نون – دبي
أُسدلت الستار اليوم الثلاثاء، في دبي على أعمال «منتدى أستانا للخدمة المدنية» مع ختام أعمال الدورة السابعة للقمة العالمية للحكومات، والذي استمر لثلاث أيام متواصلة ناقش فيه المنتدى مستقبل الخدمات المدنية في المنطقة ودور الحكومات في بناء القدرات الاقتصادية لدولها، وهي المرة الأولى التي يعقد فيها المنتدى في دولة الإمارات العربية المتحدة، بمشاركة 40 دولة من أعضاء منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ورابطة الدول المستقلة، إضافة إلى منطقة آسيان.
وشهد المنتدى مداخلات مهمة قدمها خبراء ومختصون في مجال الخدمة المدنية، وأكاديميون، وقيادات أعمال من أرمينيا وأذربيجان وبيلاروسيا واستونيا وجورجيا وكازاخستان وكوريا وقيرغيزستان وليتوانيا ومقدونيا ومولدوفا وطاجيكستان وأوكرانيا والولايات المتحدة الأمريكية وأوزبكستان ودول أخرى.
محمد القرقاوي: استضافة منتدى أستانا فرصة لتوسيع دائرة الحوار والتعاون والشراكة مع الدول الأعضاء
وبهذه المناسبة، أكد معالي محمد بن عبد الله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل رئيس القمة العالمية للحكومات، أن استضافة القمة لمنتديات دولية كبرى بحجم منتدى أستانا والتأثير الاستراتيجي للدول المشاركة فيه، يؤكد أن القمة تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق أهدافها في جمع أكثر القوى المؤثرة في صياغة مستقبل العالم تحت سقف واحد وعلى أرض دولة الإمارات، لنقاش غايته الأسمى هو كيف نحقق السعادة والرفاه لسبعة مليارات نسمة يعيشون على هذا الكوكب، مؤكدا تطلع القمة للترحيب بالمنتدى وكل الوفود المشاركة فيه خلال الدورات المقبلة من القمة، لاستكمال الحوار حول سبل تفعيل التعاون المشترك في المجالات وثيقة الصلة بمستقبل البشرية وكيفية ضمان انجاز مستهدفات التنمية المنشودة لشعوبها في مختلف بقاع الأرض.
عليخان بايمينوف: نعتز بتواجدنا في دولة تملك حكومتها أكثر رؤية استباقية في تسخير التقنيات والموارد لتحسين نوعية حياة الناس
وخلال الجلسة الختامية لمنتدى أستانا للخدمة المدنية، أعرب عليخان بايمينوف، رئيس اللجنة التوجيهية لمركز الخدمة المدنية في أستانا، عن اعتزازه بانعقاد المنتدى في دولة الإمارات العربية المتحدة، وضمن برنامج قمة أثبتت للعالم تقدمها في تبني متطلبات التطوير في مجال الثورة الصناعية الرابعة وهو ما ينعكس إيجاباً على شكل الحياة ومستقبل المجتمعات والأفراد.
وأشاد بايمينوف برؤية القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة ونهج العمل المميز الذي تتبعه حكومتها التي وصفها بأنها نموذجا فريدا كأكثر الحكومات استباقية على مستوى العالم في مجال تسخير التقنيات والموارد بما فيها تقنيات الذكاء الاصطناعي، لتقديم أرقى أشكال الخدمات والحلول الداعمة للناس بهدف تحسين نوعية الحياة على امتداد الدولة، وتقديم نموذج فريد يقوم في جوهره على راحة الناس ورفاهتهم.
ولفت بايمينوف أن منتدى أستانا ناقش خلال الأيام الثلاثة الماضية جملة من التحديات والفرص التي تتطلب جهداً مشتركاً وتنسيقاً دولياً من قبل جميع الأطراف، كما استعرض تحولات الخدمة المدنية، وتحليل التوقعات والمعايير الخاصة بالتنمية المستقبلية، والاطلاع على أبرز التوجّهات المعاصرة حول العالم في مجال الخدمات. مؤكداً على أن الدول الأعضاء في منتدى أستانا في دبي وللمرة الأولى في المنطقة مثل فرصة للاستثمار الحقيقي في المستقبل.
منظور مختلف للمستقبل
وأشار المشاركون خلال الجلسة الختامية لمنتدى أستانا، أن الحكومات تبحث في جميع أنحاء العالم باستمرار عن حلول فعالة للنهوض بجميع جوانب الخدمة المدنية، وهذا ما شكل أولوية لبلدان منطقة آوراسيا، إذ قطعوا شوطاً طويلاً من الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. مؤكدين على أن مركز أستانا الدولي، ومن خلال النتائج التي توصل إليها المشاركون في القمة العالمية للحكومات، سيكون مركزاً فاعلاً من خلال المرونة والتنظيم الإداري والتحكيم والتشريعات والبيئة المشجعة والمحفزة للمؤسسات الاقتصادية ورجال الأعمال.
وأضاف المشاركون في الجلسة وسط حضور رفيع المستوى ضم نخبة من الوزراء وصانعي القرار وممثلي جهات حكومية ورجال أعمال ومستثمرين، أن قطاع الخدمات المدنية هو أحد أهم القطاعات تأثيرا في مضمار الاقتصاد الجديد الذي يعتمد على فكرة توفير الخدمات العامة للأفراد، مقابل الحصول على عوائد مالية محددة تساهم في دعم الاقتصاد المحلي للدول وخصوصاً النامية منها، ويساهم في تحويل المنتجات المطروحة إلى خدمات تدعم الحاجات الأساسية للمواطنين والمقيمين والسياح، مثل: خدمات السياحة والسفر، وخدمات الاتصال بشبكة الهاتف والإنترنت، وغيرها من الخدمات الأخرى.
تأثير متبادل
وأشار المتحدثون في الجلسة الختامية إلى أن اقتصاد الخدمات المدنية يعد من أكثر القطاعات الاقتصادية تأثيراً على الاقتصاد العام، وتحديداً على الناتج المحلي الإجمالي للدول، إذ تشكل الخدمات المقدمة للسكان والمقيمين على حد سواء في أغلب دول العالم نسبة عالية من إجمالي الناتج الاقتصادي المحلي، وخصوصاً في الدول النامية التي تعتمد على تقديم الخدمات كوسيلة من الوسائل التي تساهم في دعم اقتصادها
واعتبروا أن اقتصاد الخدمات يمثل أحد أهم العناصر التي تساهم في دعمِ النمو السكاني فكلما كانت الخدمات المقدمة للسكان ذات جودة عالية، ساهم ذلك في زيادة النمو السكاني، وتطور السوق التجاري بشكلٍ مستمر، مؤكدين على أهمية التحول إلى مصادر الطاقة المستدامة في ضوء التحديات التي تواجه بيئة كوكب الأرض، وعلى رأسها التغيرات المناخية والزيادة السكانية، عدا عن الثورة التكنولوجية الغير مسبوقة التي تفرض متغيراتها على قطاع الأعمال، كما احتل موضوع العولمة جزءاً كبيراً من المناقشات في ضوء الفرص والتحديات التي يجلبها الانفتاح الاقتصادي بين البلدان.
جويدو بيرتوتشي: دعوة الإمارات لحكومات العالم لزيادة الاهتمام بتطوير خدماتها المدنية محل كل دعم وتقدير
وأعاد جويدو بيرتوتشي، المدير التنفيذي لشركة حلول الحوكمة الرشيدة، الولايات المتحدة الأمريكية، خلال كلمته الختامية التذكر بالدعوة التي أطلقها معالي محمد عبد الله القرقاوي رئيس القمة العالمية للحكومات في مستهل أعمال القمة ووجهها لحكومات العالم لتكريس اهتمامها بإعادة النظر في دورها في تقديم الخدمة المدنية في المستقبل في ضوء المنافسة التي يمثلها القطاع الخاص الذي بات أكثر تميزا في تقديم العديد من الخدمات مقارنة بقريناتها المقدمة من قبل الحكومات، وما يستدعيه ذلك من جهود لتأكيد دور الحكومة في رفع مستوى تلك الخدمات بما في ذلك سن الأطر التشريعية وتعزيز البيئة المشجعة وتهيئة مقومات التطوير ضمن مختلف المجالات.
وأضاف بيرتوتشي أن هناك بعض التطورات العالمية بالغة الأهمية التي تحدث تحت شعار الثورة الصناعية الرابعة، إذ لا نشهد تغيرات تكنولوجية أحادية الجانب فقط، بل تطورات يتفاعل معها المجتمع والأفراد على حد سواء، وعلى الحكومات التنبه إلى أن إنترنت الأشياء، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والبيانات الضخمة، والتعلم الرقمي، لم تعد تطورات بعيدة عن نماذج الأعمال والمهن التي ترغب الشعوب والمجتمعات في رؤيتها تتحقق في الواقع، ولا سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار التأثير الحاصل في سوق العمل والذي بات عرضة لفرضية اختفاء بعض المهن التقليدية، بينما بات السوق العمل يتطلب نوعيات جديدة من المهارات والقدرات التي يمكنها التعاطي مع التحولات التقنية السريعة بفعالية، مؤكداً أن الحكومات أصبحت اليوم مطالبة أكثر من أي وقت مضى بالانتباه لتلك المعطيات، وزيادة مستوى الاهتمام بتحديد نوعيات الكفاءات المهنية المطلوبة في المرحلتين الحالية والقادمة، لتكون قادرة على الوفاء بطموحات شعوبها لشكل المستقبل الذي يحلمون به.