نون والقلم

السيد زهره يكتب: العرب وأوروبا: أولويات مختلفة.. ولكن

لا نعرف بالطبع ماذا دار في الجلسات المغلقة للقمة العربية الأوروبية، لكن الكلمات التي ألقاها القادة والمسؤولون في الجلسة الافتتاحية للقمة أظهرت بوضوح ان هناك أولويات مختلفة للدول العربية والدول الأوروبية.

القادة العرب الذين تحدثوا عبروا في كلماتهم بوضوح عن الأولويات العربية، والتي يأتي في مقدمتها ما يلي:

1 – القضية الفلسطينية وحتمية الحل العادل لها على أساس إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، واعتبار هذه أولوية عربية مطلقة.

2 – الإرهاب، وضرورة مواجهته، والتصدي له ولمن يموّلونه ويدعمونه.

3 – التدخلات العدوانية السافرة للنظام الإيراني في الشؤون العربية والإرهاب الذي يمارسه وضرورة تكاتف العالم في مواجهته لردعه ووضع حد له.

4 – تأكيد قيم التعايش والتسامح في مواجهة العنصرية والإقصاء. وهذه هي القضية التي حرص صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة على إبرازها في كلمته.

5 – الأهمية الحاسمة للحفاظ على الدولة الوطنية العربية وتقويتها ودعم مؤسساتها في مواجهة محاولات الهدم والتدمير. وهي أولوية أكدها الرئيس السيسي في كلمته.

هذه هي الأولويات التي عبر عنها القادة العرب بقوة ووضوح وحسم أمام الأوروبيين.

أما القادة والمسؤولون الأوروبيون الذين تحدثوا فقد عبروا عن أولويات مختلفة بالنسبة للدول الأوروبية.

هذه الأولويات الأوروبية تتلخص في: قضية الهجرة واللاجئين التي تعتبر الدول االأوروبية أنها تعاني منها وتواجه مشاكل بسببها – قضية الإرهاب الذي تعاني منه أوروبا أيضا – قضايا التجارة والاستثمار.

وإن كانت هناك أولوية مشتركة تم التعبير عنها فهي ضرورة وضع حد للأزمات المتفجرة في المنطقة، وخصوصا ما يتعلق بسوريا، واليمن، وليبيا.

هذا التباين في الأولويات العربية والأوروبية أمر طبيعي، ففي النهاية يحكم تحديد هذه الأولويات الأوضاع الخاصة في الدول العربية والدول الأوروبية وما تواجهه من تحديات، وما تحتمه من مصالح وتثيره من هموم.

والأمر لا يتعلق فقط باختلاف الأولويات، ولكن كما هو معروف هناك وجهات نظر مختلفة ومتباينة بين العرب والأوروبيين حول الكثير من هذه القضايا المطروحة.

على سبيل المثال.. ليس سرّا ان هناك خلافا حول الموقف من ايران والتعامل معها. معروف ان الدول الأوروبية لا تتفق مع العرب في موقفهم من النظام الإيراني ودوره وفي كيفية التعامل معه.

حتى قضية مثل الإرهاب الذي يمثل أولوية مشتركة، هناك اختلاف في وجهات النظر حول أسباب الإرهاب وكيفية مواجهته.

لكن، مع كل هذا، تعتبر القمة العربية الأوروبية خطوة كبيرة في العلاقات بين الجانبين.

يكفي هنا ان الدول الأوروبية استمعت بمنتهى الوضوح والحسم الى المواقف ووجهات النظر العربية كما عبر عنها القادة إزاء مختلف القضايا. العرب أيضا تعرفوا عن قرب على وجهات النظر الأوروبية. وجرى حوار بين الجانبين حول كل هذا.

هذا الأمر في حد ذاته من شأنه أن يقود الى تفاهم أكبر، ومن الممكن ان يؤدي أيضا الى تقريب الرؤى والتوجهات إزاء عدد من القضايا.

وغير هذا، أبرزت القمة بالحرص على المشاركة فيها بهذا المستوى الرفيع من مشاركات القادة العرب والأوروبيين ان هناك رغبة جادة مشتركة في تطوير التعاون وأوجه الشراكة بين الدول العربية والأوروبية.

هذه الرغبة دفعتها حاجة الجانبين الى الاستقرار، وهذا هو الشعار الذي عقدت في ظله القمة.

القمة لن تنهي الخلافات، ولن تقود الى مواقف متطابقة إزاء مختلف القضايا، لكن هناك الكثير مما يمكن أن يتحقق عبر أشكال التفاهم والتعاون خدمة للأمن والاستقرار في الدول العربية والأوروبية.

نقلا عن صحيفة الخليج البحرينية

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى