نون – أبوظبي
في آخر الحلقات التسجيلية من برنامج «أمير الشعراء» الذي تنظمه لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية؛ أجازت لجنة تحكيم البرنامج اثني عشر شاعراً وشاعرة فقط، من أصل الشعراء الذين تقدّموا للاختبار.
وهم: سعد جرجيس ومحمد هاشم السويدي من العراق، رابعة العدوية من الجزائر، دينا الشيخ من السودان، ميار أبو سليمان من مصر، علي حمد الطاهري وشقراء مدخلي من السعودية، أماني الزعيبي من تونس، عبدالسلام حاج من سوريا، نزار أبو ناصر من فلسطين، أحمد الحريشي من المغرب، محمد الأمين جوب من السنغال.
وخلال أحداث الحلقة التي تمّ بثها عبر قناتي الإمارات وبينونة من مسرح «شاطئ الراحة»؛ قابلت لجنة التحكيم بقية الشعراء والشاعرات الذين كانوا قد تأهلوا لمرحلة المائة وخمسين، فألقوا قصائدهم أمام كل من د. علي بن تميم، ود. صلاح فضل، ود. عبدالملك مرتاض، ومن بينهم اختار الأعضاء بقية قائمة الأربعين، ومن شعراء الأمسية من نال الإجازة بالإجماع، ومنهم من نالها بالأغلبية. ومن المرشّحين الأربعين سيتم انتقاء أفضل عشرين شاعراً وشاعرة، ليتم الإعلان عن القائمة عبر مؤتمر صحافي ستشهده أبوظبي يوم الأحد 27 يناير الجاري في تمام الساعة 11 صباحاً بمجلس محمد خلف بمنطقة الكرامة، وذلك قبل موعد انطلاق البث المباشر للحلقة الأولى من البرنامج، والتي ستكون يوم الثلاثاء الموافق 29 يناير، في تمام الساعة العاشرة ليلاً.
قصائدة لافتة
القصيدة التي ألقاها الشاعر الفلسطيني نزار أبو ناصر أعجبت أشاد بها أعضاء لجنة التحكيم، لما فيها من شعر كثير، ولأنها مثّلت خروجاً عن المألوف وعن القصائد التي يلقيها الشعراء عادة في «أمير الشعراء»، فقصيدته جاءت مختلفة بكل ما فيها، وكانت أجمل قصيدة سمعها د. صلاح فضل في المسابقة. فأُجيزت بالإجماع، خاصة وأن لغتها عالية، وموضوعها عن لاعب كرة القدم – محمد صلاح – لم يتطرق إليه أي شاعر على مدار المسابقة.
ومع أن اللجنة كانت تبحث عن الجميل والمختلف من الشعر؛ إلا أنها أبدت اهتماماً بما قدمه الشاعر العراقي سعد جرجيس، فأجازت قصيدته بالإجماع، وهو ما حدث مع الشاعرة السعودرة شقراء مدخلي. فكما قال د. علي بن تميم؛ ربما هي أول شاعرة سعودية تشارك في «أمير الشعراء»، مبدياً إعجابه بما ألقت. في حين أشار د. صلاح فضل إلى أن شقراء موهوبة، وتملك طاقة وقدرة شعريتان جيدتان، مكنتاها من إبداع مجازات لافتة.
أما الشاعرة السودانية دينا الشيخ فقد سبحت في بحر المتنبي، وغارت عليه من النساء، واقتحمت عليه سكينته وموته الهادئ عبر نص متميز حسب تعبير اللجنة.
كما الحال بالنسبة للشاعر المغربي أحمد الحريشي الذي كتب في نصه عن محي الدين ابن عربي؛ الأمر الذي حمل د. عبدالملك مرتاض على منح الحريشي آخر بطاقة ذهبية في هذه المرحلة.
من جانبه ألقى الشاعر السنغالي محمد الأمين جوب نصاً لغته عارمة وقوية وجزلة، رغم أن العربية ليست لغته أصلاً، إنما هو مهتم بها، فقرأها واستزاد منها، وتشرّبها، وتعمّق بقراءة تراثها، كما ثابر على متابعة «أمير الشعراء» منذ انطلاقه، وكل ذلك حمل اللجنة على إجازة قصيدته بالإجماع.
ومسك ختام المقابلات كانت مع الشاعر السوري عبدالسلام حاج الذي قدم نصاً لفت أعضاء اللجنة، فوصفوه بأنه عميق ومنساب تجلّى بأبيات بديعة، ولو قال شطر بيته الأول فقط (دمشق عليها الندى وعليها السلام) لكفاه كي يجاز بالإجماع.
ارتجال صعب
عرضت حلقة امس جانباً من مجريات اختبارات الارتجال التي خضع له شعراء قائمة الأربعين، حيث طلبت منهم اللجنة ارتجال بيتين بقافية واحدة وعلى وزن واحد خلال ثلاثة دقائق، وذلك حول موضوعات محددة تم اختيارها بالقرعة من قبل المشاركين.
ومن بين الموضوعات التي ارتجل عليها الشعراء (الحرية، السلام، الشيخوخة، النخلة، التمر، الشعر، الثقافة، الكبرياء، العقل، القراءة، الأمانة، والعزة)، وغيرها من الموضوعات التي أبدع البعض في كتابة أبيات عنها، كانت مليئة بالصور الشعرية.
آراء الشعراء
في حلقة ليلة أمس تحدث المشاركون عن «أمير الشعراء»، ومما قاله بعضهم أن البرنامج يمنحهم الفرصة للانتشار، ويعيد الرونق للشعر العربي المقفى. وأكد آخرون أن الشعر موقف حضاري من الحياة – مثل ما قال الشاعر نزار قباني -، وهو كذلك غموض هارب من كل تعريف، وانتصار لقيم الحضارة، أما بالنسبة للجنة التحكيم؛ فهي تملك كل أدواتها التي تمكّنها من اختيار النصوص الأفضل.
تحديات التحكيم
أشار أعضاء لجنة التحكيم إلى أن الموسم الثامن ومنذ الإعلان عنه؛ شهد مشاركة أكثر من 1200 مترشّح، وهو عدد كبير، مما استدعى قراءة جميع النصوص التي وردت إليهم، ومن هؤلاء رشّحوا الأفضل.
ووصف د. عبدالملك مرتاض أن مستوى الموسم منذ بدايته كان نوعياً إلى حدٍّ كبير، من حيث جودة وكفاءة وتنوّع ما ألقاه أكثر الشعراء، إلى جانب وجود أصوات نسائية مميزة شاركت بقصائد قوية، وكل ذلك وضع اللجنة أمام تحدٍّ كبير، خاصة وأن التنافس كان حاداً ومحتدماً بين أصحاب التجارب المهمة، لكن النقد كان الفيصل في النهاية، بصرامته وموضوعيته أيضاً. في حين اعتبر د. علي بن تميم أن الموسم الثامن يعتمد على ما عززته المواسم الفائتة من البرنامج الحاضن للشعر العربي وللشعرية العربية.