نون والقلم

انتهت لعبة «داعش»… فإلى لعبة أخرى!

مثل شقيقه تنظيم ـ القاعدة ـ يبدو أن مدة صلوحية تنظيم «داعش» قد انتهت.. ليبدأ العد العكسي لمحاربته بغية «استئصاله» بعد أن مُكّن من كل أسباب القوة والغطرسة والتمدد من سوريا صعودا إلى العراق ونزولا إلى اليمن وليبيا وإلى كثير من الساحات الأخرى التي زرع فيها خلاياه النائمة في انتظار لحظة الصفر.
في البدء وفي أصل الشيء تنظيم «داعش» لم ينزل من السماء.. ولم يمتلك مقومات تلك القوة ليهزم جيوشا ويتمدد في دولة مثل العراق بتلك السهولة والبساطة ويضع يديه على كل تلك الترسانة من الأسلحة والصواريخ هكذا بفضل «عبقرية» مؤسسيه و الارهابيين الناشطين في صفوفه. فتنظيم «داعش» هو وباعتراف الجنرال الأمريكي المتقاعد ويسلي كلارك (القائد الأعلى لحلف شمال الأطلسي في الفترة بين 1997 ـ 2000) صناعة أمريكا وحلفائها لمواجهة حزب الله في لبنان.
لكن ـ كلارك ـ هذا لم يقل كل الحقيقة.. لأن مواجهة حزب الله هي بالأساس هدف اسرائيلي «انتقاما» للهزائم المذلة التي ألحقها بالصهاينة وبحلفائهم الدوليين والاقليميين.. أما نصف الحقيقة الآخر فيتمثل في الأهداف الأمريكية أولا والصهيونية ثانيا من وراء بعث هذا التنظيم.. وهي أهداف لا تخرج عن دائرة توفير الظروف والمناخات لانتشار «الفوضى الخلاقة» في دول الشرق الأوسط كأداة لتفتيت الدول العربية وتقسيمها بغية إعادة تشكيلها وفق تصورات ورغبات «السيد» الأمريكي الذي يريد رسم حدود جديدة لدول المنطقة على انقاض الحدود الموروثة من زمن ـ سايكس ـ بيكو ـ حين كانت الامبراطوريتان الانقليزية والفرنسية تسودان العالم.
والمتابع لحركة تمدد هذا التنظيم يدرك دون عناء أنها تتبع بالضبط خط السير الأمريكي المعلن على ألسنة مسؤولين أمريكيين كبار من طراز «كوندوليزا رايس».. التي «بشّرت» بأن غزو العراق هو بداية لتدحرج كرة النار باتجاه ساحات عربية كثيرة مرورا بسوريا والسعودية ووصولا الى مصر «الجائزة الكبرى».. والمتابع أيضا لتعاطي الادارة الأمريكية مع هذا الاخطبوط يدرك بيسر أن أمريكا حتى وهي تعلن الحرب على هذا التنظيم لم تكن تسعى الى انهائه وتدميره واستئصاله بل الى توجيهه ليرسم على الارض الحدود التي رسمتها أمريكا من السماء وفي بحوث ودراسات مطابخها السياسية والاستراتيجية.. لذلك شهدنا قصصا مضحكة ـ مبكية من قبيل أن طائرات أمريكية أسقطت ـ خطأ ـ أسلحة الى عناصر من «داعش».. أو من قبيل أن عناصر سورية معارضة مدربة ومسلحة أمريكيا قد وقعت في قبضة «النصرة أو داعش» وأن أعضاء منها التحقوا بالتنظيمين أو أن جزءا من أسلحتهم سلّم الى الجماعات الارهابية.. هل يجب أن نكون أغبياء لنصدّق هذه الخزعبلات؟ وهل يجب أن نكون سذّجا لتتمادى أمريكا في خداعنا وفي بيعنا الأوهام.. والحال أنها مثلما أنشأت «القاعدة» لضرب السوفيات في أفغانستان تنشئ «داعش» لغايات وأهداف أمريكية أخرى؟
لماذا كل هذا الحديث اذن عن الاتجاه لمحاربة «داعش»… الجواب باختصار يكمن في معطيين أساسيين:
ـ صمود سوريا جيشا وشعبا وقيادة بما فوّت على الارهاب أية فرصة لتحقيق الاهداف الكبرى المرجوة منه.
ـ دخول الدب الروسي الى الساحة السورية وامساك الرئيس بوتين بأوراق اللعبة ما جعل امريكا والغرب يدركان بأن ـ اللعبة انتهت ـ.
وسط كل هذا الحراك الذي تموج به منطقتنا اسألوا عن الجامعة وعن عرّابي العدوان واسألوا عن السلطان اردوغان…. فهؤلاء لم يبق أمامهم الا الصمت في انتظار مؤامرة جديدة يهرولون لتنفيذها.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى