أورد تقرير نشرته “النهار” الخميس الفائت، أن لبنان يصدّر لاجئين سوريين الى الخارج عبر تركيا. وأمس قال المفوض الأوروبي لسياسة الجوار وتوسيع المفاوضات يوهانس هان، أن “الموجة الكبرى المقبلة من اللاجئين غير الشرعيين الى أوروبا قد تنطلق من لبنان، الدولة الضعيفة التي تشهد وضعاً مأسوياً”. ولفت الى أن “التطورات في لبنان تثير قلقي. الوضع هناك مأسوي الى حدّ ما”. أضاف: “من هناك قد تنطلق موجة اللاجئين المقبلة”، علماً أن نحو 1,2 مليون سوري لجأوا الى لبنان، مما يشكّل ربع عدد سكانه، “يقيم معظمهم في ظروف سيئة”.
لكن لبنان لا يكتفي بتصدير لاجئين سوريين، فقد سبق المرحلة تصديره شبابه ومواطنيه بعدما ضاقت بهم سبل العيش، وتقلصت حريتهم في زمن مضى بسبب الاحتلالين الاسرائيلي والسوري، وقبلهما الاحتلال العثماني الذي ساهم في هجرة الاف اللبنانيين نتيجة الجوع والقهر وخدمة السخرة، و منهم كثيرون غرقوا في البحر، ولم يبلغوا مقصدهم.
لكن واقعنا الحالي صار أصعب، وقد صدق وزير الخارجية جبران باسيل بقوله “ان ما يجري في لبنان حالياً هو عملية استبدال لشعب لبنان بشعوب أخرى، سورية وفلسطينية، أو أي شعب آخر”، مذكرا بوجود “عدد كبير من النازحين السوريين الذين يعدّون أكثر من مليون ونصف مليون نازح واللاجئين الفلسطينيين الذين يعدّون خمسمئة الف لاجئ أي ما مجموعه مليونا نازح ولاجئ، ويساوي هذا العدد نصف عدد السكان في لبنان. والحل الوحيد لهذه المشكلة هو في عودة السوريين الى بلدهم”.
لكن الوزير باسيل نسي عدد المجنسين الذي فاق الثلاثمئة الف سوري وفلسطيني ومن جنسيات أخرى أو من دون جنسيات، مما يجعل لبنان بلدا لغير أهله في ظل الهجرة المتنامية لابنائه وازدياد اعداد اللاجئين. ومشكلتنا مع السوريين تشبه حالنا مع الفلسطينيين الذين وفدوا الينا في شكل موقت استمر حتى الآن نحو خمسين سنة واكثر، وهم، ولو لم ينالوا الجنسية اللبنانية، باتوا واقعاً لا مفر منه، يضغط على الامن أولاً، كما على الاقتصاد والخدمات العامة والبنى التحتية.
الحل اليوم بعودة سوريين كثر الى مناطق آمنة في بلادهم، أو مساعدتهم في الهجرة الى بلدان، عربية قبل الغربية، قادرة على استيعابهم وتقديم الخدمات لهم، واحترام انسانيتهم، بدل تسجيل العتب واللوم على لبنان المقصر حيال ابنائه، قبل ان يتحول اللبنانيون بأكثريتهم لاجئين هرباً من واقعهم.
215 1 minute read