ليس العراقيون وحدهم من ذاق ويلات العنف الطائفي في العراق، التي استعرت نيرانها تدريجياً، عقب الاحتلال الأمريكي في 2003، وما نجم عنها من عمليات قتل وتهجير طالت أعداداً كبيرة من السكان، بل شملت أعمال العنف الفلسطينيين المقيمين في العراق منذ عام 1984 ولغاية الآن.
معاناة الفلسطينيين وسط العاصمة العراقية بغداد زادت بعد إطلاق الحكومة العراقية السابقة برئاسة نوري المالكي يد المليشيات، على إثر فتوى الجهاد الكفائي التي دعا إليها المرجع الديني، آية الله علي السيستاني؛ لقتال تنظيم “الدولة” المعروف إعلامياً بـ”داعش”، حيث تعرض مئات الفلسطينيين في الآونة الأخيرة إلى القتل والتهجير، ومضايقات أجبرتهم على تغيير أماكن سكناهم لعدة مرات؛ بحثاً عن الأمان.
مئات الفلسطينيين المقيمين في العراق، وجهوا نداءات استغاثة من أمام مبنى سفارة دولة فلسطين وسط بغداد، إلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والاتحاد الأوربي لإخراجهم من البلاد؛ بسبب تعرضهم لجرائم تطهير وتصفية من قبل مليشيات، وفقاً لقولهم.
المواطن الفلسطيني محمد عبد اللطيف (38 عاماً) قال : إن “بقاءنا في العراق يعني الانتحار في ظل انتشار المليشيات التي تتصيد بنا لا لشيء سوى لأننا فلسطينيون، ومن الطائفة السنية، فضلاً عن اتهامنا بأننا من محبي الرئيس الراحل صدام حسين”.
وأضاف: ” لم يعد بالإمكان العيش في العراق أكثر من ذلك، رغم أن الكثير منا ولدوا وترعرعوا وكبروا وتعلموا فيه”، مستطرداً بالقول: “ليس لدينا أي سبيل للحياة مع الانتشار الكثيف للمليشيات”.
وزاد عبد اللطيف: “هوياتنا (البطاقات الشخصية) التي نحملها أصبحت تهمة لنا ولأبنائنا، ونحن حتى اللحظة لم نحصل على الهوية العراقية، أو الجواز العراقي أسوة بغيرنا من اللاجئين في باقي الدول برغم أننا نعيش منذ عشرات السنين في العراق”، داعياً المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى “إخراجنا من العراق إلى دول أوروبا بحثاً عن ملاذ آمن”.
ومن جهته قال الناشط الفلسطيني قاسم جليل : “الفلسطينيون في العراق تعرضوا بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003 ولغاية الآن إلى الكثير من المضايقات”، مؤكداً “قيام الحكومة العراقية بطرد مئات الموظفين الفلسطينيين في المؤسسات الحكومية، واستبدلتهم بأشخاص ينتمون لأحزاب في السلطة”، لافتاً إلى أنهم يمرون “بوضع معيشي صعب”.
وأضاف: “إننا كناشطين خرجنا ومئات الفلسطينيين الأسبوع الماضي بتظاهرة حاشدة أمام مقر مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة؛ للمطالبة بتوطيننا في بلاد أخرى غير العراق؛ وذلك لعدم توفر الأمن وإهمالنا من قبل الحكومة العراقية، التي أعلنت عداءها لنا”، على حد قوله، موضحاً أن “تهديدات مستمرة يتلقاها الفلسطينيون من قبل المليشيات المسلحة التي تجوب بغداد ليل نهار”.
وقال: “قررنا أن نستمر بالتظاهر حتى إيجاد حلول لقضيتنا”، مستطرداً بالقول: “حتى صوتنا يصل صداه سنبقى نصرخ: هل من منقذ؟”.
وطالب جليل المنظمات الحقوقية في العراق باتخاذ خطوات عاجلة لحماية الفلسطينيين من خطر المليشيات، مشيراً إلى أن الحكومة العراقية الحالية والحكومات التي سبقتها “لم تقدم أي شيء يذكر لمصلحة الفلسطينيين”.
ومن جانبه قال قنصل السفارة الفلسطينية في العراق، جهاد القدري، في تصريح صحفي له، إن الفلسطينيين الذين يعيشون جميعهم في مجمع البلديات، وسط العاصمة بغداد، عبارة عن لاجئين فلسطينيين منذ عام 1948، وأجدادهم ولدوا في العراق، وأصبح وضعهم صعباً جداً بسبب العنف الذي عاشه العراق، ويطالبون بمكان آخر يعيشون فيه، مؤكداً أن “السفارة الفلسطينية في العراق تقدم لهم المساعدة بطرق الأبواب المتاحة ومنها الأمم المتحدة”.
وأوضح القنصل الفلسطيني أن عدد الفلسطينيين في العراق بلغ 60 ألفاً، وتقلص إلى أقل من 6000 وهذا يدل على أن الحياة صعبة جداً، بحسب قوله.