نون – دبي
بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وضع سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي 7 مبادئ رئيسية لمدن المستقبل، تشمل التحول الجذري في تصميم المدن، وطريقة التنقل، وطريقة العيش، وطريقة استغلال الموارد، ومفهوم التنافسية المدن، واقتصادات المدن، والحوكمة.
وأكد سموه في جلسة رئيسية بعنوان «7 مبادئ رئيسية لمدن المستقبل»، حضرها الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، وسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، وعدد من الشيوخ والوزراء وكبار المسؤولين، ضمن القمة العالمية للحكومات، وخاطب فيها سمو ولي عهد دبي المشاركين فيها باستخدام تكنولوجيا «هولوغرام»، أن المدن أساس التنمية الاقتصادية العالمية وهي محطة تلاقي الثقافات والأفكار ورؤوس الأموال على مستوى العالم.
وقال سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم: «على مر التاريخ كانت المدن المحرك الأساسي لتطور البشرية ونشر المعرفة وجذب أبرز المواهب والعقول.. سواءً كانت في روما أو غرناطة أو بغداد في عصر بيت الحكمة.. الدول هي مجموعة من المدن.. ونجاح الدول يقاس بنجاح مدنٍ تتنافس على المستوى العالمي في اقتصاداتها وجذبها للمواهب وجودة الحياة فيها».
وأَضاف سموه أن «مستقبل الدول ومستقبل البشر ومستقبل الحياة مرتبط بشكل مباشر بمستقبل المدن، والحديث عن مستقبل المدن يرتبط دائماً بدبي.. لأن الكثير من مدن العالم تنظر لدبي اليوم أنها مدينة من المستقبل».
وتابع سموه: «لدينا هدف دائم في دبي حدده لنا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، هو أن تكون دبي متقدمة على مدن العالم ب10 سنوات على الأقل، وقد أطلق سموه هذا الهدف من هنا، من منصة القمة العالمية للحكومات، ولتحقيق هذا الهدف نحتاج أن ندرس مدن المستقبل ونفكر كيف ستكون ونحاول أن نرسم خريطة واضحة لهذه الرحلة».
وأكد سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم أن المستقبل ليس وجهة نصل إليها بل رحلة… رحلة تحسن الحاضر الذي نعيش فيه باستمرار، وتعطينا الشغف لعمل المزيد والطاقة لتحقيق منجزات أكبر.. الرحلة نحو المستقبل عمل مستمر لتحسين حياتنا اليومية.
7 مبادئ لمدن المستقبل
وقال سموه: هناك 7 مبادئ رئيسية وتحولات ستشهدها المدن حول العالم خلال السنوات القادمة وسبل الاستعداد لها والاستفادة من الفرص التي تتيحها، التحول الأول تحول جذري في تصميم المدن.. فأغلب المدن التي نعيش فيها اليوم هي مدن تم تصميمها بدايات القرن العشرين مع اختراع السيارات، وكان تصميم المدن يعتمد على 3 محاور هي: عدد السيارات التي تستوعبها شوارع المدينة، وعدد الناس الذين يعيشون في المنطقة أو ما يعرف بالكثافة السكانية، أما المحور الثالث فهو المناطق المخصصة للتصنيع والقطاعات ذات العائد الاقتصادي التقليدي للمدينة والدولة.
وأشار سموه إلى أن التحدي في تصميم المدن بهذه الطريقة هو أن أساس التصميم كان العائد على الاستثمار من مردود اقتصادي تقليدي، وفي المقابل نرى اليوم دراسات تنصح بإعادة تصميم المدن لتواكب العصر اللي نعيشه.
وقال سموه: «بعض التحديات في التصميم الحالي هي أن نسبة مواقف السيارات من إجمالي الأراضي في مراكز المدن تفوق 20% والتكلفة لهذه الأراضي في مدينة مثل دبي تعادل أكثر من 50 مليار درهم».
وأكد سموه أن التحدي الثاني في التصميم الحالي للمدن هو تأثير هذه التصاميم على الأفراد في المجتمع من ناحية عدم التلاحم والترابط المجتمعي، مشيرا إلى أنه في المستقبل سيتم تصميم المدن على تجربة الإنسان كبديل في المحاور الثلاثة التي كانت أساس التصميم التقليدي للمدن، سيكون التحول في تصميم المدن لتوفير أفضل جودة حياة للأفراد وجذب المواهب والتركيز على توفير 80% من احتياجات الأفراد في محيط أقل من 20 دقيقة من التنقل».
