نون والقلم

المستشار بهاء ابو شقة يكتب: ابن رشد

نواصل الحديث عن الفلاسفة والعلماء الذين غيروا وجه التاريخ على الأرض ومن هؤلاء «ابن ر شد» وهو أبوالوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد (520 هـ- 595 هـ) يسميه الأوروبيون Averroes واشتهر باسم ابن رشد الحفيد 6 (مواليد 14 أبريل 1126م، قرطبة – توفى 10 ديسمبر 1198م، مراكش) هو فيلسوف وطبيب وفقيه وقاض وفلكى وفيزيائى عربى مسلم أندلسى.

نشأ فى أسرة من أكثر الأسر وجاهة فى الأندلس التى عرفت بالمذهب المالكى، حفظ موطأ الإمام مالك، وديوان المتنبى. ودرس الفقه على المذهب المالكى والعقيدة على المذهب الأشعرى. يعد ابن رشد من أهم فلاسفة الإسلام. دافع عن الفلسفة وصحح للعلماء وفلاسفة سابقين له كابن سينا والفارابى فهم بعض نظريات أفلاطون وأرسطو. قدمه ابن طفيل لأبى يعقوب خليفة الموحدين فعينه طبيبًا له ثم قاضيًا فى قرطبة.

تولّى ابن رشد منصب القضاء فى أشبيلية، وأقبل على تفسير آثار أرسطو، تلبية لرغبة الخليفة الموحدى أبى يعقوب يوسف، تعرض ابن رشد فى آخر حياته لمحنة حيث اتهمه علماء الأندلس والمعارضون له بالكفر والإلحاد ثم أبعده أبويوسف يعقوب إلى مراكش وتوفى فيها (1198 م) نشأ ابن رشد وسط أسرة أندلسية بارزة مارست الفتوى والزعامة الفقهية، فجده المشهور باسم ابن رشد الجد، للتمييز بينه وبين حفيده الفيلسوف، كان شيخ المالكية وقاضى الجماعة وإمام جامع قرطبة، كما كان جده من كبار مستشارى أمراء الدولة المرابطية. أما والده فهو أبوالقاسم أحمد بن أبى الوليد، الذى كان فقيها له مجلس يدرس فيه فى جامع قرطبة، وله تفسير للقرآن فى أسفار، وشرحٌ على سنن النسائى وتولى القضاء فى قرطبة عام 532 هـ، بينما كان ابنه ابن رشد آنذاك فى الثانية عشرة من عمره. فترك أبوالقاسم القضاء لينقطع إلى التدريس والتأليف، فى الفقه والتفسير والحديث، إلى أن توفى سنة 563 هـ عندما كان ابنه فى أوج نشاطه الفلسفى. فعايش ابن رشد الحفيد فى شبابه أواخر العصر المرابطى، وتميز ذلك العصر بسلطة الفقهاء على الفكر والثقافة والمجتمع والسياسة.

ودرس ابن رشد الفقه على يدى الفقيه الحافظ أبى محمد بن رزق، واستظهر كتاب الموطأ حفظا للأمام مالك على يدى أبيه الفقيه أبى القاسم، ودرس، أيضا، على أيدى الفقيه أبى مروان عبد الملك بن مسرة، والفقيه ابن بشكوال وأبى بكر بن سمحون، وأبى جعفر بن عبد العزيز، الذى أجاز له أن يفتى فى الفقه مع الفقيه أبى عبدالله المازرى. كما درس على يد أبى جعفر هارون، وأبى مروان بن جبرول من بلنسية.

وتولى القضاء عام 1169م فى إشبيلية ثم فى قرطبة. وحين استقال ابن طفيل من طبابة الخليفة اقترح اسم ابن رشد ليخلفه فى منصبه، فاستدعاه الخليفة الموحدى أبويعقوب يوسف إلى مراكش سنة 578هـ وجعله طبيبه الخاص، وقربه منه وقضى فى مراكش زهاء عشر سنوات. وكان الخليفة أبويعقوب يستعين بابن رشد إذا احتاج الأمر للقيام بمهام رسمية عديدة، ولأجلها طاف فى رحلات متتابعة فى مختلف أصقاع المغرب؛ فتنقَّل بين مراكش وإشبيلية وقرطبة، ثم ولاَّه منصب قاضى الجماعة فى قرطبة ثم فى إشبيلية، فلما مات أبويعقوب يوسف وخلفه ابنه المنصور الموحدى زادت مكانة ابن رشد فى عهده ورفعة وقرَّبه إليه، ولكن كاد له بعض المقرَّبين من الأمير، فأمر الأمير بنفيه وتلامذته إلى قرية اليسانة التى كان أغلب سكانها من اليهود، وأحرق كتبه، وأصدر منشورًا إلى المسلمين كافة ينهاهم عن قراءة كتب الفلسفة، أو التفكير فى الاهتمام بها، وهَدَّد مَنْ يُخَالِف أمره بالعقوبة. وبقى بتلك القرية لمدة سنتين، وبعد تأكد السلطان من بطلان التهمة السياسية التى كانت وراء تلك النكبة عفا عنه واستدعاه من جديد إلى مراكش وأكرم مثواه كأحد كبار رجال الدولة.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى