نون لايت

كرم مطاوع يكتب: الحمام الزاجل .. قدرات حيرت العلماء

الحمام طائر رقيق.. محبوب.. غنى له الكثير وتغزل فيه العديد من الشعراء والكتاب.. له هواة ومحبون يقومون بتربيته في أقفاص خاصة ويحرصون على شراء كل أنواعه المختلفة من أشهر سوق له بحي القلعة بالقاهرة، ذلك السوق القديم الذي أنشأ منذ 150 عاماً، الذي يعد من أقدم الأسواق في العالم العربي، حيث يقام بانتظام يومي الجمعة والأحد من كل أسبوع.

حيث يلتقي الهواة في هذا السوق.. ليتبادلوا شراء الحمام ويناقشون طرق تربيته وأساليب الحفاظ على أنواعها النادرة، كما يقوم هواة تربية الحمام الزاجل بتدريبه على الطيران وفق العديد من الإشارات المعينة، ثم يطلقونه إلى أماكن نائية ليعود إلى مكانه الأصلي الذي لا يخطئه وينظمون له المسابقات التي يحرص المئات على حضورها ومتابعتها.

في سوق القلعة العتيق التقينا بعدد من هواة تربية الحمام وسألناهم عن هذه الهواية وعن أنواع الحمام.. يقول محمد عبدالغفار البرل: للحمام 660 نوعاً ومتوسط عمر الحمامة 20 عاماً ولديها مقدرة على الإنجاب حتى عمر 15 عاماً وترقد على البيض 18 يوماً، ثم يرعى الأبوان إفراخهما الصغيرة لمدة 15 يوماً.

ويضيف إسماعيل السقا أن هناك أنواعاً كثيرة من الحمام تتميز بطرافة وغرابة أسمائها مثل «قمري كشك» ويتميز بالجسم البني والرأس البيضاء و«كذا غندي» «شخشنلي» و«شقلباظ» وهذا النوع لديه المقدرة على «الشقلبة» في الهواء أثناء الطيران وهي ميزة تمكنه من الهروب من صقر الحمام عند اقترابه منه أثناء الطيران، وعملية الشقلبة تؤدي إلى تخفيض سرعة الحمامة فجأة وأنخفاض مستواها.

ساعي بريد قبل 5 آلاف سنة
ويشير عبدالمعطي أبو المجد وأحمد الزغبي وإسلام نمر – من عشاق تربية الحمام- إلى أن هناك نوعاً من الحمام اسمه (صافي) يتميز بأنه قصير المنقار ويراوح ثمن زوج الحمام بين 150 جنيهاً إلى ثلاثمائة جنيه حسب نوعه.

ويذكر الباحث والمؤرخ محمد رياض أن «قورش» مؤسس الإمبراطورية الفارسية استخدم الحمام الزاجل عام 5000 قبل الميلاد للاتصال بالأماكن النائية في الإمبراطورية، كما تولى الحمام الزاجل نقل أسماء الفائزين في أول الألعاب الأولمبية التي أجريت عام 776 قبل الميلاد.. وخلال الحرب العالمية الثانية تزايد استعمال الحمام الزاجل وعند بداية هجوم الألمان على بلجيكا في عام 1940 ميلادية اصطف المظليون خلف خطوط الحلفاء ثم أطلقوا الحمام الزاجل بعد ذلك ليعود حاملاً نتائج عملية التجسس. ولأول مرة في مصر أقيمت مسابقة لكمال الأجسام بين العديد من أنواع الحمام بنادي النصر عام 1985 نظمتها جمعية الحمام الزاجل عام 1945 ميلادية.

تدريب عسكري
وفي فرنسا اشترك الحمام الزاجل في مناورات عام 1986 ميلادية، في إطار تدريبه على أماكن الاشتراك في عمليات الاتصال في أوقات الطوارئ أثناء الحروب، وتأتي هذه المناورات في محاولة لتجنب تأثير الدمار الناتج عن الحروب على وسائل الاتصال الحديثة.

ويضيف الباحث والمؤرخ محمد رياض قائلاً : ومن نتائج حادثة تشرنوبيل أن 160 من أسراب الحمام الزاجل تاهت في سماء أوروبا ولم تتمكن من العودة إلى مراكزها الأصلية بعد أن فقدت قدرتها الملاحية بسبب تأثرها بالإشعاعات المتسربة من تشرنوبيل.

وفي تايلاند يوجد نوع من الحمام الزاجل يشتهر بجمال صوته ويتم تدريبه على الغناء.. ويأتي آلاف السياح للاستمتاع ومشاهدة المسابقات التي يشترك فيها، قد نجحت تايلاند في تصدير حمام من هذا النوع يقدر ثمنه بنحو 10 ملايين دولار كل عام.

ويتفق إبراهيم السعيد والانصاري البرل على أن الحمام الزاجل يمتلك قدرة عالية تؤهله للعودة إلى موطنه بدقة متناهية وبأسلوب مازال يحير العلماء، وتأتي تلك المقدرة الهائلة إلى أن الحمام له خاصية مغناطيسية يستطيع بها أن يحدد موقعه بالنسبة للمجال المغناطيسي للكرة الأرضية، وكذلك بالنسبة لموقع الشمس في ساعات النهار ومواقع النجوم ليلاً.

زوج مخلص
كما أن الإخلاص في الحياة الزوجية للحمام يؤدي إلى أن يرتبط الذكر بأنثاه مدى الحياة؛ وهذا هو ما يجعله يفضل العودة إليها مهما بعدت مسافة إطلاقه. ولدراسة الجهاز الملاحي الدقيق للحمام تابع العلماء من طائرة هليكوبتر مجموعة من الحمام تم إطلاقها بالقرب من القشرة الأرضية، وقد كشفت أجهزة الإرسال الصغيرة المثبتة في الحمام ارتباكه لمدة 20 دقيقة قبل أن تتجه إلى هدفها بدقة، وقد تبين أن الارتباك حدث نتيجة انبعاث موجات كهرومغناطيسية غير عادية من الصدع أدى إلى ارتباك الإشارات الصادرة من فم الحمام التي تهديه الطريق،

واهتم علماء الأرصاد والجيولوجيا وعلوم الحيوان والفسيولوجيا بهذه الظاهرة بإجراء أبحاث للاستفادة من قدرة الحمام لتوفير النفقات الكبيرة التي تستهلكها الأجهزة التكنولوجية مثل الأقمار الصناعية والطائرات وأجهزة الكشف بالأشعة تحت الحمراء وجيش من العلماء والفنيين لدراسة الأرض وما تخفيه من شقوق وصدوع وما تحتويه من نشاط مغناطيسي، حيث تستطيع حمامة واحدة وزنها نصف كيلو بجهازها الملاحي الفريد أن ترشدنا بحاستها التي لا تخطئ إلى كثير مما نبحث عنه وتوفر علينا كل هذه النفقات.

أخبار ذات صلة

Back to top button