بكل سهولة، يمكن توقع سلوك «الإخوان» إذا ما وقعت كارثة أو حادثة، أو أزمة في أي من الدول الأربع التي تقاطع قطر: مصر والسعودية والإمارات والبحرين، والتي تعترض على دعم الدوحة للإرهاب واحتضانها زعماء ورموز وأعضاء الجماعات الإرهابية، وإصرارها على محاولة إسقاط المجتمعات العربية ونشر الفوضى فيها.
حادثة محطة مصر للسكك الحديدية الأسبوع الماضي مجرد نموذج من الممكن تطبيقه على كل مصيبة أخرى، فما ان اصطدمت قاطرة برصيف المحطة وانفجر خزان الوقود واشتعلت النار في المكان بعد دوي الانفجار واحتراق الناس وسقط الضحايا، نشطت وسائل الإعلام القطرية واتخذ المذيعون أماكنهم في الاستديوهات، وجرى حجز الفترات الزمنية في الأقمار الصناعية وتوافد الضيوف على القنوات، التي تبث من لندن واسطنبول والدوحة، وجلس عشرات الفنيين خلف أجهزة المونتاج لتجميع اللقطات وفبركة التقارير المصورة، بينما كان هناك مئات من «الإخوان» يجلسون خلف أجهزة الكمبيوتر أو يمسكون بهواتفهم النقالة الموصولة بشبكة الإنترنت، وأسرع صحافيون إلى مقرات صحف ومواقع إلكترونية ليبدأ الجميع معزوفة الشماتة في الشعب المصري وتكرار الإساءة إلى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والهجوم على كل المشروعات الكبرى التي أنجزها الشعب المصري في عهده، والضرب بقوة على كل أمل في أن تخرج مصر من عثرتها وأن تتبوأ المكانة التي تستحقها، والتأكيد على أن المصائب ستظل تنهال على الشعب المصري طالما بقي السيسي في السلطة، ومادام رموز «الإخوان» في السجون وأن كوارث حوادث القطارات ستتوقف إذا اندفع الناس إلى الشوارع والميادين، وعمت الفوضى في البلاد، وهجم الشعب على مؤسسات الدولة وإذا امتلأ ميدان التحرير بالبشر وأقاموا في الخيام ورفعوا لافتات السباب والشتائم، وإذا أدرك العالم أن المصريين يريدون عودة «الإخوان» مجدداً إلى مقاعد السلطة، وأعلنت مصر ولاءها لتركيا وخضوعها لقطر وسلمت تاريخها وتراثها وحاضرها ومستقبلها للإرهابيين!
من قلب كل مأساة وأي كارثة، لا يخفي المصريون سخريتهم من الأموال القطرية التي تنفق في الهواء لهدم الدولة المصرية على من فيها، دون أن يتحقق الهدف القطري على مدى السنوات الست الماضية، والجهود التركية التي تبذل لإذلال مصر دون جدوى، والجرائم والأفعال «الإخوانية» التي تمارسها الجماعة منذ ثورة الشعب المصري ضد حكم محمد مرسي دون أي نتيجة، سوى زيادة الهوة بين ذلك التنظيم الإرهابي والشعب المصري، حتى البسطاء من أبناء الشعب المصري صاروا يدركون أنهم يخوضون معركة وجود في مواجهة «الإخوان» وكل الدول والجهات التي تدعم تلك الجماعة لن تنتهي إلا بهزيمة ساحقة لـ«الإخوان» تفوق تشتتهم وارتمائهم في أحضان من يدفع أكثر، أو يمنح الإقامات والجنسيات، ومتأكدون من أن النصر سيكون حليفهم، لأن نفس الدولة طويل وهم صاروا أكثر خبرة بألاعيب ومؤامرات «الإخوان» وحلفائهم، وأصبحوا على قناعة تامة بأن مصر التي خاضت عبر تاريخها كل أنواع الحروب، بدءاً من حروب الجيل الأول حيث البنادق والمدافع البدائية، والثاني مع ظهور المدعات والطائرات المقاتلة، والثالث التي ارتبطت بتطور صناعة الطائرات، والرابع التي تميزت بالاعتماد على حروب العصابات واستخدام الجماعات الإرهابية والتي لا يوجد فيها أرض للمعركة، وإنما حروب ضد عصابات وجماعات وتنظيمات، وهم يخوضون الآن حرب الجيل الخامس حيث اندمجت كل أنواع الحروب السابقة في حرب واحدة، إذ هناك استخدام السلاح بالتزامن مع السيطرة على العقول واستغلال الخلافات العقائدية والفكرية والحروب الأهلية، وتحريض الشعوب ونشر الفوضى اعتماداً على تطور وسائل الإعلام وتأسيس تحالفات بين دول وتنظيمات وجماعات وفئات مجتمعية.
ليس أمام المصريين سوى المضي في الطريق الذي اختاروه لأنفسهم، رغم المشقة والصعوبات والتحديات والمؤامرات التي تحاك في الدوحة أو أنقرة، أو أي عاصمة لازالت تدعم «الإخوان» حتى لو في السر، والمؤكد أن شعباً كان صاحب المبادرة في كشف خراب الربيع العربي ونجح في تحويل مساره لن يُهزم أمام جماعة تاريخها حافل بسفك الدماء وأصبحت الآن تنصب الأفراح كلما زاد سيل الدماء.