مرات ومرات يُلدغ رواد شبكات التواصل الاجتماعي من باب الخصوصية، التي لا يمكن صونها بالمطلق، وإن أوهمت تلك التطبيقات مستخدميها بحرصها على خصوصيتهم.
وتعيد قضية الابتزاز التي تعرضت لها نساء سعوديات، وفق ما كشف خبير تقني سعودي، قضية الخصوصية “الوهمية” على تطبيق سناب شات الشهير، ومدى وعي المستخدمين لكيفية عمل التطبيقات وكيفية اختراقها وتجاوز خصوصيتها، إلى الواجهة.
وخلال فترة تقل عن شهر (من 27 يوليو/تموز الماضي إلى 20 أغسطس/آب الماضي)، حصر الباحث الأمني السعودي، محمد السريعي، 17 قضية ابتزاز بمختلف مناطق المملكة العربية السعودية، عن طريق استخدام فتيات لبرنامج “سناب شات”، بحفظ مقاطعهن، وإعادة إرسالها إلى شباب؛ انتقاماً منهن.
وبات تطبيق التواصل الاجتماعي “سناب شات”، هاجساً لدى المستخدمين العرب؛ لاحتوائه على تطبيق رسائل مصورة، يمكّن المستخدمين من التقاط الصور، وتسجيل مقاطع، وإضافة نص ورسومات، وإرسالها إلى المتلقين.
– زخم خليجي باستخدام التطبيق
وكانت دراسة بريطانية قد أكدت أن أكثر العرب استخداماً لتطبيق سناب شات هم السعوديون، وهم في المرتبة الثانية عالمياً بعد الإيرلنديين، وتكمن خطورة الموقف في الفئة العمرية، حيث أكدت الدراسة أن غالبية المستخدمين في المملكة تتراوح أعمارهم ما بين 16 و20 سنة.
كما أكدت الدراسة أن الإماراتيين في المرتبة الثانية عربياً والسادسة عالمية.
ويشار إلى أن المملكة في المركز العاشر عالمياً من حيث استخدام تطبيق واتساب، بأعمار تترواح بين 16 سنة و50 سنة، وهو تطبيق للخصوصية فيه قصة أخرى.
– آلية عمل خادعة
تكمن المشكلة الرئيسية مع تطبيق سناب شات تحديداً، في آلية عمله “الخادعة”، التي تخلق حالة من “الطمأنينة” للمستخدمين، إذ تقوم فكرة التطبيق على إرسال الصور أو مقاطع الفيديو القصيرة للمتلقي، تُعرض له مدة 1 – 10 ثوان، تُحذف بعدها بشكل نهائي من جهاز المستلم، كما تحذف من الخوادم الخاصة لسناب شات أيضاً (بحسب إعلان الشركة)، وهو ما يجعل المستخدمين يسترسلون بنشر صور ذات خصوصية وحساسية عالية.
هذه المهلة الزمنية القصيرة (10 ثوان) لمشاهدة الصورة أو المقطع المصور، يمنح المستخدم “ثقة” بعدم انتشار الصورة أو المقطع لغير المتلقي، لكن هل هذه الثقة بمكانها؟
الواقع أن منصات استعراض تطبيقات الهواتف الذكية ومتاجرها، مليئة بالتطبيقات التي تعمل على انتهاك خصوصية المستخدمين، كتلك التي تمنح “المتلصصين” إمكانية حفظ الصور والمقاطع المصورة القصيرة الخاصة بسناب شات أثناء المهلة الزمنية التي لا تتجاوز 10 ثوان.
– وهْم الخصوصية
ويرى الخبير الكويتي في أمن المعلومات، عبد الله العلي، أن تطبيق سناب شات من أسوأ التطبيقات من ناحية الحفاظ على خصوصية المستخدمين، مشيراً إلى أنه تعرض للاختراق عدة مرات، ووصل من خلالها القراصنة والهاكرز لكل أرقام هواتف المستخدمين، كما تم اختراق تطبيقات مرتبطة به كموقع SnapSaved.com الذي يحفظ الصور المرسلة والمستقبلة، وتم تسريب ونشر 200GB من الصور الخاصة بالمستخدمين.
وأشار العلي في تدوينة على مدونته “سايبركوف”، المتخصصة بتكنولوجيا المعلومات، إلى أن التطبيق حصل على تقييم ضعيف جداً (نجمة واحدة فقط) في تقييمات منظمة الـEFF الخاصة بالخصوصية بسنة 2014.
وذكر أن لجنة التجارة الاتحادية FTC أخضعت شركة سناب شات للرقابة مدة 20 سنة بسبب كذبها حول سياسة الخصوصية، وإيهام الناس أن صورهم تحذف بشكل دائم، وكان هذا مخالفاً للحقيقة.
ولفت إلى انتشار تطبيقات كثيرة تحفظ الصور وتخدع المستخدم المرسل للرسائل أن صوره تم حذفها، مثل SnapKeep وSnapBox وSnapSpy وغيرها.
وهي الحقائق التي أكدها الباحث الأمني السعودي، محمد السريعي، الذي أشار إلى أن بعض الفتيات يُرسلن صوراً خاصة لأشخاص آخرين، مطمئنات إلى أن الصور سوف تُمسح تلقائياً خلال عشر ثوان من فتحها بواسطة الميزة التي يُتيحها “سناب شات”، وأن البرنامج يُصدر تحذيرات للمرسل عند محاولة الشخص الآخر الاحتفاظ بالصورة، في حين أن هناك بعض البرامج تحفظ الصور دون أن يشعر المرسل.
وقال: إن “من يعتقدون في عدم إمكانية حفظ الصور والفيديو من “سناب شات” مخطئون، وعليهم الإقلاع عن هذه الفكرة، إذ لا شيء مستحيلاً في هذا العصر”.
لا شك- أخيراً- أن ما حُصر من عدد اللواتي كُشف عن تعرضهن لابتزاز لسن فعلياً سوى عدد قليل من مراهقات ومراهقين كثر، تلاحقهم “صورة” أو “تسجيل مصور قصير” لم يُرَ لحظة تسجيله بالشيء الكبير، فيما سيبقى دهراً يحبس صاحبته أو صاحبه خلف قضبان الخوف من انتشاره الهائل بين الناس.