والذهبية التي كانت تجلب من الهند في التطريز على الشيلة، وأشهر أشغال النغدة هو الثوب الأبيض الذي يزداد بهاءاً مع إضافة خيوط النغدة عليه».
فيما تقول معصومة حول الخيوط المستخدمة: «خيوط «النغدة» ليست رفيعة كخيوط التطريز العادية، وتُسمى قصب أو سفايف، وتحتاج إلى إبرة خاصة، وفي الأصل كانت تصنع من الذهب والفضة، وكانت تستخدم بصورة خاصة لتطريز ملابس الأسر الميسورة».
بينما تعقب «زين» بقولها: «مع مرور الوقت تغيرت خامتها وأصبحت متوفرة للأسر العادية بلونيها الذهبي والفضي. وتطورت أشغال «النغدة» في السنوات الأخيرة، وأصبحت تستخدم لتطريز المفارش وشراشف الطاولات والملابس الأخرى».
وحول الموضوع، قال السيد عبيد خلفان المزروعي، مدير إدارة التخطيط والمشاريع في لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي: «إن قيمة التسامح هي امتداد لنهج الأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ونحن في لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، نعمل جاهدين من أجل ترسيخ مكانة دولة الإمارات عاصمة عالمية للتسامح، من خلال المهرجانات والمبادرات والمشاريع. لذا، جاءت فعاليات هذا العام بطابع عالمي، تشارك فيها الجاليات المختلفة التي تعيش على أرض الإمارات الحبيبة».
من جهتها، أكدت ليلى القبيسي، مشرفة السوق الشعبي، على النجاح الكبير الذي حققه المهرجان هذا العام. قالت: «لاقى السوق إقبالاً كبيراً من مختلف الجنسيات، يزورون المهرجان ويعمرون أروقته باحتفائهم بالمنتجات والفعاليات التراثية. لذا عمدنا إلى إبراز وترسيخ عادات وتقاليد أهل الإمارات الأصيلة، من خلال الدكاكين التي تزدهي بالملابس التراثية والمأكولات الشعبية والصناعات التقليدية، والعطور والدخون، بما يمنح الجميع فرصة التعرف إلى حياة الأجداد وحكاياتهم، وأهم ما يميز الشخصية الإماراتية عبر التاريخ».