بعد هدوء حذر ساد ساحات القتال على الجبهة الجنوبية في محافظتي درعا والقنيطرة، استمر عدة أسابيع، أعلنت جبهة ثوار سوريا بدء معركة جديدة تحت عنوان “وبشر الصابرين”، تهدف إلى فتح الطريق بين ريف القنيطرة الشمالي وريف دمشق الغربي، وصولاً إلى بيت جن في ريف دمشق لفك الحصار المفروض عليها من قبل قوات النظام منذ عدة أشهر.
أوضح الناشط الإعلامي أبو محمد الجولاني، أن المعركة في سبيل تحقيق هدفها في فك الحصار عن منطقة بيت جن وما حولها، ستعمل على تحرير سرية طرنجة وتل أحمر والـUN والحمرية التي تتبع للواء 90 المتمركز في المنطقة، مشيراً إلى أن المعارك التي انطلقت في أول أيام عيد الأضحى المبارك، حققت حتى اليوم العديد من أهدافها، واستطاعت تكبيد قوات النظام خسائر كبيرة بالأرواح والعتاد، وتحقيق تقدم ملموس في بعض المواقع المستهدفة.
وقال الجولاني: “إن جبهة ثوار سوريا تنضوي تحت قيادة الجبهة الجنوبية للجيش الحر، ويتركز عملها في محافظة القنيطرة”، لافتاً إلى أنها “أسهمت إلى جانب الفصائل الأخرى في تحرير عدة مواقع في محافظتي درعا والقنيطرة، وتعمل الآن على تحرير عدد من المواقع الاستراتيجية الأخرى”.
من جانبه أكد أبو الهيثم من الجيش الحر أن جبهات القتال في محافظة القنيطرة في الجنوب السوري، تشهد معارك ضارية بين قوات النظام من جهة، وبين قوات وفصائل المعارضة السورية من جهة أخرى، تستخدم فيها كل أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة والمتوسطة، لا سيما في محيط قرى وبلدات طرنجة، وجباتا الخشب، وأوفانيا، والتلول الحمر؛ سقط خلالها عدد من عناصر قوات الأسد واللجان الشعبية بين قتيل وجريح، لافتاً إلى أن الطيران الحربي والمروحي التابع للنظام، أمطر أماكن انتشار الثوار والقرى المحيطة بالصواريخ والبراميل المتفجرة؛ ما تسبب بدمار كبير في منازل المواطنين.
– تشتيت قوات الأسد
من جهته أكد القائد الميداني في الجيش الحر، أبو عبد الله الحوراني، أن فتح معارك جديدة في الجنوب السوري يهدف إلى تشتيت قوات النظام وتخفيف الضغوط عن بعض الجبهات المشتعلة في المحافظات الأخرى، لا سيما في ريف دمشق وحلب والزبداني، التي تقوم قوات النظام بإمطارها بشتى صنوف أسلحة الدمار كالبراميل المتفجرة وصواريخ أرض -أرض؛ ما أدى إلى دمار كبير في المباني والأملاك الخاصة للمواطنين، لافتاً إلى حالة الإحباط التي يعيشها المواطنون في الجنوب السوري نتيجة الحصار الشديد المفروض عليهم، والذي تعزز بعد توقف معركة عاصفة الجنوب، التي لم تحقق كامل أهدافها داخل مدينة درعا؛ بسبب ضعف التنسيق، وعدم توفر الأسلحة المضادة للطائرات، والتدخلات الخارجية التي كان لها الأثر الكبير في توقف المعارك، بعد مضي أكثر من شهرين على بدئها كما قال.
– تصفية حسابات
على صعيد آخر، وتزامناً مع توقف المعارك على جبهات درعا، شهدت مناطق المحافظة المختلفة عمليات اغتيال عديدة، راح ضحيتها عدد من القادة الميدانيين وبعض الإعلاميين.
ولفت الناشط الإعلامي أبو البراء الحوراني، إلى أن هذه الأعمال تدخل في إطار تصفية الحسابات بين الفصائل المتصارعة على النفوذ، والتي يغذيها أزلام النظام وأعوانه المتسترين داخل تلك الفصائل؛ بهدف دب الفرقة وإشعال الفتنة بين قيادات المعارضة؛ لجرهم إلى معارك جانبية تخفف الضغط عن قوات النظام، مشيراً إلى أن تصفية الحسابات والصراع على مراكز النفوذ أمر وارد ومتوقع في مثل هذه الظروف، لكن الأمر سابق لأوانه، ما دام العدو الأكبر للثورة النظام وأعوانه لم يسقط بعد، على حد قوله.
وعبر عن اعتقاده بأن توقف المعارك في درعا سيؤدي إلى رحيل كثير من الكتائب والفصائل إلى محافظات أخرى؛ لمواصلة القتال على جبهاتها، لافتاً إلى أن عدة فصائل انضمت إلى جيوش وألوية أكبر منها لتحقيق هذه الغاية، كان آخرها انضمام فصيلين إلى جيش الإسلام العامل في ريف دمشق.
– ظروف إنسانية صعبة
وعلى الصعيد الإنساني لا تزال المنطقة الجنوبية، درعا والقنيطرة، تعيش ظروفاً صعبة بسبب الحصار المفروض عليها منذ عدة أشهر، إذ تشهد تضييقاً كبيراً على حركة المواطنين وتنقلاتهم، ولا سيما على الحواجز التابعة للنظام، حيث يتم اعتقال العديد من المواطنين عليها، وخاصة النساء وكبار السن أقرباء المطلوبين، والذين تضطرهم ظروف المرض وعدم توفر الأجهزة الطبية في المناطق المحررة إلى السفر إلى المدن الخاضعة لسلطة النظام بغية العلاج.
ويشير عبد الرحمن العدنان الذي يعاني من فشل كلوي إلى أنه تم توقيفه على أحد الحواجز لساعات طويلة، عندما ذهب إلى دمشق من أجل غسل الكلى، وكاد أن يموت لولا العناية الإلهية، لافتاً إلى أن المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة تفتقر لمعظم الأجهزة الطبية، ومنها أجهزة غسل الكلية وأجهزة التصوير الطبقي المحوري؛ ما يضطر المرضى إلى السفر إلى دمشق لإجراء تلك الفحوص والطرق كلها محفوفة بالمخاطر.
إلى ذلك، لا تزال المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة بلا كهرباء منذ عدة أشهر، إضافة إلى شح كبير بمياه الشرب، في حين تفتقر المناطق إلى كثير من الأدوية الضرورية والسلع، في ظل عجز كبير عن تأمينها بسبب قلتها وارتفاع أسعارها نتيجة الحصار والطرق الطويلة التي يسلكها التجار لتأمينها.
ويشير المواطن خالد الموسى إلى أنه بسبب عدم توفر المياه يضطر إلى شراء صهريج ماء كل أسبوع، بنحو أربعة آلاف ليرة سورية ويكفيه فقط لخمسة أيام.لافتاً إلى أن إنفاقه على الماء فقط يتجاوز العشرين ألف ليرة سورية شهرياً، داعياً الجهات المانحة والمنظمات الإنسانية إلى دعم بعض المناطق المحررة بالأموال والمعدات الخاصة بتأمين مياه الشرب للمواطنين.
ولفت إلى أن المياه في مصادرها متوفرة، لكن لا يمكن إيصالها بالصنابير إلى المواطنين؛ لعدم وجود الطاقة الكهربائية والوقود لتشغيل محطات ضخ المياه.