نون والقلم

صفاء سليمان تكتب: على صفيح ساخن

أنا انتمي كجنين برحم أمه، أنا انتمي حتى النخاع،  فالانتماء أصله من النمو فهو إما فطرة ربانية، أو هو إحساس ، أوصفات اكتسبتها من تجربتي في كل  تحدي أمامي في حياتي العامة أو الخاصة ،فهل لانتمائي ضريبة  وفاتورة إلزامية يتم دفعها ثمنا لولائي  و كيف يزيد انتمائي، أو يختفي باختفاء تصحر مجتمعنا من الحد الأدنى من الأخلاق وظهور تقلبات الزمان واختلاف العادات  والتقاليد و نتائج الأمور وتغيرات أفكار البشر وانعدام أواصر القيم  فهل  بقسوة الأيام  يتراجع فؤادي،أم انه ترسيخ في دمى بأن لا أتغير وأتحمل مشقة، وأعباء معتقداتي.

وينتابني حيرة، وأنا أم ورسالتي في الحياة هو تربية أولادي ورعايتهم ورعاية اتجاهاتهم وانتماءاتهم ومراقبه سلوكهم، كيف انجح أن أكون أم لابني المنتمي مع تحديات عصرنا، وغزو الغرب بأفكاره وثقافاته الزاحفة علينا وتأثيرها بالوصول السريع داخل بيوتنا بالاندرويد والسوشيال والمظاهر السيئة والسلبية للعولمة، وأسرنا المتوسطة الحال التي دائما وأبدا على صفيح ساخن مضغوطة، وبعيدة التأثير على أولادنا ولا تقوم بدورها للحد من المخاطر الخارجية ولا تهتم بغرس قيم سلوكية وأخلاقية تزرعها في نفوس أطفالنا.

ويجول بخاطري دائماً مشاكل المجتمع الأسرى حاليا خلافات زوجيه، أمهات غير مؤهلة لتربية أولادنا، أزواج مهاجرة من البيت  تنفر من المسؤولية،أنني من هنا أرسل نداء للإباء والأمهات ،أنتم أمام جيل أجاد الصمت والتواصل من خلال قنواته التي صنعها هو من خلال الرسائل النصية عبر الهواتف الذكية فهو جيل أتقن الصمت والكلام، والتواصل عبر الانترنت لا بل بلغة تخلو من النحو ،والصرف ،بل لغة مشفرة لا يفهمها غيرهم مما نتج عن فجوة قوية بين أبناء الجيلين أباء وأبناء الألفية، والصامت الذين يجتمعوا على العشاء بهواتفهم المحمولة وبرسائلهم النصية التي تقتل أوقات يومهم فهم يشعرون بالضياع بدون هواتفهم ،فهو صامت، وفي المقابل ثرثار على شبكات التواصل. وبذلك نرجع لمشكلتنا الحقيقية فأولادنا ينتمون لجيلهم الذي طرأ عليه ثورة التكنولوجيا فقد ولدوا في عصر التكنولوجيا التي غزت بيوتنا جميعا مستغلة ضعف، وهشاشة الأسر ،وسياسة العادات الاستهلاكية، فهذا الجيل لم يعش مرارة انتظار خطاب من الأهل والأحباب من بلد أخرى أو محافظة أخرى فهو يسجل أحداثه لحظياً في وقتها وتصل للآخر قبل زفير أنفاسه غير تعاملهم مع آباءهم  واتهامهم بالبدائية والتخلف ومع كل ذلك يا ترى ماذا يمكننا فعله أمام أبناءنا ؟ وكيف نحول بيئتهم لصالح مجتمعنا وتطويع سلوكيات وعادات الغرب في إطار عقائدنا وشرائعنا؟ انه امتحان أسري صعب للغاية فلنستعين بالله في العون على تربية واستقامة أولادنا ولا نتراجع في غرس قيم الانتماء والعطاء وولاءهم لمؤسساتهم العملية ولأوطانهم مهما كانت تحدياتهم لكي نحول الصمت للابتكار واثبات الذات، ونعلمهم لغة العقول، وعثورهم على أنفسهم ونعالج اعوجاج أفكارهم، ليستقيموا وينموا على سلوكياتنا وعاداتنا لينفعوا بذلك أنفسهم وغيرهم ونمكنهم من تحديث وتطوير بدائية مؤسساتنا وننهض بهم لرفعه شأننا، ونشجعهم بنمو أفكارهم ونزيد من حبهم للتغير ونستوعب بأن التقدم والرقى بدء بحلم شخص أجاد التعبير، وتنفيذ حلمه.

نحن أمامنا مجهود كبير ومسؤولية مجتمعية محتومة النتائج غير مخيرين فيها لا تتركوا أولادكم للحياة تصنع شخصياتهم و إلا فأنتم تحصدون نتائج غير محسوبة، مزيد من المجهود لتقليل مخاطر أجيال تتعاقب بها السوي والأعوج، ابذلوا مجهود ،فوضوا سلطات ومسئوليات لأولادكم ،حملوهم المسؤولية، وراقبوا اتجاهاتهم، وحاربوا من اجل الحفاظ على الانتماء الأسرى، والعملي، والمجتمعي، فنحن سوف نحاسب على ذلك أمام الله ،اللهم اجعل في أبناءنا وأخواتنا وكل من يضعف قلوبنا آية من عندك، اللهم آمين .

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى