نون والقلم

مجدي حلمي يكتب: الشفافية الدولية.. والرقابة الإدارية

الفساد أصبح آفة الدول فى العالم كله، هذا ما كشف عنه تقرير منظمة الشفافية الدولية الذى صدر منذ أيام حول معدلات الفساد فى 185 دولة حول العالم، والمؤشر كشف تراجع أغلب دول العالم فى مكافحة الفساد وهو ما يؤكد أن التعاون الدولى فى مواجهة هذه الآفة فى أضعف حلقاته.

ورغم تقدم مصر فى التقرير من 132 إلى 105 بالتساوى مع الجزائر وأرمنيا وبمعدل 3 نقاط، إلا أن التقرير أرجع التقدم للدور المتميز للرقابة الإدارية فى مكافحه الفساد.

والتقرير أشار إلى أن سبب تراجع الحرب على الفساد فى منطقة الشرق الأوسط وأصبح متفشياً ومترسخاً فى منطقة ثبت فيها أن أى محاولة لإرساء الديمقراطية باتت كالمهمة المستحيلة، ولا تزال فيها الحريات المدنية تقبع تحت الرقابة الحكومية.

ويقول التقرير: يبقى الفساد السياسى تحدياً مفصلياً، وذلك على الرغم من سعى عدة حكومات فى المنطقة إلى وضع مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية فى صدارة أولوياتها الوطنية.

ويشير التقرير إلى سبب انتشار الفساد إلى وجود أطراف متورطة فى الفساد تبذل قصارى جهدها لإحباط هذه التدابير، وهى تتمتع للأسف بتأثير كبير على القادة السياسيين.

ويقول: من بين أهم ركائز الممارسات الديمقراطية التى يُمكن الاستناد إليها لضمان نزاهة الحكومات هى وجود منظومة الضوابط والتوازنات، إلا أن هذه المنظومة فى معظم بلدان المنطقة تتسم إما بالهشاشة أو غير موجودة أصلاً.

ويشير إلى أنه لطالما تمكن أفراد من ذوى النفوذ من ممارسة تأثيرهم على السياسات الحكومية فى عدة حكومات عربية ومن اختلاس المال العام وممتلكات الدولة واستغلالها لمصلحتهم الخاصة ولتزداد ثروتهم على حساب المواطنين.

وأدى ذلك إلى تقزيم جهود مكافحة الفساد لتبقى مجرد حبر على ورق، حيث يتم سن القوانين فعلاً ولكنها نادراً ما تُنفذ أو تُترجم إلى ممارسات على أرض الواقع.

فالتقرير يؤكد أن الديمقراطية والحرية والشفافية هما الأساس الوحيد لحرب ناجحة ضد الفساد وتوفير مليارات الدولارات على الدول

ويقول التقرير: تحسن درجات المغرب ومصر بثلاث نقاط لكل منهما، حيث سجلتا تباعاً 43 و35 درجة.

وعلى الرغم من ذلك، يبقى تأثير هذا التحسّن على حياة مواطنى البلدين محتشماً.

ولا يزال الطريق طويلاً أمام البلدين، ويعترف التقرير بدور هيئة الرقابة الإدارية التى وصفها بأنها الجهة الأساسية المُكلفة بالتحقيق فى قضايا الفساد، وتعمل على إرجاع بعض أملاك الدولة المسروقة واعتماد استراتيجية مكافحة الفساد لأربع سنوات.

فالتقرير طالب بلدان المنطقة بعدة اجراءات ضرورية لمواجهة الفساد، ومنها ضمان الحريات السياسية، مع فسح مجال أكبر للمساءلة وتعزيز حماية المبلغين عن الفساد ومراجعة القوانين الانتخابية لضمان قوة البرلمانات ونجاعتها، مع التركيز بشكل خاص على شفافية تمويل الحملات السياسية، وتحقيق استقلالية المؤسسات الرقابية والقضائية للمساعدة على إعادة بناء الثقة بين المواطنين والدول، وتطبيق وتفعيل قوانين حق الحصول على المعلومات.

ما جاء فى التقرير السنوى للمنظمة الدولية يعد خارطة طريق لأى دولة لديها رغبة حقيقية فى مواجهة الفساد والحد منه إلى أدنى درجة أسوة بالدول التى احتلت قمة المؤشر الدولى لمكافحة الفساد.

وصدور التقرير جاء مع إعلان المملكة العربية السعودية عن نتائج حملتها ضد الفساد ويكفى الرقم الذى حصلته من هذه الحملة والذى بلغ اكثر من 100 مليار دولار وهو رقم ضخم.. فهذه الحملة الناجحة نتمنى أن نراها فى دول أخرى فى منطقتنا العربية.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى