نون لايت

قمة رضوى..حكايات وأسرار التكتل السعودي المصري لإنشاء الجامعة العربية للإعلامي عاطف القاضي

 يستعد الباحث التاريخي و الإعلامي السعودي عاطف القاضي مؤلف كتاب «قمة رضوي» لإصدار نسخة جديدة من الكتاب بعد نفاذ طبعاته من الأسواق.

يُعد خليج رضوى، بمحافظة ينبع التابعة لمنطقة المدينة المنورة ، موقعاً تاريخياً حمل الكثير من الأحداث الكامنة، وذلك في لقاءٍ جمع الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -رحمه الله- ، بالملك فاروق بن أحمد الأول ، إبّان زيارته للملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن ، في العام 1945م ، واستمرت ثلاثة أيام   .

وقد نتج عن زيارة الملك فاروق للملك عبد العزيز والمشاورات في قمة رضوى، الوحدة العربية، وإنشاء الجامعة العربية، وأصبحت في حينها حقيقة ماثلة للعيان رغم كل الخلافات في وجهات النظر التي عجز الجميع في التغلب عليها قد ذللها الملكان خلال الاجتماع.

وكانت الزيارة قد طغت على الأجواء الأخوية بين الزعيمين ، وعززت شعور جلالة الملك عبد العزيز بأهمية إقامة سياسة ثابتة بين البلدين تقوم على أسس من التفاهم والتعاون .

وبشّر اللقاء التاريخي بالجامعة العربية وتحقيق إنشاء هذه الجامعة دون إشراك المملكة العربية السعودية فيها مجرد سراب، وأن اجتماع الملكين يدل على رغبة شديدة في توحيد البلدان العربية في الشرق الأوسط  وذو أهمية سياسية كبيرة في شؤون العالم العربي، وخطوة كبيرة نحو تحقيق آمال العرب بالوحدة .

وأكد الملك عبد العزيز في حينها، أن المبدأ الأساسي الذي يجب ان تقوم عليه الوحدة العربية هو الاستقلال الكامل لكل دولة، والاحترام المطلق لحدودها وعدم اندماج دول في اية وحدة سياسية، ولكنها وحدة روحية، وتعاون في كل النواحي، وتضامن في سبيل الدفاع عن كل من هذه الدول .

وفي تلك الحقبة من الزمن جرى اجتماع الملكين على سهلٍ مُنبسط بين ينبع ، وجبل رضوى على بعد نحو 15 كيلو متراً من خليج رضوى ، وذلك لما تحصده جبال رضوى من شُهرة كبيرة في أوساط الجزيرة العربية ، فيما شهد خليج رضوى خلال الاجتماع التاريخي تبادل الأوسمة والعلمين السعودي والمصري في احتفال عسكري ، اشتركت فيه مجموعة من الجيش السعودي ومجموعة من البحرية المصرية ، ما وهب الموقع سِمة تاريخية وذكرى سياسية مُخلّدة .

وذكرت المصادر التاريخية، أن الملك فاروق، أحضر معه من ماء نهر النيل خلال زيارته لمحافظة ينبع ، وقدّمه خلال مأدبة العشاء ذلك الوقت ، وخاطب الملك عبد العزيز « قائلا لقد أردت أن يمتزج ماء النيل ، وماء رضوى في هذا الاجتماع المبارك بُرهاناً على ما بين البلدين من إخاء وصداقة » ، فشرب الملك عبد العزيز من ماء النيل -، وشرب الملك فاروق من ماء رضوى .

ودفعت الأحداث التاريخية، التي غيّرت من مجرى الكثير من الأمور في المنطقة، مختصين ومؤرخين تاريخيين ، إلى مطالبة الجهات المختصة بالاهتمام بموقع خليج رضوى، وإبراز دوره المهم الذي لعبه في مختلف المجالات، من بينها الثقافية والسياسية.

وفي هذا الصدد أكد الباحث التاريخي ومؤلف كتاب (قمة رضوى)، عاطف القاضي على عمق العلاقات السعودية المصرية قائلاً « إنها علاقات تاريخية وقوية وقد شهد خليج رضوى في ينبع (غربي السعودية) لقاءاً تاريخياً هاماً بين الزعيمين العربيين الملكان عبد العزيز وفاروق -رحمهما الله- ، وكانا قد التقيا في شرم ينبع وجبل رضوى في 1364/2/10هـ الموافق 25 يناير 1945 م ، ومن نتائج هذه الزيارة بين الملك عبد العزيز وضيفه على أمور كان من أهمها البت في إنشاء الجامعة العربية ، وصدرت عدة بيانات رسمية مهمة في هذا الشأن ».

وأضاف رصد الكتاب لقاء الملك عبد العزيز والملك فاروق في مدينة ينبع ، وبداية وضع حجر الأساس لجامعة الدول العربية ، وتناول الكتاب لقاء الملك عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل سعود مع الملك فاروق الأول ملك مصر في ينبع ، والذي سمى بـ «لقاء رضوى».

ورصدت صفحات الكتاب الأماكن التي التقى فيها الزعيمان في ينبع في العام 1364 هجرية 1945م ، استقاها المؤلف من عددٍ من الشخصيات التي عاصرت تلك الحقبة الزمنية لمعرفة المزيد عن اللقاء المهم ، والتي سميت بلقاء رضوى.

ولفت مؤلف الكتاب القاضي ، الى أن شرم رضوى المعروف حاليا بـ«شرم ينبع» ، يقع ضمن النطاق العمراني للمدينة في الوقت الراهن ، وهو لسان بحري يطل على البحر الأحمر، وكانت منطقة شرم رضوى جرداء لا زرع فيها ولا ماء ، يُشرف عليها جبل رضوى ، وهو تلٌ شاهق ، لذا نسب اللسان البحري إلى الجبل وأخذ مسمى «شرم رضوى».

وابان القاضي أن لموقع رضوى في ينبع ، بُعداً تاريخياً للقاء الزعيمان ، وقد قامت مؤخراً لجنة التنمية السياحية بمحافظة ينبع العمل البدء بإعادة بناء وتطوير وترميم الموقع التاريخي الذي التقي فيه الملك عبدالعزيز بضيفه الملك فاروق ملك مصر السابق بشرم ينبع .

وقال القاضي لا تنفك رائحة عبق الإدارة السياسية المحنكة، من الانتشار في أرجاء خليج رضوى الواقع في محافظة ينبع، منذ أكثر من ستة عقود، إذ شهد الخليج لقاءاً تاريخياً جمع بين مؤسس الدولة السعودية الثالثة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وملك مصر والسودان فاروق بن أحمد فؤاد الأول ، وضع أسساً صلبة للتعاضد والتعاون بين البلدين، وبُتّ في شأن إنشاء جامعة الدول العربية .

وأكد القاضي أن الملك عبد العزيز وصل إلى خليج رضوى بصحبة أبنائه، قبل وصول الملك فاروق، ليقف شخصياً على التأكد من كامل التجهيزات، وكان أبناؤه الأمراء، وكبار المسؤولين في المملكة يُشرفون على التدابير بأنفسهم، لافتاً إلى زيارة الملك عبد العزيز لمصر وهي الزيارة الرسمية التي تمت في شهر صفر 1365هـ بعد نهاية الحرب العالمية الثانية تلبية للدعوة التي وجهها الملك فاروق للملك عبد العزيز لزيارة مصر .

وقد أوردت الصحف آنذاك بأن زيارة الملك عبد العزيز لمصر ، وقيام الملك عبد العزيز بزيارة مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة في سابع يوم من زيارته لمصر ، وذلك في 16 يناير 1946 م ، وما قاله أمين عام الجامعة عبد الرحمن عزام باشا في كلمته بان للملكين عبد العزيز وفاروق الفضل الكبير في إقامة الجامعة ، وإصدار مصر لطابع بريدي تذكاري بمناسبة الزيارة التي استمرت اثني عشر يوماً ، والتي تبيّن كيف اشترك الشعب المصري بكل طوائفه في استقبال ضيف مصر الكبير، ولقد أبدى الملك عبد العزيز تقديره للحفاوة العظيمة التي لقيها من قبل الشعب المصري حيث قال « إن سبعة عشر مليوناً خرجوا لتحيتي » وهو تعداد الشعب المصري آنذاك ، وقد ترددت أصداء الزيارة في العالمين العربي ، والدولي وكان لها أثرها في دعم العلاقات السعودية المصرية .

أخبار ذات صلة

Back to top button