ملايين العرب تتجه أعينهم إلى تونس الأحد المقبل حيث القمة العربية الثلاثون وسط ملفات عاجلة تتطلب قرارات حاسمة – أفعال لا أقوال- على أرض الواقع .
عروبتنا تتمزق، وأوصالنا تقطعت بأيدينا أو بأيادي غيرنا .. بمساعدتنا أو باللامبالاة المزروعة فينا، فدماؤنا العربية تسيل بأيادٍ عربية على أراضٍ عربية بسلاح أجنبي يستنزف خزائننا العربية.
طاولة القمة العربية هذه المرة ستكون أكثر إيلامًا من المرات السابقة؛ فكل قمة يضاف إليها فقدان جديد، والضائع ليس شهيداً، بل آلاف الشهداء على أرض عربية، والأشد قهراً أن الأمر امتد إلى استشهاد الأرض نفسها، وضياعها من أيدينا بقوة الغازي وضعف الحماة والنيران الصديقة.
بالطبع سيكون إعلان الخواجة ترامب بخصوص الجولان هو الأبرز والأكثر إثارة، بعدما قُتلت قضية فلسطين في ظل اكتفاء الأنظمة العربية بالشجب والتنديد والذهول والغضب وعشرات الشعارات الرنانة الجوفاء التي تفتقد إلى القوة والثبات.. لكن بالمناسبة سؤال يجول بالخاطر: هل ستقرر الجامعة العربية ما تشاء بالنسبة للجولان؟، في حين أن عودة سوريا لمقعدها غير مدرجة بجدول أعمال القمة العربية المرتقبة في تونس.. فكيف بالله عليكم يتم التعامل مع الكارثة؟، بمنطق الحاضر الغائب، فبدلاً من أن تعيد إليها مقعدها وتشد من أزرها أمام الكارثة في مواجهة ترامب، تستخرج لها شهادة وفاة!!.
لست مدافعاً عن بشار وحكمه، ولكن الجامعة العربية اتخذت قرار تجميد مقعد سوريا في 2011 على خلفية لجوء نظام بشار الأسد إلى الخيار العسكري لإخماد الثورة الشعبية المناهضة لحكمه، ولن تتوقف أمام القلاقل الموجودة في العديد من الأنظمة العربية..لكننا فقط نتساءل باندهاش لماذا لن تتدخل الجامعة العربية في المجازر التي تشهدها أرض اليمن وآلاف الشهداء والمصابين بالنيران الصديقة؟.
سؤال برئ.. الوطن العربي تحول إلى بؤر خلافية وانشقاق وتخاصم بين الأشقاء الذين فرقهم الشيطان، وتحول العديد من الدول العربية إلى بؤر صراع في اليمن والسودان وسوريا وليبيا، ولا ننسي الأزمة الخليجية وهناك دول على شفا حفرة وأخرى على صفيح ساخن، بل براكين خامدة.. فماذا فعلت الجامعة العربية لرأب الصدع في هذه البؤر السرطانية؟ وأين قراراتها الصارمة؟، وما مدى قوتها؟ وكيف تتحول إلى أداة فاعله تمتلك الرقابة والعقاب؟.
القمة المرتقبة على جدول أعمالها وفق ما هو معلن 20 مشروعاً وملفاً، وحضور العرب واجتماعهم على قلب رجل واحد ربما كان أكبر رسالة توجه ليس فقط لترامب، وإنما للعالم أجمع، فالوقت لم يعد في صالحنا، فإما أن نتفاعل بصورة إيجابية، ويكون هناك موقف عربي واضح وصريح وقوي تجاه ما يجرى، أو تخرج القمة بتوصيات تقليدية حفظتها الشعوب العربية عن ظهر قلب.
الأحلام العربية ومتطلبات الشارع العربي باتت أكبر من إمكانيات جامعة الدول العربية التي فشلت في رأب الصدع والصراع داخل الوطن العربي، وأصبح اللون الأحمر هو الأكثر انتشاراً والأدق وصفاً لوطن ينزف منذ سنوات ويشتد الجرح إيلامًا عقب الربيع العربي.
باختصار.. القمة العربية نهاية مارس، ونخاف أن تأتي قراراتها مجافية للحقيقة مع مطلع أبريل وطبعا «كذبة أبريل» في وطننا باتت مشروعة ولا يحاسب عليها أحد، بل تتحول إلى نكات وسخرية وغضب مكتوم.. أخاف أن تكتب النيران الصديقة شهادة وفاة الجامعة في ظل الوهن العربي وتأسد الغرباء.
نبضة قلب.. قوتنا في وحدتنا ولم الشمل العربي لا يحتاج معجزة بل يحتاج عقولًا رشيدة.