ملتقى أفضل التطبيقات يناقش تحديات استخدام الذكاء الاصطناعي في العمل الشرطي
نون – أ.ش.د
ناقش ملتقى أفضل التطبيقات الشرطية الثاني عشر الذي تنظمه القيادة العامة لشرطة دبي تحت رعاية سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي،في اليوم الثاني لفعالياته، تحديات استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في العمل الشرطي ومكافحة الجريمة، مُلقيا الضوء على مجموعة من الدراسات والابتكارات التي عرضتها الأجهزة الشرطية من 16 دولة في مجال تطويع الذكاء الاصطناعي في مكافحة الجريمة والقبض على مرتكبيها.
وبحث قادة الشرطة خلال اليوم الثاني دور تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في تعزيز الأمن والسلامة العامة في المجتمع، واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال عمل الأدلة الجنائية وعلم الجريمة بما يساهم في تقديم أدلة دامغة إلى الجهات القضائية حول الجرائم، إلى جانب توفير معلومات ودلائل إلى الأجهزة الشرطية لفك ألغاز الجرائم المعقدة.
التحقيق الجنائي
في الجلسة الافتتاحية، تحدث السيد سيل بول، رئيس الجمعية الدولية لقادة الشرطة، عن التحقيق الجنائي في القضايا الإلكترونية « السيبرالية»، مؤكدا أن هذه الجرائم العابرة للحدود تؤكد ضرورة وجود تعاون بين كافة الجهات الشرطية لمكافحتها إلى جانب ضرورة عمل الدول على إصدار تشريعات لحماية الناس من استغلال المجرمين للشبكات العنكبوتية.
وحث رئيس الجمعية الدولية لقادة الشرطة الشركات الخاصة العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي والجهات الحكومية إلى العمل جنباً إلى جنب على تقديم الدعم لضحايا الجرائم السيبرالية والتعاون في جمع الأدلة والمعلومات الرقمية التي تساهم في ضبط المجرمين وتقديمهم للعدالة.
كما وأكد على أهمية عمل الجهات الحكومية والمواطنين من أجل منع استغلال الشبكات العنكبوتية في ارتكاب الجرائم العابرة للحدود ومواجهة التحديات المستقبلية الناجمة عن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بما يحقق الأمن والأمان للمجتمعات.
الجهود اليابانية
من جانبه، تحدث ماساميتشي أغوا، نائب مدير التخطيط والذكاء الاصطناعي في وكالة الشرطة الوطنية اليابانية، عن الجهود التي تقوم بها الشرطة اليابانية في مواجهة الجريمة السيبرالية.
ولفت إلى أن اليابان عرفت تراجعاً في عدد السكان والقوى العاملة خلال السنوات الأخيرة، وهو ما يعني أنه لا يمكن العثور على موظفين شرطيين بدلاً من مكان المتقاعدين لذلك تعتمد أجهزة الشرطة على استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في عملها، ومنها نظام توقع الجرائم الذكي.
ولفت إلى أن شرطة مدينة كاريجاوا وضعت خطة لتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي من خلال إجراء دراسات تعتمد على عمليات «التعلم المُعمق في الذكاء الاصطناعي»، إلى جانب العمل على جمع البيانات عن الأعداد السكانية والمناخ والبيئة المحيطة بما يساهم في دعم العمليات الشرطية في مجال تعزيز الأمن ومكافحة الجريمة.
وقال نائب مدير التخطيط والذكاء الاصطناعي في وكالة الشرطة الوطنية اليابانية: لدينا ١٣ مركزا شرطيا على مستوى اليابان يتبنون عمل أنظمة الذكاء الاصطناعي في مهامهم اليومية ويعملون على إعداد تجارب ودراسات لاستشراف المستقبل في هذا المجال،لكن تبقى هناك الكثير من التحديات المستقبلية في قطاع يشهد نمواً متسارعاً.
