صادف الحظ أن أتواجد في صرح علمي عسكري استراتيجي وطني في دورة للإستراتيجية والأمن القومي بهذا الصرح العظيم ،وهذه الجامعة التي تخصصت بالدراسات العليا، حيث أثار دهشتي كيف تولت هذه المؤسسة العظيمة عبء ندوات تثقيفية وطنية يديرها قادة من العسكريين الحاصلين على مراكز علمية عليا ودراسات متعددة التخصصات يخدمون بوطنية بعزف سيمفونية حب واحتواء وبالتواصل الدائم وتنظيم وجدية وحسم والتزام بأحدث نظم فن الاتصال بينهم وبين المتدربين بمواد تدريبية انتقيت بعناية ومقاييس للجودة العلمية لإفادة المجتمع القومي متاحة لأصحاب الدرجات العلمية العادية لتنقية الأذهان من التخبط الفكري لأخر عشر سنوات مرت على تاريخ مصر كثيرة الإحداث السياسية والاجتماعية والتشويش والحشد الذهني والتأثير المجتمعى الغير ممنهج من خلال وسائل الإعلام وبرامج التوك شو بكم من المهاترات المشوشة للحقائق وتوجيه وتحفيز الرأي العام لأهداف غير إيجابية تستهدف دوافع خارجية لدس الفتن وتمزيق النسيج المجتمعى والتفكك أواصر الشعب باختلاف الأفكار وتفتيت العلاقات الاسرية والاجتماعية بدس أراء مغلوطة تعمل على الاختلافات الثقافية والتعليمية بين الفئات المختلفة للشعب.
ولكن مع كون الانتماء المجتمعي والإحساس بالمسئولية لا يختلف عليها اثنان بوجودها بداخلنا إلا أنها أيضاً تحتاج إلى زيادة وهو شيء مكتسب، فحب العطاء يزيد كلما توافرت بعض الأمور في بيئة الحياة ، وهذه أمورٌ مهمةٌ جداً ليزداد الانتماء والبعض يفكر في المال فإذا وجد المال بقي ، وإذا لم يجد المال في وطنه تركه وهاجر. وحُب الوطن يكون لأمور كثيرة، فعندما تخرج للخارج تتعرف على بعض المعايير يفرضها عليك التنظيم المجتمعى للبلد المضيف التي تجعلك تبذل كل مجهوداتك لإثبات كفاءاتك ولأجل البقاء ولقمه العيش والفرصة المتاحة مهما كانت التحديات فما بالنا بمثل ذلك فى مجتمعنا ولكم بعض من نتائج تجربتي أسردها لكم لتعم الفائدة .
تعلمت في هذه الجامعة العسكرية الوطنية أن الإنسان يولد وهو مُجهز بخمس حاجات أساسية؛ واحدة منها تنتمي للمخ القديم وهي التي تختص بتداوُل الحاجات الفسيولوجية العضوية للإنسان من حاجة للمأكل والمشرب والتنفس، وحاجات الوجود أو الامتداد، أما الحاجات الأربع الأخرى، فهي تنتمي للمخ الجديد، وهي الحاجة للانتماء والمحبة، والحاجة لتقدير القوة والبأس، والحاجة للحرية والمشاركة في القرار، والحاجة للراحة النفسية، وإلى الوجود في بيئة تقبل الفرد وتُشجعه. لذا فإن الانتماء يعتبر أحد الاحتياجات الهامَّة للإنسان والدوافع المؤثرة في حركته، وقد قامت عقيدة الإسلام على تحرير الإنسان من كل قيدٍ؛ ليكون انتماؤه الأول هو لله – عز وجل – وقِيم العدالة والحق والإنسانية؛ لِيسهُل عليه بعد ذلك أن يتعامل بتلك القيم مع أي دائرة من دوائر الانتماء المختلفة: الوطن – القومية – معتنقي ديانته – حزبه السياسي – منهجه الفكري – ناديه الرياضي – جنسه – مهنته.
