مازلنا بصحبة الفيلسوف العظيم ابن خلدون الذى تحدث فى كل العلوم، واليوم له مساهمة فعالة فى علم التربية والذى لم يكن معروفاً كعلم أكاديمى مستقل مثل اليوم، وقد عملت دراسات كثيرة حول فكره التربوى، ويمكن إجمال أفكاره التربوية فى التالى: أن العلم ينقسم إلى علمين: علم نقلى وعلم عقلى. والتدرج فى التعليم، والبدء بالمحسوسات والتدرج حتى الملموسات، يكون تعليم الصبى بداية بعض سور القرآن الكريم وبعض الأشعار حتى تقوى ملكة الحفظ.
وكثير من الكتاب الغربيين وصفوا تقديم ابن خلدون للتاريخ بأنه أول تقديم لا دينى للتأريخ، وهو له تقدير كبير عندهم.
ربما تكون ترجمة حياة ابن خلدون من أكثر ترجمات شخصيات التاريخ الإسلامى توثيقاً بسبب المؤلف الذى وضعه ابن خلدون ليؤرخ لحياته وتجاربه ودعاه التعريف بابن خلدون ورحلته شرقاً وغرباً، تحدث ابن خلدون فى هذا الكتاب عن الكثير من تفاصيل حياته المهنية فى مجال السياسة والتأليف والرحلات، ولكنه لم يضمنها كثيرا تفاصيل حياته الشخصية والعائلية.
وكان ابن خلدون دبلوماسياً حكيماً أيضاً. وقد أرسل فى أكثر من وظيفة دبلوماسية لحل النزاعات بين زعماء الدول: مثلاً، عينه السلطان محمد بن الأحمر سفيراً له إلى أمير قشتالة للتوصل لعقد صلح بينهما وكان صديقاً مقرباً لوزيره لسان الدين ابن الخطيب.
كان وزيراً لدى أبى عبدالله الحفصى سلطان بجاية، وكان مقرباً من السلطان أبى عنان المرينى قبل أن يسعى بينهما الوشاة.
وبعد ذلك بأعوام استعان به أهل دمشق لطلب الأمان من الحاكم المغولى القاسى تيمورلنك، وتم اللقاء بينهما.
وصف ابن خلدون اللقاء فى مذكراته.
إذ يصف ما رآه من طباع الطاغية، ووحشيته فى التعامل مع المدن التى يفتحها، ويقدم تقييماً متميزاً لكل ما شاهد فى رسالة خطها لملك المغرب.
الخصال الإسلامية لشخصية ابن خلدون، أسلوبه الحكيم فى التعامل مع تيمور لنك مثلاً، وذكاؤه وكرمه، وغيرها من الصفات التى أدت فى نهاية المطاف لنجاته من هذه المحنة، تجعل من التعريف عملاً متميزاً عن غيره من نصوص أدب المذكرات العربية والعالمية. فنحن نرى هنا الملامح الإسلامية لعالم كبير واجه المحن بصبر وشجاعة وذكاء ولباقة. ويعتبر ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع،
وساهم فى الدعوة للسلطان أبى حمو الزيانى سلطان تلمسان بين القبائل بعد سقوط بجاية فى يد سلطان قسنطينة أبى العباس الحفصى وأرسل أخاه يحيى بن خلدون ليكون وزيراً لدى أبى حمو.
توفى فى مصر عام 1406 م، ودفن فى مقابر الصوفية عند باب النصر شمال القاهرة وقبره غير معروف.
والدار التى ولد بها كائنة بنهج تربة الباى عدد 34 بتونس العاصمة بالمدينة العتيقة.
وللحديث بقية..
رئيس حزب الوفد