الذكاء في «التوقيف»
من جانبها تحدثت السيدة شينا اوروين من شرطة مقاطعة دورهام في المملكة المتحدة عن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في توقيف المتهمين في القضايا الجنائية، مستعرضةً مجموعة من الدراسات التي تتضمن تقييم مخاطر استخدام التقنيات الذكية في التواقيف، مشيرة إلى أهمية التحقق من مدى دقة قيام أدوات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي فيدعم عملية توقيف المتهمين ودون وقوع أي مخاطر تؤثر على قيام الجهات الشرطية في مهامها بهذا المجال.
كما واستعرضت السيدة شينا اوروين نظاماً خاصاً ذكياً «لدراسة ماضي أصحاب السوابق لمنع وقوع جرائم مشابهة للتي ارتكبوها مستقبلاً»، وذلك استنادا إلى عدة معايير منها المنطقة التي يقطنوها ودراسة الحالة الاقتصادية والاجتماعية لهم، بهدف محاولة التنبؤ بإمكانية وقوع الجرائم مشابهة وعدم تكرارها في ذات المنطقة وبنفس الأسلوب.
تطويع الذكاء
ومن جانبه، أكد السيد باترك فوس، مدير مركز أبحاث الجرائم السيبرانية في الشرطة الاتحادية الألمانية، أن الذكاء الاصطناعي أصبح مجالاً هاماً في العمل الشرطي في ظل استخدام إمكانية استغلال هذه التقنيات من قبل المجرمين، مشدداً على أهمية استشراف المستقبل وتطويع الذكاء الاصطناعي في خدمة أمن المجتمع وحمايته من الجرائم.
وشدد على أهمية استغلال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لما تقدمه من معلومات ذات جودة عالية لخدمة العمل الشرطي كقراءة لوحات السيارات بدقة وكذلك توفير البيانات عبر جوجل ايرث وغيرها، مؤكداً أن هناك إيقاع سريع للتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي ويجب مواكبتها من قبل الأجهزة الشرطية، مستعرضاً في الوقت ذاته إحدى تقنيات التعرف على الوجوه ومدى التطور الذي شدته في قدرتها على رسم صورة الجاني من خلال المعلومات التي يقدمها الضحية بدقة عالية جداً.
وعرض السيد باترك فوس خلال الملتقى مجموعة من الصور وكيف تم استخدام التكنولوجيا للتلاعب فيها بطريقة مُحترفة دون أن يستطيع أي حد معرفة التميز بينها وبين الحقيقية،مبينا أن هناك ٢ مليار صورة سيلفي على «جوجل» يمكن أن تصبح تحدياً مستقبلاً في استغلالها من خلال التلاعب في حقيقتها، وهو ما يؤكد أهمية عمل الشرطة سوية لمواكبة التطورات المتسارعة في الذكاء الاصطناعي.
كما واستعرض فيديو لكيفية التلاعب في ملامح وجه رئيس إحدى الدول باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، ولقطات من أفلام سينمائية تظهر للفرد أن ما يحدث من سيناريو حقيقي، وبالتالي يجب أن تواكب الشرطة تقنيات الذكاء الاصطناعي في الفيديوهات.
الداخلية الفرنسية
وقدم السيد ريجيهباسيري، المستشار الاستراتيجي في وزارة الداخلية الفرنسية، ومدير مركز الذكاء الاصطناعي، ورقة عمل بعنوان « الذكاء الاصطناعي كأداة لتحديث وتنشيط العمل الإداري في وزارة الداخلية الفرنسية، مؤكدا أن وزارة الداخلية والقوات المسلحة استفادة من التنافسية في مجال الذكاء الاصطناعي وذلك من خلال توفير كم كبير من البيانات لها في مختلف المجالات للتعامل مع الجرائم وكشفها وتحقيق الأمن للمجتمع».
وقال إن لدينا ١٦٨ باحثا في مجال الذكاء الاصطناعي ولدينا في فرنسا شركات ضخمة تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي ولدينا ٢٧٠ شركة ناشئة تعمل في هذا المجال لذلك ندرك اننا نستطيع أن نستفيد منها في عملنا الشرطي بما يعزز أمن المجتمع.
