غير مصنف

الأقصى وكارثة التقسيم.. هل يتّجه الاحتلال لقوننة الأمر؟

من يتابع الشأن المقدسي والتصعيدات التي يقودها الاحتلال الإسرائيلي في المسجد الأقصى منذ منتصف أغسطس/ آب الماضي، لا بد أنه قد لاحظ بدء التقسيم الزماني فعلياً للمسجد بين المسلمين والمستوطنين، بحكم الأمر الواقع، إلى جانب اتخاذ جملة من الإجراءات، وإطلاق تصريحات وتلميحات تشير إلى احتمال وارد لبداية نسج غطاء قانوني لتقسيمه.

وهنا تطرح التساؤلات هل ستتحوّل إجراءات التضييق المستمرة منذ أكثر من شهر إلى قوانين تفرض على الفلسطينيين وتمنعهم من دخول المسجد، أو تسمح لهم بذلك وفقاً لشروط الاحتلال التي من المؤكد ستهدف لضمان عدم حصول مواجهات بين المصلّين والمرابطين وبين شرطة الاحتلال والمستوطنين.

ومن المؤشرات الدالة على نيّة الاحتلال الإسرائيلي تغيير الوضع القانوني القائم في المسجد الأقصى هو التصريح الأخير لوزير الأمن الداخلي، جلعاد أردان، ففي تعليقه على مجريات الأحداث وصف الأحداث بأنها “خطيرة وتستدعي إعادة النظر في الترتيبات المتبعة في المسجد”، وأضاف أنه “لا يمكن السماح لمشاغبين مسلمين (في إشارة إلى الشبان والمرابطين والمصلين) بأن يحوّلوا المكان المقدس لمسرح قتال”.

وفي هذا السياق، يرى مراقبون أن تصريح وزير الأمن الداخلي يحمل دلالات خطيرة، فبوصف أردان المرابطين والمصلين بالـ”مشاغبين المسلمين”، يعطي شرعية لعقابهم بحسب القانون، واعتباره أنهم حوّلوا المسجد “لساحة قتال” هي لهجة جديدة تحمل بين رموزها نيّة “لوقف القتال” بإجراءات قانونية صارمة.

وعليه، من المتوقع أن تستهدف حزمة قوانين الاحتلال القادمة المرابطين، وحراس المسجد الأقصى والزوّار، إلى جانب الشبان المشاركين في المواجهات والتصدي لاقتحامات المستوطنين. فبحسب ما اطّلع عليه “الخليج أونلاين” بصحيفة “هآرتس” العبرية، فإن رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، دعا لاجتماع طارئ من أجل مناقشة تسريع سن قانون “راشقي الحجارة” وتحديد التشريعات المناسبة لفرضه.

ويأتي هذا التسريع في الإجراءات بعد مرور عام تقريباً على اقتراح القانون من قبل الكنيست الإسرائيلي، والذي تبعه نقاشات بين محكمة الاحتلال العليا والنيابة العامة، هدفت لتحديد حد أدنى لعقوبة رشق الحجارة، التي غالباً ما ستشمل عقوبتها السجن الفعلي من 10- 20 عاماً، والاعتقال الإداري، بحسب ما ورد في إذاعة “صوت إسرائيل”.

حظر الرباط

وإلى جانب فرض عقوبة رادعة للشبان المشاركين في المواجهات، سوف يسعى الاحتلال لتفريغ المسجد الأقصى من المرابطين، وذلك باعتبارهم “تنظيماً محظوراً”، ومنعهم من دخوله أو تحديد فترة بقائهم بداخله. فبحسب ما ورد في تقرير سابق خلال الشهر الماضي منع عشرات المرابطين والمرابطات من دخول المسجد، واستخرجت أوامر إبعاد طويلة الأمد بحق آخرين.

وفي هذا السياق صرّح نائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني، كمال الخطيب، بأن ملاحقة الاحتلال للمرابطين “لم تعد سراً”، وأضاف أنه لا يمكن اعتبار المرابطين حركة أو تنظيماً يمكن حظره قانونياً، لأن المرابط هو “كل مسلم ومسلمة تصل المسجد الأقصى”، ومن ثم يتوقع الخطيب أن التضييق على المرابطين سوف “يشكل ردة فعل عكسية تزيد من الالتحام والتواصل والحشد في ساحات المسجد الأقصى”.

التضييق على الزيارة

كما يحصل منذ شهر وأكثر، من المتوقع استمرار التضييق على زيارة المسجد الأقصى أو حتى منع دخوله على الإطلاق قبل ساعات الظهيرة أو حتى في أوقات الأعياد اليهودية. لكن من المحتمل أن يعمل الاحتلال تدريجياً على سن قانون يفرض على الزوّار والمصلّين رهن بطاقة الهوية مقابل الدخول للمسجد لفترة زمنية محدودة.

ومثلما يعلم كل مطّلع على حال أهل القدس، فإن موضوع بطاقة الهوية يعتبر حساساً للغاية بالنسبة لهم، فهي البطاقة الوحيدة التي تضمن إقامتهم في مدينتهم، وفقدانها أو سحبها يعني الترحيل للضفة الغربية أو خارج البلاد. وعليه، فإن فرض تسليم الهوية للشرطة قبل الدخول يهدف لترهيب المصلّين والزوار وثني الشباب عن المشاركة بالمواجهات خوفاً من طردهم من المدينة.

يذكر أن نيّة الاحتلال بتقسيم المسجد الأقصى ليست أمراً جديداً، بل هو مقترح مقدّم بشكل رسمي لكنيست الاحتلال منذ عام 2012. فبحسب مؤسسة القدس الدولية، قدّم عضو الكنيست السابق آرييه إلداد هذا المقترح منذ 3 أعوام، وتبّنته فيما بعد ميري ريغيف وزيرة حالية في حكومة نتنياهو.

وبحسب ورقة تقدير الموقف التي نشرتها المؤسسة، تعليقاً على الأحداث الجارية، فإن أحد السيناريوهات المرجحة هو ترسيخ الواقع الحالي والاستمرار بتحقيق مكاسبه فيما يتعلق بتقسيم المسجد الأقصى زمانياً بدون إحداث ضجة، وذلك لتفادي التداعيات السياسية التي ستنجم عن إعلان التقسيم بشكل صريح.

أخبار ذات صلة

Back to top button