نون – أبوظبي
نظم مكتب شؤون المجالس بديوان ولي العهد، مساء أمس الاثنين، ندوة في مجلس محمد خلف في منطقة الكرامة بأبوظبي، تحت عنوان «الثوابت الوطنية ومستقبل العلاقات الدولية»، والتي قدمها الدكتور فاروق حمادة، المستشار بديوان صاحب السمو ولي عهد أبوظبي ومدير جامعة محمد الخامس بأبوظبي، وأدار الحوار فيها الإعلامي موسى الزبيدي.
وشهد المحاضرة معالي اللواء فارس خلف المزروعي رئيس لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، وعيسى سيف المزروعي نائب رئيس اللجنة، وعبدالله بطي القبيسي مدير إدارة الفعاليات والاتصال في اللجنة، وعبيد خلفان المزروعي مدير إدارة التخطيط والمشاريع في اللجنة، إلى جانب عدد من المثقفين والكتاب والشعراء والأكاديميين والفنانين وعدد من ممثلي وسائل الإعلام والصحافة المحلية والعربية.
وتناول الدكتور فاروق حمادة، خلال المحاضرة، العديد من المحاور التي تحدث من خلالها عن تاريخ العلاقات الدولية وتطورها على مدى القرون الماضية، مشيراً إلى الدور الذي تقوم به دولة الإمارات العربية لاستشراف المستقبل وبناء العلاقات الدولية، ودور الثوابت الوطنية في نهضة الشعوب وارتقائها وبناء العلاقات المتينة بين سكانها وشعوب العالم.
وقال الدكتور فاروق حمادة، في بداية المحاضرة، إن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة «حفظه الله»، يستشرف المستقبل لهذا الوطن وللعالم، حيث أن نظرته دائماً مستقبلية، ومن هذه النظرة يفكر ويعلم من حوله التفكير، وقد تعلمت من ذلك البرمجة والرؤية والنظر والتخطيط للمستقبل، مضيفاً أن «ما مضى فات، والمؤمل غيب، ولك الساعة التي أنت فيها، وأن هذه الساعة بنيت على ما قبلها، وما بعدها سيبنى عليها».
وتطرق إلى دور قيادة دولة الإمارات منذ عهد المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، والذي سعى بكل جهد لبناء الأسس المتينة لهذه الدولة لتكون دولة عالمية، والتوجيهات الرشيدة من قبل صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، والرؤية الحكيمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والذي يسعى لأن يكون للمسلمين والعرب بصمة في العلاقات الدولية، وقد شاهدنا ذلك الأسبوع الماضي عندما جمع القيادات المسيحية والإسلامية على أرض الإمارات في اللقاء التاريخي الذي جمع قداسة البابا فرنسيس (بابا الكنيسة الكاثوليكية) وفضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب (شيخ الأزهر).
وأكد المحاضر، أن موضوع المحاضرة ينقسم إلى قضيتين، هما «الثوابت الوطنية» و«العلاقات الدولية» والذين تربطهم العديد من الروابط التي تكمل بعضها الآخر، مبتدئاً بالحديث عن «العلاقات الدولية» وتاريخها الذي يمتد لقرون مضت، مشيراً إلى أن أول وثيقة كتبت بين الدول كانت عام 1648م وهي وثيقة «وستفاليا» في أوروبا، وقد جاءت كتطبيق فعلي للفكر الذي وضعه الهولندي «هوغو غروتيوس» المتوفي عام 1645م، والذي كان له الفضل في وضع القانون الدولي والتأسيس له، حيث كانت العلاقات الدولية قبل ذلك ثنائية أو تقتصر على الدول الجوار.
وأضاف إلى أنه بعد الحرب العالمية الثانية ظهرت عصبة الأمم المتحدة، فكتب أول قانون للعالم وقتها، وأستمر الحال على ذلك حتى عام 1948م (بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية)، حيث ظهر القانون الدولي بصيغته النهائية والذي نعيش تحته اليوم.
وبين أن القضية الأساسية لبناء العلاقات الدولية المتينة تتمثل في تحصين «الثوابت الوطنية»، ولقد انتهجت الإمارات نهج قويم منذ عقود في هذا المجال، وفي السنوات الأخيرة شهدنا إطلاق العديد من المبادرات القيمة التي تؤسس لمستقبل الإمارات المشرق، فعام 2018 أعلن «عام زايد» فكان ذلك العام أيقونة للقيم، وهذا العام أعلن «عام التسامح» والذي من المتوقع أن يحدث خلاله تغيرات شديدة في مفهوم العلاقات الدولية.
وأكد الدكتور حمادة أن دولة الإمارات تؤمن أن «الثوابت الوطنية» ترتكز على ثلاثة مقومات مهمة وهي (الأسرة، القيم، التفوق)، ولأن الأسرة هي البنية الأساسية لبناء المجتمع، ومنها تتشكل القبيلة والمدينة والوطن، وهي مقوم من مقومات الهوية الوطنية، فقد عمدت القيادة الرشيدة على تكثيف الجهود من أجل الحفاظ على تماسك الأسر، وبناءها بالشكل السليم.
أما فيما يتعلق بـ «القيم» النابعة من هذا الوطن، فإن الدولة وبرؤية سديدة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، فتسعى إلى المحافظة عليها وصونها، حيث تقوم بعمل العديد من البرامج والمشاريع التي تذكر المواطنين والمقيمين على أرض هذا الوطن بهذه القيم، مشيراً إلى أن «الإنسان بلا قيم، إنسان بلا هوية… بلا ثوابت… بلا وطنية».
وفي مجال «التفوق» أدركت دولة الإمارات أن المستقبل لمن يصنع وينتج، ولقد رأى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن تكون الإمارات دولة منافسة في الصناعات، وأن ترتقي مكانتها العالمية في مقدمة الدول المصنعة، وأن يكون هناك مناطق في الدولة مشهورة دولياً وتنافس صناعات «السيليكون» على سبيل المثال، مضيفاً أن السباق نحو التفوق يسير بوتيرة متسارعة، وأن هناك تشجيع لكافة فنون المعرفة بدءً من الرياضة وصولاً إلى الاختراعات والإبداعات، لأن هذا الوطن يجب أن يكون موئلاً وملاذاً لـ «التفوق» على كافة الأصعدة.