وبين أن فرنسا تسعى لأن تكون متصدرة في مجال الذكاء الاصطناعي لذلك تم وضع أولويات في هذا المجال ومنها الأولويات الأمنية حيث تعمل وزارة الداخلية على تشجيع استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي «آمنة التشغيل» من خلال استخدام قاعدة بيانات خاصة مرتبطة ببعضها البعض في الوزارة.
وبين أن الداخلية الفرنسية تستخدم في عملها أنظمة حديثة كنظام تعقب الحقائب المتروكة في المطار أو المترو، للتأكد فيما إذا كان قد تم تركها متعمدا او بالخطأ، إلى جانب نظام خاص يمسى«هيستو فاك» والمتخصص بمعرفة تاريخ المركبة قبل شرائها من قبل المالك الجديد، ونظام استخدام « الشات» في غرفة العمليات ونظام الإنذار المبكر في مجال الأمن والسلامة، ونظام ذكي خاص في مجال التفتيش في الموقع والمناطق الحساسة.
وأكد أن وزارة الداخلية الفرنسية تحث الشركات الخاصة في تطوير خدماتها الذكية كون ذلك سيساعد أيضاً في العمل الشرطي المستقبلي، مبينا أن هناك شركة طورت نظاماً بإمكانه تحليل الصوت بدقة وهو ما يمكن استخدامه في العمل الشرطي.
وأشار إلى أن وزارة الداخلية الفرنسية تولي استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في مجال إدارة الموارد البشرية الشرطية من أجل الاستخدام الأمثل لهذه الموارد لتقليل الوقت والتكلفة،كما تحرص وزارة الداخلية أيضاً على استخدام الذكاء الاصطناعي مع ضرورة حماية خصوصية الأفراد تطبيقاً للقانون فرنسي لحماية بيانات الأشخاص الصادر منذ سبعينات من القرن المنصرم.
مشروع نيو
ومن جانبه تحدث المفوض جان فابريس بول كوفي من الشرطة الفرنسية عن مشروع نيو « NEO »وهو مشروع ذكي لإدارة استخدام المعدات التشغيلية لدى الشرطة الفرنسية في العمل الميداني من خلال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، مبيناً أن المشروع يتم تشغيله عبر نظام أندرويد، ويوفر نقل مشفر للشرطة من خلال الدوريات، ويحتوي على نظام «جي بي اس» خاص بالشرطة يحدد أماكن الدوريات وتحركاتها.
الجلسة الثانية
أما الجلسة الثانية للملتقى التي أدارها العميد خالد ناصر الرزوقي، مدير الإدارة العامة للذكاء الاصطناعي في شرطة دبي، فناقشت دور تكنولوجيا المستقبل في الأمن والسلامة العامة حيث قدم الرائد أحمد الشامسي من شرطة أبوظبي شرحاً حول مشروع « المدينة الآمنة» الذي يتضمن مجموعة من الأنظمة الأمنية والمرورية تقوم على أسس التكامل والترابط ضمن تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وبين أن المشروع يعدّ مركزاً معلوماتياً متطوراً لرفع مستويات السلامة المرورية باستخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ الأمني والتصدي للجريمة، وتحسين القدرة التشغيلية لشبكات الطرق، وتتوافر فيها تقنيات متطورة للرقابة وتوزيع الدوريات، ورصد السيارات منتهية الترخيص، وتحديد مستويات السلامة المرورية من خلال البرامج التي تقوم بتحليل البيانات المرورية باستمرار، وصولاً إلى أعلى مستويات الكفاءة والفعالية في اتخاذ القرار، وتعزيز التعاون مع الشركاء الاستراتيجيين.
وأوضح أن مشروع المدينة الآمنة يعمل كمركز استشعار مبكّر من خلال ارتباطه مع المنظومة الوطنية للإنذار المبكر، ويرسل التحذيرات للجمهور حول المخاطر والمهدّدات قبل وبعد وقوعها، باستخدام نظامي الاستشعار والبثّ والإرسال في إرسال الرسائل الإلكترونية المتغيرة والتحذيرية بتشكل الضباب، والحوادث الجسيمة، وإغلاق الطرق وغيرها.
