نون – أبوظبي
عقدت لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، اليوم الأحد، مؤتمراً صحافياً حول الموسم الأول من «برنامج المنكوس»، وذلك في مجلس محمد خلف بمنطقة الكرامة في أبوظبي، حيث سينطلق البرنامج الأحد القادم .
وتحدث في المؤتمر الصحافي كل من عيسى سيف المزروعي، نائب رئيس لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، وسعيد بن كراز المهيري مدير برنامج المنكوس. وكان ذلك بحضور كل من أعضاء لجنة تحكيم البرنامج الناقد والأكاديمي والإعلامي الدكتور حمود جلوي من الكويت، والشاعر محمد بن مشيط المري من الإمارات، والشاعر والمنشد شايع فارس العيافي من المملكة العربية السعودية، ومقدمة البرنامج الفنانة ريم عبد الله، إلى جانب عدد من المثقفين والشعراء والإعلاميين.
وقال عيسى سيف المزروعي، نائب رئيس لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، أن انطلاق الموسم الأول من برنامج «المنكوس»، يأتي انسجاماً مع رؤية لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، في ترسيخ مكانة أبو ظبي كعاصمة ثقافية عربية وعالمية، حاضنة للإرث الثقافي والحضاري المحلي والعربي، والتعريف بالموروث الشعبي وتعزيز دوره في إبراز عناصر الهوية الوطنية.
وأعرب عن اعتزازه بتزامن انطلاقة هذا البرنامج الفريد «لحن المنكوس» مع حلول عام التسامح الذي يأتي امتداداً لعام زايد، حيث يسلط البرنامج الضوء على صفةٍ أورثنا إياها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، وسمةٍ هي ركيزة كل سلوك إنساني منفتح ومتحضر وإيجابي، وهي سمةُ التسامح، مضيفاً أن البرنامج يحمل رسالة التسامح من الإمارات إلى العالم، من خلال تلحين المفردة الشعرية القريبة إلى القلب، والمعبّرة عنه، والتي تصفُ الشعور الإنساني الموحد أكان في الشرق أو الغرب، وتنبع من عراقة الموروث الثقافي الشعبي في الشعر النبطي، في برنامجٍ تلفزيوني هو الأول من نوعه في تركيزه على لحن المنكوس للتعريف به كأحد ألحان الشعر النبطي المفضلة في الأداء لدى كثير من الشعراء، والمحببة لدى جمهور الشعر ومحبيه.
وأكد أن انطلاق البرنامج يأتي استكمالاً للنجاحات التي حققتها اللجنة من خلال برنامجي «شاعر المليون» و«أمير الشعراء» في استقطاب المبدعين واحتضان الشعراء المبدعين وتعريف الجمهور بهم في منطقتنا العربية والعالم بأجمله، مستبشراً من برنامج «المنكوس» كل الخير الذي يثري رؤيتنا الثقافية التراثية، ويعزز دورنا وحضورنا في القطاع الثقافي والشعري والمشهد التراثي، فقد اجتذب البرنامج في المراحل التمهيدية أكثر من 300 شاعراً من عدد من الدول العربية لأداء لحن المنكوس، حيث تميزوا بالأداء الصوتي بصورة عكست جودة تجربتهم وقوة حضورهم في الساحة.
وأفاد المزروعي أنه منذ أنّ تمّ الإعلان عن فتح باب الترشح للموسم الأول لبرنامج المنكوس، ما تزال وسائل الإعلام تتابع الحدث، وتنتظر ما سيحققه من انتشار وجماهيرية، مشيراً إلى أن البرنامج يتضمن 10 حلقات، من بينها حلقتان تسجيليتان تلخص تجارب أداء المشـتركين أمام لجنة التحكيم ومراحل تقييمهم وتحديد المتأهلين منهـم إلى حلقات البث المباشـر، وسيكون هناك 8 حلقات مباشرة ستعرض منافسات المشتركين المتأهلين من الحلقات التسجيلية وفق آلية معينة وصولاً إلى الحلقة النهائية التي يعلن فيها صاحب اللقب، فيما سيكون هناك 8 حلقات تسجيلية ترافق الحلقات المباشرة بعنوان «كواليس المنكوس».
ونوه المزروعي إلى أن معايير الاختبار في الحلقات المباشرة ستكون من خلال عدد من الألحان المعروفة إماراتياً وخليجياً للحن المنكوس والتي تم اختيارها من بين العديد من الألحان المتعارف عليها في منطقة الخليج العربي، وسيكون هناك تقييم لجمالية الصوت وقوته وطريقــــة الأداء عبر إتقان اللحن، وقوة الأداء وطول النفس، أما جوائز الفائزين بالمسابقة، فسيمنح البرنامج قيمة مادية للمتسابقين الخمسة الفائزين بالمراتب الأولى، حيث سيحصل الفائز بالمركز الأول على 500 ألف درهم إماراتي، بينما سيحصل الفائز بالمركز الثاني على 300 ألف درهم إماراتي، والثالث على 200 ألف درهم إماراتي، والرابع على 150 ألف درهم إماراتي، والخامس على 100 ألف درهم إماراتي.
وفي الختام قال: كلُّنا أمل في أن يكون هذا البرنامج انعكاساً مبدعاً للنموذج الحضاري الذي تمثله دولة الإمارات على الخارطة الثقافية عالمياً، لاسيما من حيث اهتمامها بالتراث المادي والمعنوي، في سياق احتفائنا بإرث المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، ووصيته لنا بأن نتمسك بموروثنا العريق ونحافظ عليه ونتناقله بين الأجيال وهو القائل، رحمه الله: «لقد ترك لنا الأسلاف من أجدادنا الكثير من التراث الشعبي الذي يحق لنا أن نفخر به ونحافظ عليه ونطوره ليبقى ذخراً لهذا الوطن وللأجيال القادمة».
