لا قيمة لقرار ترامب في إقراره واعترافه أن الجولان السوري جزء من خارطة المستعمرة الإسرائيلية، فهي كذلك منذ احتلالها عام 1967، ولم تكن لديها أو عليها أي سيادة طوال نصف القرن الماضي سوى سيادة المستعمرة وقواتها واحتلالها ومستوطنيها وسارقي خيراتها، ألم يسبق لحكومة المستعمرة برئاسة نتنياهو أن عقدت اجتماعها الأسبوعي على أرضها يوم 17 نيسان 2016 ؟؟ وهل ثمة سيادة مادية أو معنوية لغير المستعمرة الإسرائيلية على الجولان أو غير الجولان من الأراضي المحتلة سواء منطقة 48 أو منطقة 67، سواء فلسطين أو ما يُحيطها ؟؟ فما هو الجديد إذن الذي قدمه ترامب ونتنياهو في هذا القرار ؟؟.
هو إقرار ما هو واقعي، التسليم العلني بما هو قائم، باستثناء أن ما يقوله ترامب هو التسليم بما يفعله نتنياهو، أنه يتوسع ويُسيطر ويستعمر أرض العرب بما يتعارض مع حقوقهم وممتلكاتهم، وبما يتعارض مع قرارات الأمم المتحدة، وهل هناك احترام لقرارات الأمم المتحدة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وسائر الحقوق العربية ؟؟ هل هناك احترام لقرار التقسيم 181 ؟ هل هناك احترام لقرار حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم وممتلكاتهم التي طردوا منها عام 1948 القرار 194؟؟ هل هناك احترام لقرار 242 الذي يؤكد على الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة عام 1967 وعدم جواز ضمها والذي ينطبق على أرض الجولان ؟؟ وهل هناك احترام لقرارات الأمم المتحدة الخاصة بالقدس؟؟ وهل هناك احترام لقرارات الأمم المتحدة التي تؤكد عدم شرعية الاستيطان والمستوطنات وأخرها القرار 2334 الصادر يوم 23/12/2016 ؟؟ .
صحيح أن قرارات الأمم المتحدة لا تُطبق ولكنها معايير معنوية ومرجعية للحكم لأنها لا تجد من يعمل على تنفيذها في حالة الصراع العربي الإسرائيلي ؟ فالانسحابات الإسرائيلية من سيناء وجنوب لبنان وقطاع غزة تمت على وجع الضربات العربية ضد العدو الإسرائيلي، ولم تتم رغبة من قادة المستعمرة ثمناً للسلام، بل أذعن قادة المستعمرة على وقع خسائرها في حرب تشرين، والانتفاضة الفلسطينية الأولى والثانية، والمقاومة اللبنانية في جنوب لبنان، ولأن نتائج هذه المعارك لم تكن حاسمة كانت الانسحابات الإسرائيلية عرجاء، غير مبنية على هزائم واضحة، بل تمت انسحاباتها بشروط مجحفة باستثناء جنوب لبنان حين تم الانسحاب من طرف واحد بسبب ضربات حزب الله الموجعة للعدو الإسرائيلي، بينما الانسحاب من سيناء كان ثمنه أن تبقى منزوعة السلاح وخالية من قوات مصرية، والرحيل عن قطاع غزة بعد إزالة قواعد جيش الاحتلال وفكفكة المستوطنات مقابل فرض الحصار البري والجوي والبحري ،وتحويل قطاع غزة برمته إلى سجن تجويع لأهله !!
لا قيمة لقرار ترامب سوى تقديم دعم سياسي إلى نتنياهو في اتجاهين : أولهما دعم معركته الانتخابية ضد جنرالات الجيش الثلاثة : غانتس ويعلون وإشكنازي، الذين يخوضون المعركة ضده، وثانيهما إسناده في معركته القانونية للتهرب من استحقاقات المحاكمة كمرتشي وفاسد، وغير ذلك لن تضيف شيئاً للبقاء أو للانسحاب من الجولان، ولهذا جاء توقيع ترامب بمثابة صفقة دعم وخدمة انتخابية لنتنياهو سيدفع ثمنها مقابل دعمه المماثل إلى ترامب العام المقبل في معركته الانتخابية ضد الحزب الديمقراطي الذي هزمه في انتخابات مجلس النواب يوم 7/11/2018، وبات الديمقراطيون الأغلبية لدى مجلس النواب، كمؤشر مسبق على سوء إدارته وتراجع الأميركيين عن قبوله وانتخابه.