في الفترة الماضية، ظهرت عدة تقارير وتحليلات في الغرب تناقش، من زوايا شتى، قضية محددة هي علاقة جماعة الإخوان المسلمين مع إيران والقوى الشيعية الموالية لها في المنطقة عموما.
من بين هذه التحليلات، توقفت مطولا عند تحليل كتبه دبلوماسي إيطالي سابق معروف هو ماركو كارنيلوس. ما كتبه يعتبر بمثابة تحذير من تطور خطير قادم، من وجهة نظره.
الفكرة الجوهرية التي يطرحها أن الأوضاع والتطورات في المنطقة يمكن أن تقود إلى ما يعتبر أنه «تطور درامي صادم» يمكن أن يهز التوازن الإقليمي يتمثل في قيام تحالف بين جماعة الإخوان المسلمين و«الإسلام السياسي الشيعي» أي النظام الإيراني والقوى والجماعات الشيعية العميلة له في المنطقة. ويشرح تفصيلا الأسباب والدواعي التي تدفعه إلى توقع قيام مثل هذا التحالف.
يقول إنه على الرغم من أن الإخوان وجماعات وقوى «الإسلام السياسي الشيعي» كانت خلال السنوات السبع الماضية تقفان على طرفي نقيض في سوريا مثلا، فإن طبيعة المواجهة والصراع حاليا في المنطقة يمكن أن تحولهما إلى حلفاء.
ويوضح أكثر. يقول إن الفترة الماضية شهدت من جانب هزيمة الإخوان في مصر وقيام عديد من الدول، وخصوصا بعض دول الخليج العربية باعتبار الجماعة إرهابية. هذا من جانب، ومن جانب آخر شهدت المنطقة في الوقت نفسه تصاعد المواقف ضد إيران وفرض العقوبات عليها.
في ظل هذا الوضع، في رأي الدبلوماسي الإيطالي، فإن الجانبين يمكن أن تجمع بينهما مقولة «عدو عدوي صديقي».
بعبارة أخرى، الحادث في رأيه أن إيران وجماعة الإخوان معا، أصبح ينظر إليهما على أنهما يمثلان تهديدا وجوديا وخطرا داهما يجب مواجهته من جانب عديد من الدول العربية. وهذا الأمر يمكن أن يقود إلى «زواج مصالح» بين الإخوان وإيران والقوى الشيعية التابعة لها.
ويلفت الدبلوماسي الإيطالي النظر إلى أن العلاقة بين الإخوان وجماعات الإسلام السياسي الشيعي ليست جديدة بل هي ممتدة منذ عقود. يشير مثلا إلى أن المرشد الإيراني خامنئي قام بترجمة بعض أعمال سيد قطب إلى الفارسية، وأن أفكار قطب لعبت دورا مهما في وعي رجال الدين في إيران في فترة ما قبل الثورة. كما يشير مثلا إلى أن آية الله محمد باقر الصدر حين أسس «حزب الدعوة الإسلامي» كان متأثرا بشدة بأفكار سيد قطب.
بالإضافة إلى هذه الروابط القديمة، يقول الكاتب إن الإخوان والإسلام السياسي الشيعي لديهما بشكل عام رؤية مشتركة فيما يتعلق بدور الإسلام في المجتمع.
إذن من وجهة نظره أن احتمالات قيام هذا التحالف قوية. ويعتبر أن هذا التحالف إذا قام على أرض الواقع فسيكون تطورا غير مسبوق، ويمكن أن يغير قواعد اللعبة. كما يعتبر أنه من الصعب تصور حجم التهديد الذي سيمثله تحالف وزواج المصالح هذا حين تتم ترجمته بشكل عملي سياسيا، وفي شكل أعمال عسكرية على الأرض.
وفي رأي الدبلوماسي الإيطالي كاتب التحليل أن أمريكا وحلفاءها في المنطقة يتجاهلون احتمال قيام هذا التحالف ولا يأخذونه بجدية. وفي الوقت نفسه، فإن إيران وتركيا من الممكن أن يتحمسا فعليا لقيام هذا التحالف ويعتبران أنه سيخدم مصالحهما في المنطقة.
الكاتب حين طرح احتمال قيام هذا التحالف تجاهل بُعدا آخر، هو قطر ودورها في هذا السياق.
معروف هنا بالطبع أن قطر أكبر من يحتضن جماعة الإخوان وأكبر من دعمها في كل أعمالها الإرهابية في مصر والدول العربية. وقطر في الوقت نفسه تتحالف مع إيران ومع تركيا على حساب الدول العربية ومصالحها. ولهذا، أي نقاش لاحتمالات قيام هذا التحالف، فإن دور قطر سيكون أساسيا ومحوريا.
بغض النظر عن أي آراء فيما يتعلق باحتمال التحالف بين الإخوان وإيران وعملائها في المنطقة على نحو ما طرحه الدبلوماسي الإيطالي، فإن هذا الاحتمال يجب أخذه بجدية تامة.
المنطقة مقبلة على تطورات عاصفة، وتشهد محاولات من كل جانب لإعادة بناء توازنات القوى والنفوذ لا أحد يعلم كيف ستمضي وما الذي يمكن أن تسفر عنه. في وضع مثل هذا، لا يمكن استبعاد قيام هذا التحالف بكل ما يترتب على ذلك.