التنقل في المستقبل
وأوضح سمو ولي عهد دبي أن «التحول الثاني يتمثل في طريقة تنقلنا في المدن، فالتنقل هو من أهم ركائز جودة الحياة في المدن وسهولة الوصول من نقطة إلى أخرى لها تأثير على سعادة الناس، ويشير مؤشر (Moovit) للنقل العام أن متوسط الوقت الذي يأخذه الشخص للتنقل داخل مدينة من مكان سكنه إلى عمله هو 60 دقيقة في اليوم وقد يصل إلى أكثر من ساعتين في بعض المدن».
وأكد سموه أن الازدحام وصعوبة التنقل يسببان انخفاضاً في معدل السعادة لدى الناس مشيرا إلى أن جامعة «ويست أوف إنغلاند» وجدت أن كل 20 دقيقة إضافية من التنقل تتسبب بانخفاض معدلات سعادة الأفراد بشكل يشبه انخفاض راتبه ب19%.
وقال سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم: «لحل مشكلة الازدحام وتأخر أفراد المجتمع في وسائل التنقل في المدن، ستركز مدن المستقبل على ابتكار مسارات جديدة في الجو وتحت الأرض ونرى هذا في مشاريع مثل الهايبرلوب «Hyperloop» ومشروع التكسي الطائر لهيئة الطرق والمواصلات في دبي وشركة Boring Company وغيرها، فإذا حولنا 5% من وسائل النقل في المدن من وسائل نقل تقليدية الى ذاتية القيادة سيخفض هذا مستوى الازدحام بنسبة 40%».
وأضاف سموه: «في هذا السياق هناك استثمارات عالمية في مجال النقل ذاتي القيادة تفوق 80 مليار دولار خلال الـ4 سنوات الماضية فقط، لكن التحدي يكمن في وضع بنية تحتية تُمَكِنْ النظم ذاتية القيادة من العمل، مؤكداً سموه أن على المدن الاستثمار في تطوير بنيتها التحتية وأن تدمج المهندسين العاملين في تطوير الطرق والبنية التحتية مع الشركات التي تعمل في هذه المجالات المستقبلية».
وقال سموه: «إذا كانت البنية التحتية للمدن ذكية والسيارات فيها ذاتية القيادة ستكون المدينة بمثابة شبكةٍ تعمل لإيصال الفرد من مكان إلى آخر في أسرع وقت وبأفضل طريقة».
وأضاف سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم أن التحول الثاني يتمثل إيصال الفرد من نقطة إلى أخرى بأسرع وقت ممكن وبأعلى مستويات السلامة والكفاءة.
طرق العيش في المدن
وقال سموه إن التحول الثالث هو تحول في طريقة عيشنا في المدن نتيجة لتزايد دور الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي والواقع المعزز في حياة الأفراد، فإذا كانت الكهرباء عصب المدن في القرن ال20 والتي مكنت من ظهور الآلات وأتمتة الجهد البشري في الثورة الصناعية الثانية فإن «الكهرباء الجديدة» لمدن القرن 21 هو الذكاء الاصطناعي.
وأكد سموه أن الذكاء الاصطناعي وثورة البيانات التي ستنشأ عن تطبيقات إنترنت الأشياء وأنظمة التنقل ذاتية القيادة ستجعل المدن أكثر تواصلاً وأمناً وذكاءً وإنتاجيةً، مشيرا إلى أنه من المتوقع أن يزيد عدد أجهزة إنترنت الأشياء 22 ضعفاً عن الأعداد الحالية ليصل إلى 500 مليار جهاز عام 2050، أي أكثر من 50 جهازاً ذكياُ لكل شخص على وجه الأرض.
وأشار سموه إلى أن هذه الزيادة ستحدث ثورةً في إنتاج البيانات التي تعتمد عليها تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بشكل رئيسي، مؤكدا أنه بفضل الذكاء الاصطناعي ستحتاج مدن المستقبل موارد مالية وبشرية أقل لضمان الأمن والسلامة باستباقية وفعالية، ما يعني انخفاضاً في معدلات الجريمة.
وقال سمو ولي عهد دبي: «بفضل الذكاء الاصطناعي ستصبح مدننا أكثر ذكاء عن طريق توفير حلول وخدمات مفصلة من القطاعين الحكومي والخاص حسب احتياجات كل فرد، وسيقوم الواقع الافتراضي والواقع المعزز بدمج العالم الواقعي والافتراضي لتحسين حياتنا».