بدوره قال سعيد بن كراز المهيري، مدير برنامج المنكوس، «إننا في إمارات الريادة نسعى كل يوم إلى تقديم الجديد الفريد والأول من نوعه، هكذا تعلمنا من آبائنا المؤسسين وإرثهم الخالد، وهكذا نتعلم في مدرسة التمكين والريادة، بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة «حفظه الله»، وولي عهده الأمين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة».
وأضاف إننا اليوم، نعلن انطلاقة برنامج المنكوس ونحن في أجواء أعوام زايد والتسامح، مستلهمين منه، طيب الله ثراه، القول الشعري الجميل والأثر الطيب في النفوس، والمكانة الراسخة في كل القلوب، وهو القائل من شعر المنكوس:
أنا ما سعدت بطيب وقتي ولا حسيت
إلا بوجــــودك شفت وقتــــــي ولذّاته
ولك موقع في داخل القلب به حطيت
وحبك ملك قلبــــــــي تحكّم بنبضاته
مؤكداً أن أن البرنامج يأتي كمحطة جديدة فريدة ولكن محورية أيضاً في إطار عمل لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، ضمن مساقات الحفاظ على التراث الثقافي والموروث الشعبي الإماراتي والخليجي والعربي، محطة تعكس ريادة أبو ظبي ومكانتها في الساحة الشعرية وقد احتلت الصدارة في إطلاقها برامج الشعر الجماهيرية في خطوةٍ لا تذكرنا بأسواق الشعر العربية الزاهرة في عكاظ والمربد فحسب، بل تستعيد مكانة الشعر ديواناً للعرب، بشقّيه الفصيح والنبطي.
وأفاد أن البرنامج يسعى إلى ترسيخ مكانة إرثنا الشعري في مخزون التراث المعنوي غير المادي عالمياً، وإحياء إرثنا الشفاهي، فالمنكوس من تفعيلة بحر الطويل، وقد اشتهرت تأديته في مناسباتنا الوطنية والاجتماعية، كما نعمل على إبراز التميز الشعري الإماراتي والخليجي عبر ألحان شعر المنكوس السبعة المتعارف عليها من أصل 28 لحناً متداولاً في منطقة الخليج العربي، وهذا إن دلّ على شيء، فهو يدلُّ على ثراء هذا الفن، وامتداد جذوره في المكان الخليجي وذاكرة إنسانه، كما يدلُّ على الإبداع الفطري والابتكار الخلاق لشعرائنا قديماً وحاضراً، في انعكاس لجماليات القول التي اشتهر بها أجدادنا وحفظها عنهم آباؤنا ليورثونا إياها متناقلةً عبر الأجيال.
وأوضح المهيري أن تسمية المنكوس ترجع إلى طريقة الأداء في الغناء، إذ يبدأ المغني بطبقة صوت مرتفعة تنخفض شيئاً فشيئاً مع الشطر الأول من صدر البيت الشعري لتبلغ أوجها في نهاية هذا الشطر، ثم تعود وتنتكس (تنخفض) بشكل متدرج في الشطر الثاني من البيت.
وأضاف أنه يقال أيضاً أن تسمية «المنكوس» ترجع إلى حركة طائر الورقاء، الذي يستدل البدو من حركته هذه على قدوم فصل الصيف. إذ إن صوت هذا الطائر وتغريده يزداد كلما ارتقى إلى الأعلى، ثم لا يلبث صوته الشجي أن ينخفض كلما انتكس نازلاً نحو سطح الأرض، والدليل على ذلك، ما قاله صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حفظه الله رعاه الله، في قصيدته المعنونة « حي بسلامك يا حسين الدّعايا… اللي لفاني في خطوط ومظاريف»، إلى أن قال:
وما غنّت الورقا بروس العلايا تجر بالألحان في موسم الصيف
تنكّست في عاليات السمايا وتشوّق اللّي هم لأهلهم مناكيف
وأشار المهيري إلى أن البرنامج يجمع في لجنة تحكيمه، القامات العريقة في مجال الشعر النبطي وألحانه وإيقاعاته وأصواته، وهم الناقد والأكاديمي والإعلامي الدكتور حمود جلوي، عضو هيئة التدريس في قسم اللغة العربية بكلية التربية الأساسية، من الكويت، والشاعر محمد بن مشيط المري من الإمارات، والشاعر والمنشد شايع فارس العيافي من المملكة العربية السعودية، وبما يتوفر لدى هذه اللجنة من خبرة ودراية وعلم، مضافاً إليها الحضور المثقف للفنانة ريم عبد الله، في تقديم البرنامج، إلى جانب المعايير العلمية الجادة للتحكيم من جمالية الصوت وقوته، وطريقة وقوة الأداء وإتقان اللحن وطول النفَس، كلُّ هذه العناصر مجتمعةً، تشكّل مصدر قوة البرنامج وتميزه، وتُبشّر بموسم ثقافي حافل بالمواهب والإبداع، فهنيئاً لنا به، إطلالةً حضارية شعرية تحمل إلى العالم، من عاصمة الثقافات أبوظبي، باقة شعر ومحبة، ورسالة سلام وجمال، مكتوبة بحروف الذهب ونبض الشعراء.