نون – أ ف ب
انهارت العلاقة الحساسة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وأجهزة الاستخبارات بشكل يتعذر إصلاحه وهذا تحذير خطير ينذر بدخول البلاد في أزمة بسبب حرب محتملة بين الطرفين، وفق ما قال ضباط سابقون في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سي. آي. إيه» أمس الأربعاء.
وبعد أسبوع على هجوم ترامب على مسؤولي الأجهزة الذي وصفهم بـ«الساذجين» ودعوتهم إلى «العودة إلى مقاعد الدراسة» لأنه ناقضوا آراءه بشأن إيران وكوريا الشمالية، قال هؤلاء الضباط إن «الانشقاق بين الجهتين أصبح ينطوي على مخاطر كبرى».
ورأى جورج بيب المدير السابق لقسم التحليلات الخاصة بروسيا في الـ«سي. آي. إيه»، أنه «عندما تكون هناك هذه الحرب المفتوحة، فإنها يمكن أن تؤثر على الأحكام المتعلقة بالسياسات».
وأوضح أنه عندما تريد أجهزة الاستخبارات أن تبلغ الرئيس تحذيراً بشأن أزمة وشيكة، يكون الوضع أن «أول فكرة تدور في رأسه هي أنهم يقومون بلعبة ما ليحاولوا أن يتسببوا لي بمشكلة».
وأضاف: «إذا وجهت أجهزة الاستخبارات تحذيراً لكن متلقّي ذلك التحذير لا يصغون له ويتجاهلونه، فعلاً، فإن النتيجة لا تختلف عن عدم وجود أي تحذير».
وكان بيب وضباط سابقون في الوكالة، يتحدثون حول طاولة مستديرة في «مركز المصلحة الوطنية» وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، في أعقاب الخلاف العلني الأخير بين ترامب ومسؤولي الاستخبارات.
وتقرير مسؤولي الاستخبارات السنوي بعنوان «تقييم التهديد العالمي» الذي قدموه للكونغرس في 29 يناير /كانون الأول يناقض تصريحات ترامب عن هزيمة تنظيم داعش الإرهابي، وبأن كوريا الشمالية ستتخلى عن أسلحتها النووية، وطهران تسعى فعلياً لتطوير أسلحة نووية.
ورد ترامب مهاجماً هؤلاء المسؤولين. وقال إنهم «مخطئون، قبل أن يستدعي مدير الاستخبارات الوطنية دان كوتس، ومديرة وكالة الاستخبارات المركزية جينا هاسبل، إلى مكتبه على خلفية المسألة».
وكتب ترامب في تغريدة: «يبدو أن جماعة الاستخبارات لا يتفاعلون كما يجب وسذج عندما يتعلق الأمر بمخاطر إيران. إنهم مخطئون»!
وأضاف: «على رجال الاستخبارات ربما أن يعودوا إلى مقاعد الدراسة».
يذكر أن ترامب على خلاف مع أجهزة الاستخبارات منذ تقريرها العلني عقب فوزه في انتخابات نوفمبر /تشرين الثاني 2016، الذي ذكر إن «روسيا تدخلت في الانتخابات لمصلحته».
ووصف ترامب التقرير بـ«المسيس» وبـ«الأخبار المضللة»، ثم أيد في وقت لاحق تأكيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعدم وجود تدخل.
وقال المساعد السابق لمدير التحليلات في الـ«سي.آي.إيه» مارك لوينتال إن «العديد من الرؤساء فقدوا الود لنا مع مرور الوقت».
وأضاف: «لكن العلاقة مع ترامب مختلفة. لم يكن لدينا أبداً رئيس يؤيد زعيماً أجنبياً، ناهيك عن كونه الرئيس الروسي، ويقول إنه يصدق ذلك الرئيس الأجنبي، ولا يصدق الاستخبارات الأمريكية».
وقال لوينتال إن عدم ثقة ترامب «أضعفت كثيراً» محللي الاستخبارات وأثرت على الأرجح على أحكامهم.
قال جورج بيلار الأستاذ في جامعة جورج تاون الذي أمضى 28 عاماً في وكالة الاستخبارات المركزية، إن «تحديد السياسات الأمريكية حق للرئيس»، لكنه أوضح أن ترامب يحتاج إلى معلومات أجهزة الاستخبارات من أجل سياساته.
وأضاف بيلار: «يبدو أن أكبر المخاوف تتعلق بمقاومة ترامب بشكل عام لتقبل معلومات جديدة، إن كان خطياً أو شفهياً، وبالتالي التغلب على جهله بشأن الكثير من أحداث العالم».
وأردف: «لم يُختبر فعلياً في أزمة دولية حقيقية».
وتابع أن «مسألة أخرى تشكل مصدر قلق هي أن يتم تجاهل معلومات الاستخبارات والنظر إليها بعين الشك، وهذا من شأنه إعاقة رد فعال وآمن لأزمة أيا تكن».