نحن لا نختلف على حب الجميع لهذا البلد الجميل لكن لابد من أن نزيد وننمي هذا الشعور حتى يكون أكثر صدقاً ووضوحاً وهو ليس بالشعارات لكن بالعمل والتصرف حتى نصل إلى بناءه وتنميته، غرس الأخلاقيات الإيجابية والتي تأتي من ديننا وتراثنا وتاريخنا لابد من غرسها بأطفالنا منذ الصغر، نغرس حب التعبير الدائم والفخر بالانتماء له عن طريق سرد تاريخ الوطن المشرف وكفاح أجدادنا ومميزات هذه البقعة الشريفة من الأرض وما تحتويه من خيرات ونعم وميزات، نأخذ أبناءنا لمعالم بلدنا ونعلمهم حب هذه المعالم والدفاع عنها الانتماء ليس ادعاءً يدعيه الإنسان أو مقولة تقال أو خطبة تذاع، وإنما هو التزام ومسؤولية. حيث يترجم هذا الالتزام بتحمل المسؤولية الوطنية. فلا يصح بأي حال من الأحوال أن نعيش متفرجين أو نبعد عن التزاماتنا نحوه وإنما وفق مقتضيات الانتماء السليم للالتزام بمتطلبات المواطنة والقيام بأدواره ووظائفها. وعلى المؤسسات الثقافية والتربوية والإعلامية أن تعمل من أجل بلورة مفهوم الانتماء وربط جميع المواطنين بمسؤولياتهم وواجباته.
فالانتماء يدفعنا جميعاً إلى العمل لسد الثغرات وإنهاء نقاط الضعف، والسعي المتواصل لتعزيز وحدته وتصليب وتمتين تضامنه الداخلي.. وبكلمة: فإن الانتماء يعزز قوة المجتمع على قاعدة العدل والمسؤولية المشتركة والسعي الدائم لإضافة مكاسب جديدة
الانتماء لن يتشكل بشكل حقيقي في نفوس المواطنين، إلا بإنجاز مفهوم المواطنة على نحو مؤسسي وعملي بما تحتضن من مسؤولية وشراكة، هي بوابة انجاز مفهوم الانتماء الوطني. وحينما يغيب مفهومها من الفضاء السياسي والاجتماعي، حينذاك يتحول موضوع الانتماء إلى شعار للاستهلاك والمزايدات. لذلك فإن من المقومات الأساسية هي القائمة على دعائمها ومرتكزاتها المعرفية والمؤسسية.
من هنا فإن تعميق مفهوم الانتماء يتطلب العمل على بلورة واقع المواطنة في أبعاد الحياة المتعددة.. فالمواطنة بما تختزن من مسؤوليات وحقوق وواجبات، هي جسر الوصول إلى مستوى متقدم من حالة الشعور والالتزام بكل المقتضيات.
وان الشعوب والأمم التي تعاني من حالة ميوعة في التزامها بقضايا ومتطلبات انتمائها الوطني والقومي، هو من جراء الغياب العملي والمؤسسي لهذا الواقع، بحيث يشعر كل مواطن بحقوقه وواجباته، بمسؤولياته ووظائفه. أما الأمم والشعوب التي يشعر أبناؤها باعتزاز عميق بانتماءاتهم، فهو من جراء انجاز هذه الأمم لواقع المواطنة في واقع حياتهم. لذلك فإن القوة والعزة والشعور العميق والالتزام الصادق بمقتضيات الانتماء ، كل هذا بحاجة إلى حقيقة قائمة على أسس المسؤولية المتبادلة وتكافؤ الفرص.
