قبل أيام، أجرت محطة «روسيا اليوم» التلفزيونية الروسية حوارا مع فاضل الجنابي رئيس منظمة الطاقة الذرية العراقية سابقا. من بين الموضوعات التي أثارها وتحدث عنها، إقدام النظام الإيراني والكيان الإسرائيلي على اغتيال عدد كبير من العلماء العراقيين في مجال الطاقة النووية والأكاديميين العراقيين بعد الاحتلال الأمريكي.
ما تحدث عنه ليس أمرا جديدا. هذه جريمة تاريخية كبرى تم الكشف عن كثير من تفاصيلها وتوثيقها في عدد كبير من التقارير، ومن بينها تقارير أعدتها مؤسسات ومراكز غربية.
في أعقاب الاحتلال الأمريكي للعراق مباشرة، تم الشروع في تنفيذ هذه الجريمة التاريخية.. اغتيال العلماء والأكاديميين العراقيين.
ليس معروفا بالضبط أعداد العلماء والأكاديميين الذين تم اغتيالهم. لكن أحد التقارير ذكر أنه تم اغتيال 530 عالما عراقيا، وأكثر من 200 أستاذ جامعي وشخصيات أكاديمية ما بين عامي 2003 و2006، وغير هذا، تم اغتيال 80 ضابطَ طيران من القوات الجوية العراقية. وبعض التقارير تذكر أن الأعداد أكثر من هذا.
هذه الجريمة التاريخية شارك في ارتكابها أربعة أطراف هي، النظام الإيراني، والكيان الإسرائيلي، والمخابرات الأمريكية، وشخصيات وقوى طائفية في العراق. فمن الحقائق الثابتة التي كشفت عنها وثائق نشرها موقع ويكيليكس، أن قوى وشخصيات طائفية عراقية عميلة لإيران، وعلى رأسهم نوري المالكي، أعدوا قوائم كاملة بأسماء مئات العلماء العراقيين، وسيرهم الذاتية، وطرق الوصول إليهم، وقدموا هذه المعلومات إلى فرق اغتيال تابعة لإيران والموساد الإسرائيلي.
وكما أشرنا، غير العلماء والأكاديميين، أقدم النظام الإيراني على اغتيال العشرات من الطيارين العراقيين وخصوصا الذين شاركوا في الحرب العراقية الإيرانية.
هذه الجريمة التاريخية تجسيد لحقيقة مسكوت عنها هي، التحالف غير المعلن بين النظام الإيراني والكيان الإسرائيلي.
ما معنى أن يلتقي النظام الإيراني والكيان الإسرائيلي معا، عند الاتفاق على ارتكاب هذه الجريمة باغتيال مئات العلماء والأكاديميين العراقيين، والتعاون معا حتما في سبيل تحقيق ذلك؟
معناه أن هناك مصلحة مشتركة تجمع الطرفين معا، وأهداف مشتركة يسعون إلى تحقيقها.
المصلحة هي العمل على قتل عقل العراق وقوته الحيوية الضاربة ممثلة في كفاءاته البارزة من علماء وأكاديميين وخبراء في مختلف المجالات وبالأخص مجال العلوم والتكنولوجيا. معروف أنه في أي بلد هؤلاء العلماء والخبراء هم الذين تقوم على أكتافهم وبفضل إبداعاتهم ووطنيتهم مهمة تحقيق التقدم النوعي وبناء القوة الوطنية.
معناه أن النظام الإيراني والكيان الإسرائيلي يجمعهما معا هدف العمل على منع العراق من تحقيق أي تقدم أو إنجاز نوعي في أي مجال، واعتبار أن هذه مهمة إستراتيجية يجب تحقيقها بأي شكل حتى لو كان بارتكاب جريمة تاريخية بشعة باغتيال هؤلاء.
معناه باختصار أن إيران والكيان الإسرائيلي يجمعهما تحالف للحقد الأسود على الشعب العراقي وعلى العراق. هذا الحقد هو الذي يرسم ويحرك مواقفهما وسياساتهما.
هذا الحقد الأسود لم يتجسد فقط في ارتكاب هذه الجريمة التاريخية، وإنما تجسد في سياسات إجرامية تجاه العراق والشعب العراقي كانت هي السبب الجوهري فيما آل إليه حال العراق من دمار وخراب منذ الاحتلال الأمريكي وحتى اليوم.
هذا الحقد الذي يجمع إيران والكيان الإسرائيلي لا يقتصر على الشعب العراقي والعراق فقط، وإنما يمتد إلى كل العرب والدول العربية.
هذا اللقاء في المصالح والأهداف الشريرة يمتد إلى كل العرب والدول العربية.
وتفصيل ذلك في حديث آخر بإذن الله.