مشروع عيون
ومن جانبه، قدم الملازم أول علي الشحي من شرطة دبي شرحاً حول مشروع «عيون»، مشيراً إلى أن المشروع يهدف إلى خلق منظومة أمنية متكاملة تعمل من خلال كافة الشركاء الاستراتيجيين على استغلال التقنيات الحديثة والمتطورة وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لمنع الجريمة، والتقليل من وفيات الحوادث المرورية، ورصد الظواهر السلبية في المناطق السكنية والتجارية والحيوية، والاستجابة الفورية للحوادث قبل ورود البلاغ، وكذلك التنبؤ بالأحداث واستباقها قبل وقوعها.
وبين أن المشروع يأتي تنفيذاً لخطة دبي 2021 وسيسهم في دعم عملية اتخاذ القرار وضمان تغطية جميع المناطق الحيوية والطرق، والاستغلال الأمثل للموارد البشرية من خلال تقليل نسبة التدخل البشري وخاصة في مجالات الرصد والتحليل والمراقبة، مستعرضاً خلال الملتقى مراحل تطور المشروع.
الرفاهية والتحديات
وقدم الدكتور إيان هيكسيث من كلية الشرطة في المملكة المتحدة ورقة عمل حول التحديات التي تواجه الشرطة العالمية في ظل استخدام الذكاء الاصطناعي، مؤكداً أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تحقق الرفاهية للناس لكنها تفرض في الوقت ذاته على الأجهزة الشرطية العمل الدؤوب من أجل مواكبتها لما تخلقه من تحديات.
ومن جانبه، قدم السيد جيمس سليسور من المملكة المتحدة، ورقة عمل حول اتجاهات التكنولوجيا وتأثيرها على السلامة العامة في العمل الشرطي في المستقبل، فيما قدم السيد لورانزو جوانزاليز مدير الابتكار الرقمي في شركة «اتش بي» ورقة عمل تطرق خلالها إلى أهمية الذكاء الاصطناعي في تحقيق السلامة العامة وسعادة المجتمع من خلال ما توفره من تقنيات حديثة ومتطورة تُسهل على المجتمع القيام بمختلف الخدمات التي يرغب في الحصول عليها.
الجلسة الأخيرة
وتناولت الجلسة الثالثة والأخيرة للملتقى استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال الأدلة الجنائية، حيث قدمت البروفسور دي ايتا كاي ميلز من جامعة فلوريدا ورقة عمل حول الاستفادة من الروائح في كشف جرائم المستقبل، مشيرة إلى أن الروائح يمكن تتبعها من خلال الكلاب البوليسية سواء في عمليات الإنقاذ والبحث عن مفقودين أو تتبع الآثار والبحث عن المخدرات.
وبينت أن الأبحاث العلمية لا زالت مستمرة في مجال استغلال الروائح للكشف عن الجرائم وضبط مرتكبيها وتشهد مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي آفاقا جديدة.
وقدم السيد ادريان دي جراتسيا قائد فريق الشرطة الفيدرالية الأسترالية شرحاً حول استخدام العلوم والتطورات التكنولوجية في مجال في الأدلة الجنائية من خلال جمع البيانات وتحليلها لكشف الجرائم سواء في الجرائم ذات العلاقة بالمخدرات أو التزوير وغيرها، فيما قدم السيد روس سكوير كي من استراليا شرحاً حول القضايا الخاصة بصناعة الأقفال مستعرضا نماذج لقضايا لها علاقة بجرائم متعلقة بالسرقة وكسر الأقفال.
وفي ختام اليوم قدم الدكتور فؤاد تربح والرائد عدنان لنجاوي وإبتسام العبدولي من شرطة دبي شرحاً إلى المشاركين حول الإدارة العامة للأدلة الجنائية وعلم الجريمة والإنجازات التي حققتها والتحديات المستقبلية إلى جانب المبادرات المتنوعة وأهم العلوم الشرطية التي تستخدمها في مجال كشف الجرائم وتقديم الأدلة للقضاء.