لا يكفي الإنسان أن يعيش على أمجاد آبائه وأجداده، وإنما المطلوب دائماً هو أن نسعى إلى صنع حاضرنا وتاريخنا وبناء مجدنا من خلال جهدنا وعملنا المتواصل باتجاه العمران والتقدم. صحيح أن الآباء والأجداد، تمكنوا من بناء هذا الوطن وتجاوز الكثير من المخاطر والتحديات التي واجهتهم في هذه المسيرة. ولكن لا يمكننا أن نعيش فقط على تلك الأمجاد والذكريات، وإنما ومن مقتضى الوفاء أن نعمل معاً على صنع حاضرنا وتطوير راهننا وتجاوز محن واقعنا وتحدياته، بالمزيد من الكفاح والبناء والعمران. وهذا بطبيعة الحال، يتطلب الانفتاح على حركة الحياة كلها، وذلك من أجل بلورة الفكر والرؤية الجديدة والمنهج الجديد والأساليب الجديدة، التي تمكننا من بناء تجربتنا وتطوير واقعنا وتعزيز بنائنا الوطني.
فالانتماء يحتاج لعمل وجهد مستمرين لا ينقطعان، هذا الحب يعني إجبار النفس على الالتزام بأنظمته حتى ولو سنحت الفرصة للانفلات منه، والالتزام بالمحافظة على بيئته ومنشآته العامة وطرقه وكل ما يقع على هذه الأرض الطيبة، وأن نكون على وفاق فيما بيننا حتى ولو لم يعجبنا من أجل حماية الوطن حتى لا يصيبه الانشقاق.
فهو التزام ومسؤولية، وكسب متواصل في مختلف الميادين لربط مكاسب الماضي بمنجزات الراهن وصولاً إلى مستقبل وطني جديد، يمارس فيه الجميع مسؤولياتهم وأدوارهم ووظائفهم وحقوقهم. فالأوطان في المحصلة النهائية، لا تعمر إلا بأبنائها، ولا تتطور إلا بشعبها، ولا تمتلك أسباب القوة إلا إذا تطورت مشاركة المواطنين في إدارة أمورهم، وتسيير شؤونهم وقضاياهم… فالانتماء مساحة مفتوحة، لكل المبادرات والخطوات الخيرة والايجابية، والتي تستهدف عزة وطننا ومنعته على مختلف الصعد والمستويات، ومن أبرز المظاهر المجتمعية القوية
تحقيق الوحدة والترابط بين أبنائه، وتغليب لغة الحوار عند النزاعات، ووأد الفتنة الداخليّة، والقضاء على مسبباتها.
تحقيق قوته ومنعته داخلياً وخارجياً على حد سواء.
أتمنى إنشاء جامعة عسكرية وطنية تعمل على تدفق ولاء مجتمعي علمي في الارتقاء بالتعليم فيه، وتحقيق كفايته من أبنائه في كافة التخصصات تنير درب أولادنا وشبابنا تضع بصمة في هذا الوطن تدل عليهم، فالوطن لا ينسى أبناءه، ولا ينسى أسماء العظماء منهم. حب الأوطان من الإيمان.
خلاصة القول.. لاشك بأن مصر بلد الأمن وأمان حباها الله برعايته وذكرها بكتابه وسخر لها من يضحى من أجلها ومن يراعى مصالح شعبها أعان الله القادة العسكريين العظماء وعون الله في تحقيق رفعة شأن الوطن الحبيب (مصــر) إن مصر هي الحب والعطاء.. مصر هي الأمن والأمان.. مصر هي الفخر والافتخار.. مصر هي العز والاعتزاز.. مصر هي السكن والكيان.. مصر هي السكينة والاستقرار، فالعلاقة بين مصر والمصريين هي علاقة دائمة ومستمرة تقوم على الحب والاحترام والتقدير، تتخذ من الوفاء التزاماً، ومن العطاء كرماً، ومن التضحية حباً فهي أقرب الأماكن إلى قلبي، ففيها أهلي، وأصدقائي. وحبي لوطني يدفعني إلى الجدّ والاجتهاد، والحرص على طلب العلم والسعي لأجله؛ كي أصبح يوماً ما أخدم وطني وأنفعه، وأرد إليه بعض أفضاله علي فـ مصر هي أغلى شيء في حياتنا لذا يجب علينا أن نحميها وندافع عنها ضد الأخطار والأعداء، ونكون دائماً على أتم استعداد للتضحية من أجلها، وأن نفديها بأرواحنا ودمائنا في أي وقت .