شهدت إطلاق مسابقة شعرية تخليداً لإرث الشاعر وإسهاماً في تحفيز إبداعات الشباب بمجال الشعر
نورة الكعبي: إرث سعيد بن عتيج مصدر فخر وإلهام
نون – أبوظبي
نظم مكتب شؤون المجالس بديوان ولي عهد أبوظبي، بالتعاون مع وزارة الثقافة وتنمية المعرفة ولجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، ندوة في مجلس محمد خلف في منطقة الكرامة، بمناسبة مئوية الشاعر «سعيد بن عتيج»، قدمها سلطان العميمي مدير أكاديمية الشعر باللجنة، والباحث الدكتور غسان الحسن، والباحث والشاعر علي بن أحمد الكندي، وأدار الحوار فيها الإعلامي سعود الكعبي.
وشهد المحاضرة معالي نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة، والشيخ سالم خالد القاسمي وكيل الوزارة المساعد لشؤون التراث والفنون، والسيد عيسى سيف المزروعي نائب رئيس لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، والسيد عبدالله بطي القبيسي مدير إدارة الفعاليات والاتصال باللجنة، والسيد عبيد خلفان المزروعي مدير إدارة لتخطيط والمشاريع باللجنة، إلى جانب عدد من الشعراء والمثقفين والكتاب والفنانين وسكان المنطقة وعدد من ممثلي وسائل الإعلام والصحافة المحلية والعربية.
وتوجهت معالي نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة، خلال كلمة ألقتها في الندوة، بالشكر الجزيل لمكتب شؤون المجالس بديوان ولي عهد أبوظبي، ومجلس محمد خلف على تنظيم واستضافة هذه الندوة، وإلى لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية على تعاونهم مع وزارة الثقافة وتنمية المعرفة في تسليط الضوء على إبداعات وإرث الشاعر سعيد بن عتيج الهاملي.
وقالت معاليها «نحتفي اليوم بالموروث الشعري لدولة الإمارات، ونخلّد ذكرى أحد شعراء الإمارات المرموقين، والذي لا زالت أشعاره تتردد في عقول أبناء الإمارات… فقد تميزت أشعار بن عتيج بقربها من الناس، بما جعل أبناء مجتمعه من الأجيال اللاحقة يهتمون بأشعاره ويحفظونها ويتناقلونها».
وأضافت «تتماشى مئوية الشاعر الراحل سعيد بن عتيج الهاملي مع إستراتيجية دولة الإمارات الرامية إلى الحفاظ على الهوية الوطنية الثقافية، وتعريف الأجيال الشابة على القامات الثقافية التي رسمت المشهد الثقافي منذ مئات السنين… كما نستهدف تقديم الإرث الشعري وروائع المبدعين الإماراتيين إلى المجتمعات العربية والعالمية باعتبارها مصدر فخر وإلهام لنا جميعاً، وما تركه الشاعر سعيد بن عتيج من إرث ثقافي خير مثال على ذلك».
وأعلنت معاليها عن إطلاق مسابقة شعرية، تخليداً لإرث الشاعر، وإسهاماً في تحفيز إبداعات الشباب في مجال الشعر من تنظيم وزارة الثقافة وتنمية المعرفة ولجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية، وذلك كجزء من برنامج الاحتفاء بمئوية الشاعر سعيد بن عتيج الهاملي.
وحول المسابقة الشعرية، قال سلطان العميمي، مدير أكاديمية الشعر في لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، أن المسابقة تساهم في تعزيز جانب مهم من قصائد سعيد بن عتيج وتعزز حضور شعر الونة وفن طارج الونة في المجتمع الإماراتي، موضحاً أن المسابقة ستكون فقد عن فن طارج الونة، وسوف يتم نشر سبعة قصائد ونة من أشعار سعيد بن عتيج على موقعي الوزارة واللجنة.
وأضاف أن شروط المسابقة تتمثل في أن لا يقل عمر المشترك عن 16 سنة، لا يقل عدد الأبيات في أداء المتسابق عن 6 أبيات ولا تزيد عن 8 أبيات من قصائد الشاعر سعيد بن عتيج التي تم تحديدها، عدم استخدام أي مؤثرات صوتية، تسجيل الأصوات وإرسالها عبر الواتساب من خلال رقم سيتم نشره قريباً على موقعي الوزارة واللجنة، مشيراً إلى أن أخر موعد لاستلام المشاركات سيكون يوم 15 أبريل القادم، وسيتم الإعلان عن النتائج نهاية شهر ابريل 2019، وسيتم منح جوائز نقدية للمراكز الثلاث الأولى بواقع 15 ألف درهم للمركز الأول، 10 ألاف درهم للمركز الثاني، 5 ألاف درهم للمركز الثالث.
