نون والقلم

المستشار بهاء ابوشقة يكتب: مشكلة استهلاك الريف

 استمرارًا لأهمية مواجهة المشاكل بشفافية ونزاهة، هناك أمور لا يمكن إغفالها أو مناقشتها، ومنها قضية الريف المصري والكارثة الحقيقية في مصر التي تعانى منها منذ زمن طويل هي تحول الريف إلى مستهلك أكثر من المدينة، فالريف الذي كان يمول المدينة بكل احتياجاتها من كل أنواع الطعام، بات مستهلكًا بشكل لافت للنظر، ولم يعد الفلاح أو الفلاحة المنتجة يقوم بدوره المنوط به، وبات أيضًا أن جميع المصريين تحولوا إلى قطاعات مستهلكة.. وبما أننا فى مرحلة بناء جديدة لمصر لا بد أن تختفي ظواهر سلبية كثيرة بين المصريين ومن بينها توقف عجلة الإنتاج فى الريف وأصاب الأرض الزراعية الحزن الشديد بسبب التجاهل المتعمد من الفلاحين لها.

لقد انتشرت ظاهرة الهجرة من الأرض الزراعية سواء كانت داخلية أو خارجية، وكلنا يشهد الأعداد الوفيرة التي هجرت الأرض واستوطنت المدن، بالإضافة إلى الغالبية التي تبحث عن فرص عمل بالخارج.. المرء الآن يتحسر شديد الحسرة على الفلاحين الذين أوقفوا الإنتاج، فقد كانوا في يوم من الأيام يمولون المدن بغزارة من الإنتاج سواء كانت لحومًا أو دواجن أو بيضًا أو جبنًا أو زبد وخلافه. واليوم بات هؤلاء الفلاحون مستهلكين أكثر من قاطني المدن.

وبما أننا في مرحلة تأسيس الدولة المصرية الحديثة، لا بد أن يعود الريف إلى سابق عهده فى الإنتاج، فقد كان الفلاح يحصل على رزقه ليس فقط من عائد بيع المحصول وإنما من صناعات أخرى. والآن بات الحال لا يسر.. فهل هذا ينفع ونحن نؤسس مصر الحديثة.. لقد فقد الريف ميزة مهمة وهى الاكتفاء الذاتي من طعامه، وراح أهل الريف ينافسون المدينة فى شراء احتياجاتهم من المأكل.. بالإضافة إلى قيام الفلاحات باستبدال صناعة الخبز بشرائه من المخابز.

الآن يجب أن يتم تفعيل دور المحافظين وقيامهم بدور التوعية خاصة محافظات الريف سواء في الوجه البحري أو القبلي, فالوظيفة الحقيقية للمحافظ أن يكون بين الناس ويضع يده على مواطن الخلل، ويبدأ على الفور في إيجاد حلول لهذا الخلل.. وأعتقد أن الأزمة الحقيقية المتسببة في تعطيل إنتاج الريف هي عدم الولاء للأرض، ولم يعد الفلاح حريصًا على أرضه بل إن هناك فلاحين تركوا أراضيهم عرضة للبوار بسبب هجرتهم للأرض أو بسبب تجريفهم أرض أجدادهم للحصول على عائد مادي سريع.. ولذلك لا بد أن يكون هناك دور للمحافظين للقضاء على هذه الظواهر السلبية. والبداية الحقيقية تبدأ بعودة الارتباط بالأرض.

بسبب هذه السياسات العرجاء فقدت مصر ميزة مهمة كانت معروفة بها أمام شعوب الدنيا قاطبة. وهى مصر بلد زراعي.. ومع عظيم الأسف أن كل الصناعات التكميلية القائمة على الزراعة قد تدهورت بشكل يدعو إلى الحسرة والألم.. ولذلك أعتقد أن كل القائمين على شئون الريف وخاصة المحافظين، يجب على الفور البدء فى عودة هذا الريف إلى سابق عهده كجهة منتجة لا مستهلك تتناسب مع طبيعة المرحلة فى مصر الحديثة.

رئيس حزب الوفد

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى