نون والقلم

جهاد الخازن يكتب: بولتون وإدارة السياسة الخارجية الأميركية

جون بولتون منذ سمعنا اسمه قبل 20 سنة أو أكثر، كان عميلاً لإسرائيل عندما كان سفيراً للولايات المتحدة في الأمم المتحدة، وبقي عميلاً لها خارج الحكم، وعندما عاد مستشاراً للأمن القومي مع الرئيس دونالد ترامب.

بولتون كان يقبض 569 ألف دولار في السنة من «فوكس نيوز» عندما انضم إلى إدارة ترامب ومعها حوالي 750 ألف دولار في السنة أيضاً أجر إلقائه خطابات وتصريحات تعتمد على شهرته عبر «فوكس نيوز».

أخبار ذات صلة

تابعت في الأيام الأخيرة ظهور بولتون في «فوكس نيوز» الأحد وكذلك «سي إن إن» وبرنامج «حالة الاتحاد» للدفاع عن فشل القمة بين ترامب ورئيس كوريا الشمالية كيم جونغ-أون في هانوي.

ترامب سئل في مؤتمر صحافي عن مقتل الطالب الأميركي اوتو وارمبير، وهو في السجن في كوريا الشمالية فقال «هو (أي كيم) قال لي إنه لا يعرف شيئاً عن الموضوع وأنا أصدق كلامه».

وبولتون قال في المقابلتين التلفزيونيتين إن ترامب لا يأخذ جانب أي دكتاتور، وإنما يعبر عن رأيه في مواضيع الساعة. بولتون وترامب هبطا الى مستوى من إهانة الواقع والمعلومات الأكيدة، مثل تدخل روسيا في انتخابات الرئاسة سنة 2016، ولا يزالان يفعلان.

ترامب لا يعرف كثيراً عن السياسة الخارجية الآن وقبل أن يصبح رئيساً، وبولتون يهمس في أذنه آراء متطرفة فيقبل الرئيس بها، وتصبح سياسة أميركية. بولتون يقترب من نهاية سنته الأولى مستشاراً للرئيس في السياسة الخارجية، وهو عادة يقرر مواقف ترامب مثل الإصرار على أن القمة الفاشلة مع كيم كانت ناجحة، فهذا الرأي المعلن للرئيس بعد قمة هانوي.

بولتون كرر رأي الرئيس من أن القمة نجحت، إلا أنه لم يقدم دليلاً واحداً على نجاحها وإنما قال إن الرئيس لا يزال متفائلاً، وإن القمة كانت تستحق التجربة. عندما سئل على التلفزيون عن مقتل الطالب الأميركي اوتو وارمبير في كوريا الشمالية زعم أنه ليس صاحب القرار في السياسة الخارجية فهذه مهمة الرئيس.

كلنا يعرف أن دونالد ترامب لا يحب قراءة تقارير طويلة عن السياسة الخارجية، وبولتون بالتالي يهمس في أذن الرئيس ما يريد أن يتبنى من مواقف في السياسة الخارجية، وهي مواقف بولتون لا ما ينفع الولايات المتحدة أو يضرها.

ترامب حذّر بولتون مرة بعد مرة من إلقاء تصريحات عن السياسة الخارجية، سواء في الشرق الأوسط أو عن كوريا الشمالية، فسياسة الرئيس هي «أميركا أولاً»، ويريد من العاملين معه أن يؤيدوا هذه السياسة. رئيس أركان البيت الأبيض جون كيلي، ووزير الدفاع جيم ماتيس استقالا، لأن الرئيس لا يستمع إليهما، وهذا يعني زيادة نفوذ بولتون عند الرئيس.

مثل واحد يكفي ففي نيسان (ابريل) الماضي قال الرئيس ترامب إنه سيسحب القوات الأميركية من سورية، لأن إرهاب «داعش» اقترب من نهايته، إلا أن ترامب لم يلحق هذا الكلام بسحب القوات الأميركية. مسؤولون كبار في إدارة ترامب قالوا إن الإرهاب لم يُهزم في سورية وأصروا على بقائه، إلا أن بولتون قال إن العدو في سورية ليس الإرهاب، وأصر على أن تنسحب القوات الإيرانية والموالية لها من سورية، وهذا ما طلب ترامب من الرئيس فلاديمير بوتين، فهو يريد من الرئيس الروسي أن يساعده على سحب الوجود الإيراني من سورية.

الرئيس ترامب كان جلس وحيداً مع الرئيس بوتين في قمة هلسنكي في تموز (يوليو) الماضي، ولم يسجل الكلام الذي دار بينهما، وإنما فهم بعد ذلك أن القوات الأميركية في سورية، وهي لا تتجاوز ألفي رجل، ستبقى حتى تقنع روسيا إيران بسحب رجالها من سورية. هذا لم يحدث بعد، وربما لن يحدث في المستقبل القريب، والآن تتحدث إدارة ترامب عن إبقاء حوالي مئتي جندي أميركي في سورية، وهذا في وقت يعيد الإرهاب ترتيب صفوفه للعودة الى القتال في سورية.

لست «بصّارة برّاجة» ولا أعرف ما سيحدث غداً أو بعد غد، فأعلق عليه عندما يحدث.

نقلا عن صحيفة الحياة

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى