لم يكن الهجوم العنيف الذي شنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أول من أمس، ضد مصر والإساءات التي وجهها إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي غريباً عليه، فالرجل إخواني وينتمي إلى التنظيم الذي أطاحته ثورة الشعب المصري، ومعروف أن مواقف وتوجهات وآراء أعضاء التنظيم في أي مكان في العالم، لا يمكن أن تخرج عن السياسات العامة للجماعة، وبالتالي فإن ما قاله أردوغان لا يختلف عن ما يقوله المرشد محمد بديع أو أي إخواني آخر، خصوصاً في المواقف التي تشعر فيها الجماعة بفشلها.
ليست المرة الأولى التي تتخذ فيها السلطات المصرية أحكاماً بإعدام إرهابيين ينتمون إلى تنظيمات إرهابية كـ «داعش» أو «القاعدة» أو أي تنظيم آخر، بما فيها تنظيم «الإخوان المسلمين»، لكن الضجة التي أثارها «الإخوان» على خلفية إعدام تسعة دواعش نفذوا عملية اغتيال النائب العام السابق المستشار هشام بركات، فاقت ردود فعل الجماعة في المرات السابقة، صحيح أن «الإخوان» والدول المساندة لهم والجماعات التي تدعمهم والمنظمات الحقوقية التي نجحوا في اختراقها وصارت ضمن أدواتهم، والمنصات الإعلامية التي تنفق عليها قطر أموالاً طائلة والقنوات التلفزيونية التي تحتضنها تركيا، كلها لم تتوقف يوماً عن استهداف الحكم في مصر ولم تفوت أي فرصة للإساءة إلى السيسي، ولم تتوان عن التحريض ضد ضباط وجنود الجيش والشرطة، ولم تسكت عن بث الفتن والدعوة الى الفوضى والعنف. ولكن «الإخوان» هذه المرة يخشون من تأثير الحدث على أعداد من الشباب لازالت الجماعة تدفع بهم إلى الإرهاب وتخدعهم بأن الحكم في مصر يترنح وأن النظام في طريقة الى السقوط وأن محمد مرسي يستعد للجلوس مجدداً على المقعد الرئاسي!!.
هؤلاء المخدوعون بوعود «الإخوان» تخشى الجماعة من أن يعودوا إلى إعمال العقل والتفكير السليم، والتنبه الى أن كل الوعود التي أطلقها التنظيم منذ ثورة الشعب المصري ضد حكم محمد مرسي، وإطاحة حكم الجماعة لمصر لم تتحقق، أو أن ينظروا إلى بعض الذين لبوا نداء الهجرة إلى دول أوروبية وخصوصا تركيا، حيث يعيشون في ضنك بعدما تخلى رموز «الإخوان» عن تدابير مأوى لهم وتركوهم بلا عمل أو أموال، بعد أن استغلهم التنظيم في حربه ضد مصر وسعيه إلى إسقاط الدولة وهدم مؤسساتها على من فيها. هناك أيضاً الشبان الذين انخرطوا في خلايا إرهابية ومازالوا يستعدون أو يتدربون أو ينوون تنفيذ عمليات إرهابية سواء في سيناء أو في مدن مصرية أخرى، فـ«الإخوان» ينتظرون أن ينتهوا من المهام التي أوكلت إليهم لتثبت الجماعة ضعف نظام الحكم، وتعاير منصاتها الإعلامية ولجانها الإلكترونية المصريين لأنهم تخلوا عن «الإخوان».
من بين أسباب حالة الرعب التي اجتاحت «الإخوان»، أن المشانق صارت قريبة من رموز الجماعة وعناصر مهمة وأسماء لامعة، صحيح أن قادة بوزن المرشد محمد بديع ومحمد مرسي وصفوت حجازي ومحمد البلتاجي لم يصدر في حقهم أحكام نهائية باتة ومازالوا يخوضون مراحل التقاضي، إلا أن الجماعة تدرك جيداً أن الدولة المصرية ستنفذ الأحكام إذا ما صارت نهائية، سواء بالنسبة لشاب لا يعرف الناس اسمه أو قيادي بارز له ثقل كبير على رأس «الإخوان».
بعد تنفيذ الأحكام في المدانين التسعة باغتيال النائب العام السابق، هناك خمسون شخصاً صدرت في حقهم أحكام نهائية بالإعدام، وينتظر أن تنفذ الأحكام ضدهم بين حين وآخر، منهم 20 شخصاً في قضية كرداسة و10 في قضية أحداث بورسعيد و6 في قضية أحداث مدينة مطاي و6 آخرين في قضية مقتل حارس أحد القضاة و3 في قضية التخابر مع قطر و2 في قضية أحداث الإسكندرية و2 في قضية تحمل الرقم (2) عسكرية وواحد في قضية قتل عرفت إعلامياً باسم «فضل المولى»، والأيام القادمة ستشهد الفصل النهائي في قضايا أخرى عدة محكوم فيها قادة وأعضاء بارزين من «الإخوان».
عموماً فإن طول فترة التقاضي التي قد تصل في قضايا الإرهاب إلى نحو أربع أو خمس سنوات يساعد «الإخوان» والآلة الإعلامية الداعمة لهم على اللعب على وتر النسيان أو الذاكرة الضعيفة لدى البعض، خصوصاً في عالم تعارض فيه بعض الدول أو الدوائر أو المنظمات عقوبة الإعدام ولا يخرج عنها ما يشير إلى معارضتها لسفك الدماء واستخدام العنف والإرهاب والفوضى كوسائل للتعبير.