هذا المؤتمر أمره غريب فعلا ويحار المرءُ فيه، أعني المؤتمر الذي أعلنت أمريكا عقده الشهر القادم في وارسو لمناقشة قضايا المنطقة.
كان وزير الخارجية الأمريكي بومبيو هو أول من أعلن هذا المؤتمر، وقال وقتها إن «قمة عالمية» سوف تعقد في وارسو، وأن الهدف الأساسي منها هو مواجهة الإرهاب الإيراني وتقويضها لأمن واستقرار المنطقة. وأضاف أن «الهدف من المؤتمر هو دفع إيران إلى التصرف كدولة طبيعية، وذلك لخلق الاستقرار وتهيئة فرص السلام في الشرق الأوسط».
ومنذ أن أعلن بومبيو المؤتمر أُثيرت بالفعل تساؤلات كثيرة حوله، وحول معنى عقده. تساءل الكثيرون مثلا: ما الذي يستدعي عقد المؤتمر؟.. ما الجديد الذي يمكن أن يضيفه بالنسبة إلى إيران والموقف منها؟.. ما هي أهدافه بالضبط وما الذي يمكن أن ينتج عنه تحديدا؟
والذي حدث أن إعلان المؤتمر بهذا الشكل أثار ردود فعل رسمية عدة في العالم كان أبرزها إعلان روسيا أنها ليست معنية به ولن تحضره، وإعلان الدول الأوروبية أيضا تحفظاتها الصريحة على عقده.
نتيجة ردود الفعل هذه فيما يبدو، أصبح المسؤولون الأمريكيون يتحدثون عن المؤتمر بلهجة مختلفة تماما.
قالوا إن المؤتمر ليس «قمة»، لكنه «مؤتمر وزاري». والأهم من هذا أعلنوا أن المؤتمر ليس موجها ضد إيران، بل إن إيران ليست أصلا بندا مستقلا على أجندة المؤتمر وإن كان من الطبيعي أن تناقش بشكل عام في إطار مناقشة قضايا الاستقرار في المنطقة.
وقبل يومين، تحدث مسؤولون أمريكيون وبولنديون في مؤتمر صحفي عبر الهاتف تم تنظيمه في بروكسل بشيء من التفصيل عن المؤتمر وما سيناقشه.
قالوا إن المؤتمر سوف يعقد تحت عنوان «من أجل التشجيع على مستقبل سلام وأمن في الشرق الأوسط»، وأنه ليس مخصصا لإيران، وإنما سيناقش في جلساته عددا من القضايا والأزمات في المنطقة والتعامل الدولي معها. من هذه القضايا: تطوير الصواريخ، والتهديدات السيبرانية، والإرهاب والتمويل غير المشروع له، وحقوق الإنسان واللاجئين وقضايا أخرى. وأيضا ستكون هناك نقاشات حول قضايا سوريا واليمن.
أما عن النتائج المتوقعة للمؤتمر، فقد كشف مسؤول أمريكي كبير أن النتيجة الأساسية أنه سوف يتم تأسيس مجموعات عمل للمتابعة تناقش القضايا التي سيبحثها المؤتمر وستلتقي في دول مختلفة بعد المؤتمر، وهدفها هو الدفع إلى الأمام بمبادرات محددة.
على الرغم من هذه التوضيحات، تظل التساؤلات المحيرة مطروحة حول المؤتمر. فبحسب كل ما قيل، ليس واضحا أبدا أي جدوى عملية محددة لعقد المؤتمر، ولا لمجموعات العمل هذه التي من المفروض أن تنتج عنه.
هذا اللهم إلا إذا كانت هناك أهداف غامضة لا نعرفها من وراء عقد هذا المؤتمر.