أعلنت المفوضية الأوروبية في 13 شباط (فبراير) 2019، أنها أدرجت السعودية ضمن قائمة الدول «عالية المخاطر» فيما يتعلق بغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وأدرجت المفوضية أيضا أراضي أميركية هي: ساموا وجزر الفيرجن وغوام وبورتوريكو، وستقدم القائمة المقترحة إلى البرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي (الدول الـ28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي) للموافقة عليها. وقد أصدرت السعودية بياناً أبدت فيه أسفها إزاء إدراجها ضمن هذه القائمة، على رغم ما اتخذته من تدابير تشريعية وإجرائية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وفي السياق ذاته، أعلنت الإدارة الأميركية رفضها إدراج أراضيها ضمن هذه القائمة، ورأت أن طريقة المفوضية الأوروبية في وضع هذه القائمة تتناقض بشكل صارخ مع منهجية مجموعة العمل المالية العالمية (FATF)، المختصة بوضع معايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتي تضم الولايات المتحدة والمفوضية الأوروبية و15 دولة من الاتحاد الأوروبي و20 دولة أخرى بصفة مراقب. وأكثر من ذلك استبعدت وزارة الخزانة الأميركية أخذ هذه القائمة في الاعتبار من قبل المؤسسات المالية في الولايات المتحدة في سياسات وإجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
من يضع هذا الإجراء الذي قامت به المفوضية الأوروبية والتدابير التي اتخذتها السعودية في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على كفتي ميزان، سيخلص حتماً إلى أن هذا الإجراء لا يتعدى كونه ادعاءً باطلاً وراءه من الاعتبارات ما وراءه! فالسعودية لم تدخر جهداً في مكافحة غسل الأموال (AML)، وتمويل الإرهاب (CTF)، وقد أشادت مجموعة العمل المالية العالمية (FATF) بالجهود التي اتخذتها المملكة في هذا السياق، لاسيما في تنفيذ عدد من توصياتها التي تمثل معايير عالمية معترفاً بها، وذلك في تقريرها الذي أصدرته عقب زيارتها للسعودية خلال المدة من 8 – 23 تشرين الثاني (نوفمبر) 2018، بل إن مجموعة العمل ذكرت أن السعودية ليست جاذبةً لعمليات غسل الأموال، وأشارت على سبيل الإشادة إلى المراجعة الهيكلية التي قامت بها المملكة، والتي نتج عنها إجراء تعديلات تشريعية شملت نظام مكافحة غسل الأموال، ونظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله، وإجراء تقييم للمخاطر ذات الصلة، واعتماد استراتيجية وطنية وخطة عمل مصاحبة، وغيرها من التدابير التي تصب في هذا الاتجاه، ووصفت نتائج القوانين الجديدة بأنها إيجابية للغاية. كما ذكرت مجموعة العمل (FATF) أن السعودية أنشأت إطاراً قانونياً، وباشرت بعمليات التنسيق لتنفيذ العقوبات المالية المستهدفة (TFS) دون تأخير في إطار قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
كل ذلك وغيره من الشواهد، يؤكد أن المفوضية الأوروبية قد ارتكبت خطأً جسيماً عندما أقدمت على إدراج السعودية في قائمة الدول «عالية المخاطر»، ووضعت صدقيتها موضع التشكيك، وعلى دول الاتحاد الأوروبي أن تأخذ على عاتقها التصدي لهذا المسلك الغريب والمُريب بعدم الموافقة على هذه القائمة، والنظر في تصحيح مسار المفوضية الأوروبية، الذي هو في الحقيقة ما يشكل خطراً على التكتل الأوروبي.
مختص في القانون وحقوق الإنسان