نون والقلم

المستشار بهاء ابوشقة يكتب: ابن خلدون

مازلنا فى صحبة الفلاسفة الكبار الذين أدوا أدوارًا فاعلة فى المجتمع وغيروا بفكرهم التاريخ على وجه الأرض ومن هؤلاء الفيلسوف ابن خلدون وهو عبد الرحمن بن محمد ابن خلدون أبو زيد، ولى الدين الحضرمى الإشبيلى، ولد فى تونس وشب فيها وتخرّج من جامعة الزيتونة، وليَ الكتابة والوساطة بين الملوك فى بلاد المغرب والأندلس.

وانتقل ابن خلدون إلى مصر حيث قلده السلطان برقوق قضاء المالكية، ثم استقال من منصبه وانقطع إلى التدريس والتصنيف فكانت مصنفاته من أهم المصادر للفكر العالمى من أشهرها كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر فى معرفة أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوى السلطان الأكبر. وهو مؤسس علم الاجتماع.

حياته

ولد ابن خلدون فى تونس بالدار الكائنة بنهج تربة الباى رقم 34. أسرة ابن خلدون أسرة علم وأدب، فقد حفظ القرآن الكريم فى طفولته، وكان أبوه هو معلمه الأول، شغل أجداده فى الأندلس وتونس مناصب سياسية ودينية مهمة وكانوا أهل جاه ونفوذ، نزح أهله من الأندلس فى منتصف القرن السابع الهجرى، وتوجهوا إلى تونس، وكان قدوم عائلته إلى تونس خلال حكم دولة الحفصيين. يتعقب ابن خلدون أصوله إلى حضرموت وكان اسمه العائلى الحضرمى وذكر فى موسوعته كتاب العبر المعروفة باسم « تاريخ ابن خلدون » أنه من سلالة الصحابى وائل بن حجر وأنّ أجداده من حضرموت.

ورحل ابن خلدون بعلمه إلى مدينة بسكرة حيث تزوج هناك، ثم توجه عام 1356 إلى فاس حيث ضمّه أبو عنان المرينى إلى مجلسه العلمى واستعمله ليتولى الكتابة مؤرخًا لعهده وما به من أحداث، و قُدّر لابن خلدون رحيلٌ آخر عام 1363 ميلادى إلى غرناطة و من ثمّ إلى إشبيلية ليعود بعد ذلك لبلاد المغرب، فوصل إلى قلعة ابن سلامة (مدينة تيارت الجزائرية حاليًا) فأقام بها أربعة أعوام و شرع فى تأليف كتاب العبر و أكمل كتابته بتونس ثم رفع نسخة من كتابه لسلطان تونس، ملحقا أيّاها بطلب الرحيل إلى أرض الحجاز لأداء فريضة الحج، ووجد ابن خلدون سفينة تستعد للعودة إلى الإسكندرية فركبها و توجه إلى القاهرة حيث قضى بقية حياته، و تولى هناك القضاء المالكى بمصر بوصفه فقيهًا متميزًا خاصة أنه سليل المدرسة الزيتونية العريقة. وكان فى طفولته قد درس بمسجد القبة الموجود قرب منزله سالف الذكر المسمى «سيد القبة». توفّى ابن خلدون فى القاهرة ومن بين أساتذته الفقيه الزيتونى الإمام ابن عرفة حيث درس بجامع الزيتونة المعمور ومنارة العلوم بالعالم الإسلامى آنذاك.

يعتبر ابن خلدون مؤسّس علم الاجتماع وأوّل من وضعه على أسسه الحديثة، وقد توصل إلى نظريّات باهرة فى هذا العلم حول قوانين العمران ونظرية العصبية، وبناء الدولة وأطوار عمارها وسقوطها. وقد سبقت آراؤه ونظرياته ما توصّل إليه لاحقًا بعدّة قرون عدد من مشاهير العلماء كالعالم الفرنسى أوجست كونت.

عدد المؤرخين لابن خلدون عددا من المصنفات فى التاريخ والحساب والمنطق غير أن من أشهر كتبه كتاب بعنوان: العبر وديوان المبتدأ والخبر فى أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوى السلطان الأكبر، وهو يقع فى سبعة مجلدات وأولها المقدمة وهى المشهورة أيضا بمقدمة ابن خلدون، وتشغل من هذا الكتاب ثلثه، وهى عبارة عن مدخل موسع لهذا الكتاب وفيها يتحدث ابن خلدون ويؤصل لآرائه فى الجغرافيا والعمران والفلك وأحوال البشر وطبائعهم والمؤثرات التى تميز بعضهم عن الآخر.

.. وللحديث بقية

رئيس حزب الوفد

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى