نون – أ ف ب
تتسبب الألغام الكثيفة والخلايا النائمة والأنفاق التي حفرها تنظيم داعش الإرهابي شرق سوريا، في إعاقة استكمال قوات سوريا الديموقراطية «قسد» تقدمها إلى البقعة الأخيرة تحت سيطرة الجهاديين، تمهيداً لإعلان انتهاء «الخلافة».
وبعد نحو أسبوع من إطلاق هذه القوات المرحلة الأخيرة من هجومها، بات مقاتلو التنظيم يتحصنون في مساحة كيلومتر مربع، يشمل جزءاً من بلدة الباغوز في أقصى ريف دير الزور الشرقي مع مخيم جنوب البلدة.
وأفاد قادة ميدانيون في قوات سوريا الديموقراطية وكالة فرانس برس عن «استشراس من تبقى من مقاتلي التنظيم في الدفاع» عن البقعة الأخيرة تحت سيطرتهم، مع استمرار معارك «كر وفر» بين الطرفين.
وقال المتحدث باسم حملة قسد في دير الزور عدنان عفرين لوكالة فرانس برس اليوم الجمعة، «يرفض مقاتلو داعش الاستسلام وما زالوا يقاتلون»، مضيفاً «لا نعرف ما هو هدف هذه المقاومة».
ولجأ التنظيم الإرهابي خلال اليومين الماضيين وفق عفرين إلى «استخدام الخلايا التي زرعها خلفه بالإضافة إلى الدراجات النارية»، ما دفع قوات سوريا الديموقراطية إلى القيام بعمليات تمشيط للمناطق التي سيطرت عليها مع محاولة التنظيم «أن يمارس الضغط على قواتنا عبر تحريك الخلايا في المناطق المحررة».
وأوضح المتحدث باسم حملة قسد في دير الزور «نحن مضطرون لأخذ حذرنا.. إنها مرحلة حساسة جداً كونها تمثل نهاية التنظيم ولوجود مدنيين من ذوي داعش في الداخل».
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، تنهمك هذه القوات المؤلفة من فصائل كردية وعربية تدعمها واشنطن، في «تفكيك الألغام الكثيفة التي زرعها التنظيم، والبحث عن عناصر متوارية وأنفاق يتحصنون فيها ويشنون منها هجمات انتحارية ضد قسد».
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لفرانس برس إن «وجود الألغام والأنفاق بكثرة يعرقل تقدم قوات سوريا الديمقراطية لاستكمال سيطرتها بالكامل على المنطقة».
وغالباً ما يعتمد التنظيم على الهجمات الانتحارية والمفخخات لإعاقة تقدم خصومه وإيقاع أكبر عدد من الخسائر البشرية في كل مرة يحاصر فيها داخل معاقله.
وأفاد المرصد عن اشتباكات متقطعة بين الطرفين ليلاً، لافتاً إلى العثور على جثث 26 مقاتلاً من التنظيم منذ الخميس خلال عملية التمشيط.
وبات وجود التنظيم وفق قوات سوريا الديمقراطية يقتصر على كيلومتر مربع من المنازل السكنية داخل جزء من بلدة الباغوز، بالإضافة إلى مخيم جنوبها. ويرجح المرصد وجود مقاتلي التنظيم مع أفراد عائلاتهم فيه.
ودفعت العمليات العسكرية منذ مطلع ديسمبر /كانون الأول نحو أربعين ألف شخص إلى الخروج من مناطق كانت تحت سيطرة التنظيم، غالبيتهم نساء وأطفال من عائلات الجهاديين، بينهم نحو 3800 مشتبه بانتمائهم إلى التنظيم وتم توقيفهم بحسب المرصد.
وقال دافيد يوبنك من منظمة «فري بورما راينجرز» الطبية الأميركية إنه شاهد بين ستين إلى سبعين مدنياً يخرجون الخميس من آخر نقاط التنظيم، في حصيلة هي الأدنى منذ ديسمبر/ كانون الأول.
ويتم نقل المدنيين وكذلك زوجات وأطفال الجهاديين إلى مخيمات للنازحين في شمال البلاد، بعد التدقيق في هوياتهم وجمع معلومات أولية في منطقة فرز قرب بلدة الباغوز.
وتتطلب مرحلة التدقيق أحياناً أن يبيتوا ليلة أو أكثر في العراء في أرض صحراوية قاحلة قبل نقلهم شمالاً.
ومُني تنظيم داعش الذي أعلن في العام 2014 إقامة «الخلافة الإسلامية» على مساحات واسعة سيطر عليها في سوريا والعراق المجاور تقدر بمساحة بريطانيا، بخسائر ميدانية كبرى خلال العامين الأخيرين. ولم يبقَ له حالياً إلا بضع مئات من الجهاديين المحاصرين في ريف دير الزور الشرقي.
وجددت واشنطن التي تخطط لسحب قواتها من سوريا، التأكيد على أن القضاء على «الخلافة» شارف على الانتهاء.
وأكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في مقابلة مع قناة الحرة الأميركية أمس الخميس أن «التزام الرئيس دونالد ترامب بتدمير داعش هو التزام حقيقي ومستمر، موضحاً أن «القرار بسحب ألفي جندي أميركي من شمال شرق سوريا لا يزال موجوداً وسنفعل ذلك».
ولفت بومبيو إلى أن «هناك تغييراً في التكتيكات وليس في المهمة» التي تبقى «تدمير دولة الخلافة وهذا تقريباً استُكمل وسنستمر فيه للتأكد من أن داعش أو أي مجموعات إسلامية إرهابية أخرى لا تستطيع العودة والسيطرة على الأماكن من جديد».
ويمهد إعلان الانتصار، رسمياً على التنظيم، الطريق أمام ترامب لتنفيذ قراره المفاجئ الذي أعلنه في كانون الأول/ديسمبر، مفاجئاً حلفائه الغربيين والمقاتلين الأكراد.
وتحدث بومبيو في هذا السياق عن «مناقشات مع القوات الكردية ومع الأتراك حول كيفية تنفيذ ذلك».
وأبدى الأكراد خشيتهم من أن يسمح القرار الأميركي لتركيا بتنفيذ تهديداتها بشن هجوم على مواقع سيطرتهم، مع خشية أنقرة من أن يقيموا حكماً ذاتياً قرب حدودها.