وأكد العميمي أن الاحتفال بمئوية الشاعر سعيد بن عتيج والتي جاءت من خلال التوأمة الثقافية الرسمية بين الوزارة واللجنة، والتي تنبع من الإدراك بأهمية الاحتفاء بالرموز الإماراتية الذين لهم مكانة خاصة في دولة الإمارات، مشيراً إلى أن المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، أحد من شجعوا على أن تكون قصائد ابن عتيج جزءاً من الأغنية الشعبية المحلية، وكان إضافة إلى ذلك يحفظ أشعاره.
وأفاد العميمي، أن قصائد ابن عتيج عملت على تعزيز حضور فن الونة الذي يسمى أيضاً الطارج، وهو فن صوتي ذو وزن خاص، ينتشر في البادية، ويحمل لحناً شجياً قي مضمونه، وكذلك انتشرت قصائده في فن ونة البحر، مضيفاً أن قصائد الشاعر قد حظيت بانتشار كبير في عالم الأغنية الشعبية في الإمارات، وتحديداً في عقدي السبعينيات والثمانينيات، حيث تغنى عدد من الفنانين الإماراتيين أمثال جابر جاسم وحمد سهيل وغيرهم بقصائد ابن عتيج مثل «صاح بزقر المنادي» و «يا راكب يا قصادِ» و «يا عون من نادى لي»، والتي نجحت نجاحاً كبيراً ساهم في وصول القصيدة الإماراتية إلى آفاق جديدة من الانتشار خارج الإمارات.
وتناول علي بن أحمد الكندي، خلال الندوة، سيرة حياة الشاعر، قائلاً: إن الشاعر سعيد بن راشد بن سعيد بن عتيج الهاملي من أبرز شعراء النبط في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي، ويعد من كبار شعراء دولة الإمارات العربية المتحدة في القرنين التاسع عشر والعشرين، حيث سطع نجمه بين أقرانه من الشعراء بتميزه بقوة شعره وجزالة معانيه، مشيراً إلى أن الشاعر من مواليد منطقة الظفرة في بطانة ليوا على بعد 20 كيلو متر من ليوا وتحديداً في محضر «حوايا» عام 1875 على وجه التقريب، وله ثلاثة أخوات يصغرهن بالعمر وهن (حمدة وليلى وفاطمة)، وتوفي بعمر 44 سنة في عام 1919.
وأوضح الكندي، أن ابن عتيج عرف بتنقلاته الكثيرة، حيث عاش لبضع سنوات في إمارة دبي، كما وصل في تنقلاته إلى مناطق من بادية إمارة الشارقة، وتحديداً منطقة المدام، وسافر في مطلع القرن العشرين إلى مملكة البحرين للعلاج في أحد مستشفياتها من مرض أصابه، وقد تكللت رحلته العلاجية بالنجاح.
وبين أن الشاعر ابن عتيج كانت تربطه علاقات وطيدة مع حكام إمارة أبوظبي، الشيخ زايد بن خليفة الأول حاكم (1855-1909م)، والشيخ طحنون بن زايد بن خليفة آل نهيان (1909-1912م)، والشيخ حمدان بن زايد بن خليفة آل نهيان (1912-1920م)، وله مساجلات شعرية مع عدد من الشعراء مثل الشيخ بطي بن سهيل آل مكتوم حاكم إمارة دبي (1906-1912م) والذي جمعته به صداقة وطيدة، والشاعر سعيد بالحلوة الكتبي والشاعر محمد بن خميس المزروعي والشاعر سعيد بن سبت الخييلي وغيرهم.
من جانبه، قال الدكتور غسان الحسن، خلال الندوة، أن قصائد الشاعر ابن عتيج تنوعت في أغراضها بين العاطفي والمدح ووصف الطبيعة في بيئتي البادية والبحر، مضيفاً أن عدد غير قليل من قصائده ارتبط بأحداث شخصية وحكايات ساهمت في انتشار قصائده بشكل كبير بين الرواة في مختلف إمارات الدولة، ومنها ما يظهر صفات الولاء والشجاعة والمروءة لديه، ومنها ما يظهر الجانب العاطفي في شخصيته.
وأشار الدكتور الحسن، إلى أنه وخلال دراسته لأشعار ابن عتيج وجد تميز أشعاره بالحكمة في موضوعاته الشعرية، حيث جاءت حكمته من خلاصة التجربة وحقيقة مجرى الأمور، وأن شاعر مثله لا بد وأن يكون قد اجتمعت له حصيلة طيبة من تجارب الحياة وادراك حقائقها ومجاريها التي تسير فيها، مضيفاً أن الحكمة عنده لا تأتي مقصودة لذاتها، في قصيدة منفصلة أو أبيات مستقلة، وإنما يوردها تعليقاً على موقف مر به، أو تجربة أوصلته إلى هذه النتيجة، ولذا فهي تأتي في سياق القصيدة وأحداثها، وتبرهن على صحة النتيجة التي حصلت للشاعر، أو يكون ما وصل الشاعر إليه برهاناً عليها.