الكاتبة الإيرانية الأمريكية كاميليا انتخابي كتبت قبل يومين مقالا بعنوان «لبنان تعرض لخدعة من إيران وأضاع فرصة القمة». المقال يتحدث عن القمة الاقتصادية العربية التي عقدت مؤخرا في لبنان وما جرى فيها وتطرح وجهة نظر تستحق التوقف عندها.
تقول الكاتبة ان اللبنانيين كانوا يعلقون آمالا كبيرة على القمة الاقتصادية بحضور أكبر عدد ممكن من القادة العرب في ان تعزز القمة اقتصادهم المنهار الذي يعاني اشد المعاناة، وتحقيق مكاسب سياسية أيضا في بلد مازال عاجزا عن تشكيل حكومة. لكن كل آمال اللبنانيين تحطمت، وفي النهاية لم يحضر القمة سوى امير قطر ورئيس موريتانيا وقاطعها باقي القادة العرب وتبددت آمال اللبنانيين.
السبب في ذلك في رأيها هو ان يران وأتباعها في لبنان، حزب الله وغيره، تعمدوا العمل في اللحظة الأخيرة على تنفيذ خطة لتغيير أجندة القمة، الأمر الذي استفز الزعماء العرب ودعاهم إلى مقاطعة القمة.
تقول في تفصيل هذا انه قبل يومين من انعقاد القمة، تحدث وزير خارجية لبنان جبران باسيل عن ضرورة إعادة عضوية سوريا إلى الجامعة العربية ووصف إبقاء سوريا خارج الجامعة بأنه «عار تاريخي»، وقال ان القمة الاقتصادية مناسبة لإعادة الرئيس السوري إلى محيطه العربي.
وتقول الكاتبة انه على الرغم من ان الدول العربية ترغب هي نفسها في الوقت الحاضر في عودة سوريا إلى الجامعة «لكن التخطيط لمناقشة هذا الأمر في لبنان، وبتدبير من قبل مؤيدي النظام الإيراني، لم يعجب الزعماء العرب الآخرين الذين لم يرغبوا في إعطاء أي تأييد لمؤيدي النظام الإيراني، بل كان من المفترض أن تناقش هذه القمة فقط الجوانب الاقتصادية والاجتماعية للدول العربية، وليس قضية إعادة بناء سوريا ولا العلاقات مع الأسد». وتضيف الكاتبة: «رد فعل الزعماء العرب الآخرين على هذا الموقف اللبناني تمثل في رفض مشاركتهم في القمة، وكان ذلك في رأيي احتجاجًا ضد رغبة إيران في التأثير على تجمع عربي لصالح بشار الأسد وتخريب أجندة الاجتماع التي من المفترض أن تناقش القضايا الاقتصادية والاجتماعية».
ما تقوله الكاتبة اذن ان إيران وعبر عملائها في لبنان تعمدوا محاولة تخريب القمة الاقتصادية قبل ان تبدأ واستفزوا القادة العرب، وأضاعوا على الشعب اللبناني فرصة كبرى.
الكاتبة تسمي هذا «خدعة إيرانية». لكن الحقيقة ان ما فعلته إيران وعملاؤها اكبر بكثير من مجرد خدعة.. انها جريمة بكل معنى الكلمة في حق لبنان والشعب اللبناني.
القضية معروفة.. القضية في جوهرها ان إيران تقاتل من اجل إبقاء نفوذها وسيطرتها السياسية وغير السياسية في لبنان، وفي العراق أيضا بالطبع، وتعتبر هذا مسألة مصيرية بالنسبة إليها. وإيران في سبيل ذلك مستعدة لأن تفعل أي شيء، ولا يعنيها أبدا من قريب أو بعيد أي مصلحة للبنانيين أو العراقيين.
وأحد اكبر اركان مخطط إيران لابقاء الهيمنة في لبنان والعراق العمل بكل السبل على محاولة ابعاد البلدين عن محيطهما العربي ومحاربة أي محاولة لتوثيق العلاقات مع الدول العربية.
الأمر المهم الآخر في مخطط إيران انها لا تريد أبدا ان يشهد لبنان والعراق أي استقرار دائم، ولا خروج من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تعصف بالبلدين. هي تريد أن يظل البلدان ببساطة في حالة دائمة من الضعف وعدم الاستقرار. في ظل هذا الوضع فقط يمكن للهيمنة الإيرانية ان تستمر.
والكارثة هنا ليست فيما يريده النظام الإيراني وما يخطط له في لبنان أو العراق أو المنطقة بشكل عام. الكارثة ان لإيران عملاء كثيرين مثل حزب الله والمليشيات الطائفية في العراق يدينون لها بالولاء المطلق. هذه القوى العميلة لا يعنيها أبدا أي مصلحة وطنية لبلادهم، ولا علاقة لها بالطبع بالعروبة وروابط بلادها العربية، وهي مستعدة لأن تدمر أي مصلحة وطنية لبلادهم من اجل تنفيذ الأجندة الإيرانية.
في هذا الإطار اذن يمكن فهم ما فعلته إيران وعملاؤها في لبنان الذي توقفت عنده الكاتبة الإيرانية الأمريكية.
والأمر كما نعلم في النهاية انه ليس هناك خلاص للبنان أو العراق والمنطقة كلها من جرائم إيران الا بمواجهة عربية شاملة لهذا النظام الإيراني ووضع حد نهائي لإرهابه ولجرائمه هو والقوى العميلة له.