موارد المستقبل
وأكد سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم أن التحول الرابع سيكون في طريقة استغلالنا للموارد في المدن، فإذا كانت التكنولوجيا تغير أسلوب حياتنا داخل المدن فهي ستغير طريقة استهلاكنا للموارد لتصبح أكثر كفاءة وصديقة للبيئة، مشيرا سموه إلى أنه في مجال الطاقة ستتحول بيوت مدن المستقبل إلى محطات مصغرة لإنتاج الطاقة الكهربائية وسيصبح كل إنسان مستهلكا ومنتجا للطاقة في نفس الوقت، وسيستطيع أن يزود الشبكة الكهربائية بفائض إنتاجه منها.
وقال سموه إن هذا التحول لم يكن ليقع دون 3 عوامل رئيسية تتمثل في انخفاض تكلفة وسائل إنتاج الطاقة النظيفة مقارنة بالمصادر التقليدية والتي تتطور بمفهوم قانون Moore الذي يثبت أن التكنولوجيا تتطور كل سنتين وتنخفض تكلفتها مع تحسن أدائها، مشيرا إلى أنه في سنة 2018، كان سعر إنتاج الوات الواحد من الكهرباء من الألواح الشمسية ربع دولار تقريباً فيما يتوقع الخبراء أن نسبة الطاقة المنتجة من الألواح الشمسية تزيد بنسبة 16 ضعفاً عن ما كانت عليه عام 2016 بحلول عام 2040.
وأضاف سموه: «أعتقد أن ما يثير حماسي في موضوع مستقبل الطاقة هو ظهور الألواح الشمسية الشفافة، في المستقبل ستكون كل نافذة في كل المباني والسيارات منتجة للطاقة بفضل هذه التقنية».
وأشار سموه إلى أن العامل الثاني المؤثر في محور طريقة استغلال الموارد في المدن، يتمثل في زيادة كفاءة وفعالية القدرة الاستيعابية لتخزين الطاقة وسكون كل بيت قادر على تخزين الطاقة التي يحتاجها خلال 24 ساعة، وأن العامل الثالث هو توفر الشبكة الذكية لتوزيع الطاقة القادرة على توقع احتياجات الطاقة بدقة عالية من خلال البيانات التحليلية وتوزيع الطاقة بكفاءة عالية وتبادلها بين الوحدات السكنية.
وأكد سموه أن هذه العوامل الثلاثة ستكون سببا في تحول جذري في طريقة إنتاج وتوزيع الطاقة في المدن، من نظام مركزي إلى نظام لا مركزي مترابط، وبالتالي سيصبح دور هيئات وشركات إنتاج الكهرباء بمثابة منصات لتبادل الطاقة تركز على حوكمة هذا السوق، كما ستلعب تكنولوجيا البلوك تشين دورا رئيسيا لتمكين التبادل داخل هذا النظام اللامركزي.
وقال سموه: «إذا كانت الطاقة عنصرا مهما في استهلاك الموارد داخل المدن فإن توفير الغذاء عنصر آخر لا يقل أهمية، فبحلول عام 2050 سيتضاعف عدد سكان العالم ليصبح أكثر من 9 مليارات نسمة وسينتقل أكثر من ملياري شخص من الريف للعيش في المدن».
وأضاف سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم أن هذا النمو سيحتم علينا زيادة حجم إنتاج الغذاء العالمي بنسبة 70% في الدول المتقدمة و100% في الدول النامية لتلبية احتياجات السكان من الغذاء، فهناك تحد عالميٍ يكمن في محدودية توفر المساحات الزراعية الحالية لمواكبة الطلب المتزايد على الغذاء.
وقال سموه: هناك أيضا تحد في نمو إنتاجية المحاصيل الزراعية التي لا تواكب وتيرة النمو السكاني بشكل عام وتزايد الهجرة نحو المدن بشكل خاص، وستلعب مدن المستقبل دوراً رئيسياً في المساهمة بحل هذا التحدي، وأتوقع أن تكون المزارع الأفقية داخل المدن أحد الحلول المحورية لمضاعفة المساحة المزروعة وإنتاجية المحاصيل بكفاءة عالية في استخدام المياه والطاقة.
وأشار إلى أن معظم احتياجات سكان المدن من الغذاء سيتم إنتاجها داخل المدينة حسب الطلب وفي الوقت المناسب، وبالتالي ستصبح المدن سلة غذائنا.
مفهوم جديد للتنافسية
وأكد سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم أن التحول الخامس يتمثل في تغير مفهوم تنافسية المدن وكيف ستنافس على المستوى العالمي، مشيرا إلى أن مدن المستقبل العالمية ستكون بمثابة منصات مفتوحة لتواصل العقول وتطوير الأفكار والابتكار.
وقال سموه: «معظم الابتكارات التي شكلت تاريخ البشرية كان مركزها مدن أو تكتلات سكانية مهمة، فمنطقتنا كانت تصدر العلم لجميع حضارات العالم في زمن بيت الحكمة بسبب العقول اللي كانت تجتمع فيها، وفي عصر الثورة الصناعية الرابعة وتحول الاقتصادات إلى اقتصادات معرفية، ستلعب جاذبية المدن للمواهب والكفاءات دوراً أكبر في تدفق رؤوس الأموال التي ستخلق بدورها مجالات اقتصادية ووظائف جديدة».
وأشار ولي عهد دبي إلى مثال بسيط يتمثل في أن 132 ألف موظف (أو موهبة) في شركة Apple يخلقون قيمة مضافة تعادل نحو 90 مليار دولار سنويا، مؤكدا أن هذه الشركة لو كانت دولة فسيتعدى ناتجها الإجمالي الخام دولة مثل كينيا التي يعيش فيها 49 مليون نسمة، ويمثل حوالي 25% من الناتج الإجمالي لدولة مثل نيجيريا ذات 190 مليون نسمة».
وقال سموه إن تنافسية المدن لا تقتصر على جودة بيئة الأعمال والبنية التحتية التي أصبحت من المسلمات، بل تتركز في مجال استقطاب العقول والمواهب التي تتشكل الميزة التنافسية الرئيسية للمدن، ولجذب هذه العقول والمواهب لا بد من التسامح والتعايش الذي كان ولا يزال وسيبقى أساس رخاء المجتمعات وازدهارها مهما اختلف الزمان والمكان ودرجة نضوج الحضارات، فلولا ثقافة التسامح والتعايش التي وصفت بها قرطبة لما كانت منارة للعلم والحضارة في وقت كانت أوروبا تغوص في ظلمات الجهل والتطرف.
وأضاف سموه لولا انفتاح وادي السيليكون على قبول ثقافات متعددة لما استطاع استقطاب أفضل العقول من الهند والصين والعالم العربي ومن شتى بقاع العالم لبناء مركز لتكنولوجيا المستقبل، فقوة مجتمعات مدن المستقبل قائمة على التعايش والتسامح.
وقال ولي عهد دبي: «أذكر هنا كذلك مدينة دبي كمثال ونموذج للتسامح والتعايش الذي يؤسس لمستقبل أفضل، مدينة تضم أكثر من 200 جنسية تعيش بسلام وأمان، فهي بمثابة العالم في مدينة، ويبقى هذا توجهنا نحو المستقبل»
اقتصاد مدن المستقبل
وأكد سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم أن التحول السادس هو تحول في اقتصادات المدن، مشيرا إلى أنه أن استقطاب الكفاءات والمواهب يخلق التقدم الهائل في التكنولوجيا فرصا لازدهار قطاعات اقتصادية ووظائف جديدة تمثل أساس ثروة مدن المستقبل.
وقال سموه: «مع استمرارية وجود المجالات الاقتصادية التقليدية تبرز أهمية المدن العالمية في المستقبل في تميزها بشكل أكبر في ثلاثة قطاعات اقتصادية مؤثرة هي: اقتصاد البيانات، الاقتصاد التشاركي والاقتصاد الدائري».
وأضاف ولي عهد دبي: «يمثل اقتصاد البيانات مورداً اقتصادياً جديداً للمدن يتعدى اقتصاد النفط والمعادن، فقيمة اقتصاد البيانات بدول الاتحاد الأوروبي فقط تقدر ب 350 مليار دولار، ويعادل ذلك إنتاج ما يقارب 19 مليون برميل من البترول الخام يوميا أو تقريبا 60% من إنتاج دول منظمة أوبك، وتكون مدن المستقبل بمثابة آبار بيانات ما تنتهي».
وتابع سموه: «من منظور آخر تمكننا التكنولوجيا من خلق نوع جديد من الاقتصاد وهو الاقتصاد التشاركي، هذا الاقتصاد سيغير مفهومنا لاستهلاك المنتجات والخدمات ويمكن التشارك في استغلال الأصول من خفض تكلفة التشغيل، وبالتالي تقل أهمية امتلاك الأشياء والمنتجات المعمرة واستبدالها بمنصات مشتركة كما هو الحال في منصات التنقل مثل Uber وكريم وAir B and B».
وأكد سموه أن مدن المستقبل ستكون منصات تشاركية فعالة في استغلال الأصول ومن المتوقع أن تبلغ قيمة هذا النوع من الاقتصاد عالميا 335 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2025، مشيرا إلى أن تحدي التغير المناخي يمثل فرصة لازدهار نوع آخر من الاقتصاد وهو الاقتصاد الدائري، حيث تعتبر المدن جزء رئيسي من زيادة أثر التغير المناخي وفي نفس الوقت مفتاح حل لهذا التحدي.
وقال سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم: «يمكن الاقتصاد الدائري مدن المستقبل من مواجهة تحدي التغير المناخي عن طريق الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية واستهلاك الطاقة، ويمثل مجالاً خصباً للابتكار وخلق الثروة الاقتصادية وكذلك محدد رئيسي لتحسين مناخ وجودة الحياة داخل المدن».
وأشار سموه إلى أن مساهمة الاقتصاد الدائري في زيادة إنتاجية استغلال الموارد في أوروبا تقدر ب3% بحلول عام 2030، ويمثل هذا الرقم توفيراً في التكلفة بقدر 600 مليار يورو و1.8 ترليون يورو في منافع اقتصادية أخرى.
الحوكمة والتشريع
وقال سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم إن التحول السابع والأخير، تحول في الحوكمة، تحول في التشريع والعمل الحكومي، فلا يمكن تمكين نموذج حياة مستقبلي داخل المدن دون حوكمة وقيادة مرنة، مشيرا سموه إلى أن دور قيادة المدن يتغير من توفير حلول وخدمات للسكان إلى تمكين تصميم هذه الحلول بالشراكة مع القطاع الخاص والمجتمع.
وأضاف سموه: «من خلال منصات الابتكار والعصف الذهني المجتمعي سيتمكن السكان والقطاع الخاص من لعب دور أكبر في تصميم الخدمات التي تناسبهم، وفي ظل ثورة البيانات ودور إنترنت الأشياء داخل المدن، ستصبح المنهجية التقليدية لتصميم وصنع السياسات العامة غير مناسبة لمواكبة احتياجات مدن المستقبل، فسرعة التغيير في المحيط الخارجي لا تتناسب مع منهجيات وضعت في القرن ل20، لهذا السبب سيكون صنع السياسات داخل المدن أكثر استباقية وفعالية».
وقال سموه: «سيُمَكِّن استخدام البيانات التحليلية والذكاء الاصطناعي في وضع السياسات من القيام بتنبؤات دقيقة عن تحديات محتملة تؤثر على جودة حياة الناس مثل الازدحام المروري، والكوارث الطبيعية، والتحديات الأمنية، وأيضا قياس أثر سياساتنا بطريقة أفضل».
وأضاف ولي عهد دبي: «ستمكن المنصات المجتمعية للابتكار في تصميم حلول مبتكرة لهذه التحديات، فريادة المدن في المستقبل سترتكز على مدى مرونة تشريعاتها وانفتاحها وجرأتها على استخدام التكنولوجيا والعبقرية المجتمعية في تصميم حلول وخدمات غير تقليدية».
وقال سموه: «المدينة كجسم الإنسان، مدى عمرها الافتراضي رهين بجودة الحياة فيها، جسدها بنيتها التحتية، عقلها المواهب اللي تحتضنها، عصبها بنيتها الرقمية وغذاؤها اقتصادها المتنوع».
وأكد سموه أن المستقبل ليس فقط تكنولوجيا وأجهزة وذكاء اصطناعيا وطاقة متجددة، المستقبل هو الإنسان، وإنسان المستقبل هو نحن اليوم زائد ما نتعلمه كل يوم، وما نضيفه لحياتنا من معرفة وخبرة وعلاقات، ما نضيفه لعقولنا وما نضيفه أيضا لقلوبنا من محبة وتسامح ورحمة، ولا بد أن نسعى باستمرار لتطوير إنسان المستقبل فينا من اليوم.
وقال سموه: إن مستقبلنا ليس مسؤولية جهات حكومية فقط، الجميع شريك في صنع المستقبل .. كل فكرة .. كل مبادرة .. كل إضافة إيجابية يضيفها أي شخص فينا ستؤثر في مستقبلنا جميعا، كل بذرة نضعها اليوم ستكون شجرة في مستقبل مدننا، نحن جميعا شركاء في هذا المستقبل.
واختتم سمو ولي عهد دبي حديثه بالقول إن «الاستعداد للمستقبل ليس مجرد خطة نضعها .. الاستعداد للمستقبل هو عقلية نتبناها .. وثقافة عمل في جميع مناحي حياتنا .. أتمنى لكم يوما جميلا … ومستقبلا يحمل لكم كل خير»