نون لايت

حنان أبوالضياء تكتب: كانت تريد الستر

«نفسي في الستر» … تفوهت بجملتها المعتادة كلما اختلت الي نفسها وتعاملت مع ذاتها علي انها انسانة …. بتلك الكلمات كانت تصالح نفسها ، وتعيد عهدا قطعته عليها ولم تف به ابدا….

في كل ليلة كانت تعود فيها من مهمتها مع الخيوط الاولي من الشمس وهي تجر قدميها وتتواري من رؤية وجهها عبر نصف المرآه المتبقية من تسريحة قديمة اشترتها من سوق الجمعة ….. كانت تكره رؤية تلك المرأة التي تسكن جسدها وجعلتها سلعة رديئة يشتريها ببضع جنيهات ؛من يؤمن أن النساء يتسويا جميعا عندما تغلق الانوار، فوجهها الدميم الذي تخفي جحوظ عينيه ، وتورم شفتيه ، وضخامة أنفه ، بأسوأ أنواع الميكياج؛ فتتحول الى عروس من الحلوي أصيبت بوابل من الامطار ؟ فلم يعد هناك حدودا بين ملامحها. أما جسدها فأنك لن تعرف له طول أو عرض؛ لكونه مستديرا كانه كرة ضخمة من المطاط ، كلما لمست الارض قفزت الي اعلي محدثة صوتا بشبشبها ذو الكعب العالي الذي تحرص دائما علي ارتدائه.

مازالت تذكر أول مرة أنكرت نفسها ، عندما تمددت الي جواره واسلمت روحها قبل جسدها الي جارها ، بدون وعدا ولا عهد… فعلت هذا لتروي ظمأ جسدها الذي رفضه الجميع ، وطردته زوجة أبيها الي الشارع بلا مأوي … عاشت مع جارها مقابل اطعامها ثلاثه اشهر ، ثم قذف بها إلى زميله في المصنع عندما قرر الزواج .

ولكونها كرة مطاطية تقاذفتها الأرجل وأصبحت مهنتها النزول إلى المباراة ليقذف بها في النهاية خارج المنزل ؛ومعها بضع جنيهات….

في كل يوم بعد إستيقاظها في منتصف النهار كانت تجدد الوعد ، وفي المساء تخلفه..كل من عرفتهم ذو رائحة واحدة يختلط فيها التراب بالعرق.

في احد الليالي قبل أن تغمض عينيها ، سألت نفسها متي يجئ الستر ؟؟ وكيف سيجدها ؟؟ …. في اليوم التالي استيقظت مبكرة ، في صباح لم تراه منذ أعوام كثيره جعلها تنكره ، عندما تفتحت عليه عيونها وقررت تحقيق الحلم بقليل من الجنيهات التي لا تخشاه ولا تخاف منها كانت تخفيها منذ اعوام ، اعطاه لها ابيها لتشتري فستانا ورحل …. اشترت حلمها ، ووضعته داخل لفافة ورقية ضمتها الي صدرها عندما عادت الي بيتها وتمنت مجئ الستر !!

في المساء حاولت جارتها ايقاظها.

 لم تجبها وسقطت إلى جوارها اللفافة التى اشترتها ، فتحتها الجارة ولم تصدق نفسها .. وتساءلت كيف عرفت ؟؟

في المقابر …. كانوا يتساءلون لماذا اشترت كفنها ؟

اجاب رجلا عجوز لم يعرفها من قبل …. إنها كانت تريد الستر.

 

أخبار ذات صلة

Back to top button